يكاد الاهتمام الرسمي المحلي ينحصر بالحديث عن قانون الانتخابات الذي لم يتوصل المعنيون به إلى قواسم مشتركة تسمح بالاعتبار أنه بات على سكة الاعداد أو حتى التحضير له، وذلك في ظل عوامل عديدة ومتشابكة أبرزها الخلافات المسيحية - المسيحية من جهة والسنية - الشيعية من جهة ثانية حول شكله ومضمونه، بحيث يبدو أنّ هناك استحالة بالتوصل إلى قانون جديد للانتخابات والاستعاضة عنه بتسوية انتخابية أو صفقة برلمانية إذا ما جاز التعبير.
وفي وقت تعمل فيه دوائر الصرح البطريركي على إحياء لجنة بكركي المكلفة بصياغة مشروع قانون توافقي مسيحي بحده الادنى، برزت عراقيل جديدة تمثلت بالاصرار القواتي على مشروع قانون الدوائر الصغرى في مقابل تشديد "التيار الوطني الحر" على قانون النسبية، وفي اضعف الايمان القانون الارثوذكسي المرفوض من الثنائية الشيعية ومن غالبية القيادات السنية، بما يشير إلى عدم إمكانية التوصل إلى قاسم مسيحي مشترك، خصوصا مع دخول الرئيس ميشال سليمان على خط القانون المرفوض من قبله ما لم يكن الافضل لجميع الطوائف.
غير أنّ دخول رئيس مجلس النواب على الخط المباشر، من خلال اعتباره أنّ العودة للطائف الذي يحدد بدوره القانون النسبي بدوائره الـ13 تشكل المنطلق الصحيح للقانون العتيد، أعاد خلط الاوراق ودفع بـ"الكتائب" إلى عدم التوقف عند مشروع الحليف "القواتي" من خلال اعادة فتح الابواب على الاحتمالات كافة، لاسيما بعد بروز بذور خلافات داخل القاعدة "القواتية" وقياداتها على خلفية الترشيحات المفترضة، بحيث يشيع العالمون ببواطن الامور أنّ "الكتائب" لن تحظى بحصة تماثل حجمها الافتراضي، وبالتالي فانها تفتح الابواب على التحالفات من جهة وعلى مبدأ النسبية من جهة ثانية.
في الموازاة، يكشف قيادي "مستقبلي" عن استحالة تمرير قانون النسبية مهما كانت الظروف، إلا في حال خسارة الفريق الاذاري المعركة السياسية بشكل قاطع، وهذا ما لا يلوح في الافق بحسب اعتباره. فالنسبية بحد ذاتها أمر غير مقبول في ظل المعادلة الاقليمية الراهنة والصراع العربي المعلوم الذي تختصر مشهده محاولة المحاور المتصارعة السيطرة السياسية على لبنان، وهذا لا يتم الا عبر اكثرية نيابية معروفة الاهواء السياسية، تأتي بحكومتها الداعمة لبعض العرب ولمعظم الغرب.
ويعتبر المستقبلي أنّ قانون النسبية في هذه المرحلة البالغة الحساسية هو أبغض الحلال وفق تعبيره، فهو يعزل الكتل النيابية ويدمجها بشكل لا يتوافق والمرحلة، وبمعنى آخر فان النسبية تسقط مبدأ الكتل المنسجمة على غرار كتلة الشمال او بيروت. كما يمكن ان يؤثر على شكل الاكثرية المفترضة، فسيطرة الثنائية الشيعية في الجنوب والبقاع الشمالي ستأتي بلائحة شبيهة بتلك التي كانت تأتي بها المحادل الانتخابية، وهذا ما لا يمكن تحقيقه لا في الشمال ولا في بيروت ولا في اي دائرة، بحيث يمكن ان تعود السيطرة الكاملة إلى الفريق الشيعي، وهذا ما لا يمكن تحقيقه بالنسبة لسائر الافرقاء نظرا إلى التوزيع الجغرافي والطائفي للمناطق الخاضعة لسيطرة الفريق الاذاري.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك