توالى عدد من المسؤولين الأميركيين على زيارة لبنان في الآونة الأخيرة، بهدف الطلب إلى مسؤوليه الالتزام بالعقوبات المفروضة دولياً على إيران، وتلك المفروضة أميركياً وأوروبياً على سوريا. وآخرهم نائب وزير الخزانة نيل ستيفن وولن، الذي كرّر موقف بلاده حيال هذه المسألة وضرورة تعاون لبنان مع هذه الإجراءات، محذراً من أي إخلال في ذلك. كما كان هذا الموضوع محور بحث خلال اللقاء الذي جمع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في نيويورك. لكن ما الانطباع الذي تكوّن لدى الإدارة الأميركية حول الأداء اللبناني في هذا الشأن؟يهم الإدارة الأميركية أن تستمر في إيفاد المسؤولين إلى بيروت، لتأكيد المواقف السابقة وعدم التهاون في الموضوع المتّصل بالتعاون مع العقوبات، والاستمرار في مواكبة ما يحصل فعلياً على الأرض في لبنان وفي الدول كافة، حيث يتوجب إنجاح الالتزام بالعقوبات لتصبح فاعلة ومفيدة للأهداف التي وُضعت من أجلها. كما يهم الولايات المتحدة أن يستمر لبنان في تعاونه مع التحقيق في قضية البنك اللبناني الكندي المعروفة، وإعطاء المعطيات كافة.هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية بارزة، وتشير إلى أنّ واشنطن تزيد من أسماء الأشخاص الذين تطالهم العقوبات الأميركية. ويأتي تكرار الموقف للبنان من أجل أن لا تقوم مصارفه مثلاً، في لحظة ما، أو بناء على ضغوط ما، بأي خطوة منافية للإجراءات أو تعمل على اختراقها.وتفيد المصادر أن لا مأخذ في الوقت الحاضر على الأداء اللبناني في واشنطن، وأنّ حصيلة مراقبة ما يتّصل بلبنان سجلت ارتياحاً أميركياً حتى الآن، لكن يبقى أنّ هناك خوفاً من أي طارئ. وتدعو الإدارة لبنان إلى الاستمرار في الابتعاد عن جرّ نفسه الى أي مشكلة في هذا المجال أو التورّط بها، لا سيما وأنّ هناك تبييض أموال، وتجارة مخدرات، وتهريباً للأموال والمخدرات وللإرهاب، وهناك مَن يساعد النظام السوري، وهناك أيضاً أسماء تصدرها الإدارة في هذا الخصوص، وهي متشدّدة حيال تنفيذ الإجراءات المتّصلة بها، لا سيما وأنّ مجملها يخدم سياسياً النظام وكل ذلك خاضع للحظر.كما أنّ الإدارة لا تريد تكرار موضوع البنك اللبناني الكندي. وتبيّن للإدارة حتى الآن أنّ المصارف اللبنانية مهتمّة بتنفيذ مقتضيات ما هو مطلوب، لكي لا تتأثّر تعاملاتها الدولية. وفي المجال المصرفي تحديداً، إيذاء القطاع المصرفي اللبناني إذا لم يتعاون، والمطلب الأميركي يبقى في الاستمرار باحترام تلك العقوبات.ومن ضمن السياسة الأميركية لاحتواء الوضع مع إيران نتيجة ملفها النووي والأزمة في سوريا، تأتي العقوبات المفروضة، وتريد واشنطن أن تضمن أنّ كل الدول تلتزم بها بالكامل، والخوف بالنسبة إلى لبنان، أنّه بحكم العوامل السياسية والجغرافية، فإنّ احتمالات أن لا يلتزم تبقى واردة بحسب ما يعتقد الأميركيون. لذلك يأتي التشديد على لبنان باستمرار أن يلتزم وهناك مواكبة لذلك، وأي عقوبات ناجحة، وفقاً للمصادر، تقتضي أن تلتزم بها كل الدول وتطبّقها.وتتزامن هذه المواكبة مع عقوبات فُرضت على "حزب الله". من الناحية العملية، هذه العقوبات لا تأثير لها، ذلك أنّ الحزب موجود على اللوائح الأميركية منذ سنوات عدّة، والحسابات المتّصلة به مجمّدة منذ زمن. لكن دور هذه العقوبات يأتي في الإطار السياسي، إذ تُمارس ضغوط سياسية على الحزب لأنّ واشنطن تعتبر أنّه يؤدي دوراً في دعم النظام السوري، ودورها أيضاً هو لفت الانتباه إلى دور الحزب، وممارسة الضغوط على هذا الدور.وواشنطن مرتاحة للاستقرار الذي يحققه لبنان، إذ يعتقد أن الاستقرار أهم مسألة يحقّقها في هذا الظرف. لكن التحذير للرعايا الأميركيين الأسبوع الماضي، جاء شديد اللهجة نسبة إلى الخوف الدائم من انتقال الحالة السورية إلى لبنان. ومنذ زمن لا تحضر عائلات الديبلوماسيين الأميركيين معهم إلى بيروت أثناء توليهم لوظيفتهم. إنما التشدّد في التحذير القائم كل ستة أشهر في الأساس، يأتي لسبب رئيسي هو رفع المسؤولية إذا ما حصل أي طارئ أمني، وذلك بالحد من وجود الأميركيين في لبنان، وعدم تعرّضهم لأي أذى في هذه الحالة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك