سيدة إيليج ستكون مساء اليوم مكان الحدث. الكل مدعوّ الى الصرح المقدّس للمشاركة في اعتصام لـ"حماية" شهداء المقاومة اللبنانية المسيحية. نار الاستشهاد لم تخمد بعد في قلوب أهالي الشهداء وهي ليست بانتظار من يصبّ زيتاً عليها. ففي سيدة إيليج، وسط قضاء جبيل، ترتاح أرواح شهداء حزب "القوات اللبنانية" بسلام، بعيداً عن المهاترات السياسية ولغة التهديد والتحدّي وخطاب الاستفزاز..
يحافظ المكان على أرواح الشهداء كما يحفظ في داخلهم لحظات حياتهم الأخيرة التي "نعتها" حرب الجنرال "لإلغاء" المقاومة المسيحية، جزء من سلسلة حروب رئيس تكتل "التغيير الإصلاح" النائب ميشال عون. نجح الجنرال في إلغائهم جسدياً، لكنّ قضيّتهم الوطنية التي دافعوا فيها عن لبنان لا تزال حية في روح كل لبناني مستعدّ للاستشهاد من أجل الدفاع عن الوطن وحمايته من أي ميليشيا لا تبدّي مصلحة لبنان على كل الأطماع..
غداً الأحد، لن تكون زيارة جنرال الرابيه الى سيدة إيليج حرب إلغاء أخرى.. كما لن تكون محاولة اغتيال مفتعلة لأرواح الشهداء. ومن الآخر ليست الزيارة تحدّياً لأي جهة أو طرف. البروتوكول لا يطلق التحدي بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والنائب عون. وطنياً، تكاد لا تصلح المقارنة بين مواقف الرئيس والجنرال. ويبدو هنا أن الأخير مصمم على شنّ حرب إلغائية في كل الاتجاهات، باستثناء حلفاء الممانعة.
فالجنرال يجاري حلفاءه في الالتفاف حول القضايا الوطنية ليحقق غاية في نفس يعقوب. هكذا اعتقد حين زار براد في سوريا والتقى بشار الأسد الذي "غفر" عون خطايا أبيه فيما بقي حاقداً على إخوته في الوطن.. زيارة المصالح المتبادلة أنست الجنرال حقده على النظام السوري وحربه "التحريرية" ضدّه وتهديده الأسد الأب بقطع رأسه ومدّ يده لملاقاة الديكتاتوريات. في ميفوق، تغيب المصالح المتبادلة ليطغى الاحترام حيث الاعتذار أولى من أي زيارة. عين الجنرال على القداسة وكل حواسه "تسترخص" نبل الشهادة، لقلب محدلة الزفت الأسود على مستقبل من المتوقّع أن يكون أكثر اسوداداً.
في حماية سيدة إيليج، ترتاح نفس 5300 شهيد أسماؤهم مكتوبة على اللوحات الخشب داخل المدفن الرئيسي، آخرهم جبران تويني ورفاقه. وقد اعتمدت رابطة سيدة إيليج شعار المفكر اللبناني شارل مالك: "إن ننسى لن ننسى أولئك الذين استشهدوا من أجل أن نبقى نحن، أن ننساهم تلك هي الخطيئة الكبرى". كما استندت الرابطة الى آية من الكتاب المقدس لتتوجّه الى من يريد التوجه في اليومين المقبلين الى ايليج بالقول: "إخلع نعليك وطهر قلبك لأنّ المكان مقدس".
ردّاًً لجميل سيدة إيليج لحمايتها الأرواح المستريحة، قرر أهالي الشهداء حصر الزيارة بذوي القلوب الطاهرة. من هنا، سينظمون اعتصاماً سلمياً منذ مساء اليوم وحتى انتهاء زيارة المتلذذ بحروب الإلغاء الى بلدتهم: "المكان له خصوصية دينية أثرية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالوجدان المسيحي عموماً"، يقول منسق "القوات اللبنانية" في جبيل شربل أبي عقل. ويتابع: "احتضنت مدافن سيدة إيليج شهداء من كل البلدات التي كانت مهجّرة في تلك الفترة في كل لبنان، خصوصاً شهداء حرب الإلغاء التي شنّها عون".
ولفت الى أن "الزيارة ليست موجّهة ضدّنا كأطراف 14 آذار وتحديداً "القوات اللبنانية"، إنما موجّهة ضدّ الزيارتين اللتين قام بهما رئيس الجمهورية الى جبيل، ويريد عون أن ينافس الرئيس على الشعبية والإنماء في المنطقة."
ويصف أبي عقل زيارة عون لمقابر الشهداء بالـ"الاستفزازية، مخترقاً الخصوصية الموجودة في كل قواتي وفي ضمير المقاومة اللبنانية المسيحية، لعلاقته بمقتل الشهداء في حرب شنّها بنفسه". ويوضح: "الزيارة مرحّب بها في أي مكان، لأنها حقّ طبيعي لأي سياسي ليتفقّد أنصاره ويطلق ما شاء من المواقف السياسية". ويتوجّه أبي عقل الى عون قائلا": "هذا الموقع بالتحديد "إذا بتريد حيّدو" لأنه يشكّل حالة وجدانية بالنسبة إلينا تزعجنا"، وتابع "نحن لن نمنعه من زيارة أي موقع ديني، ونؤكد أننا مستعدون بأجسادنا أن نتمركز في هذا الموقع للمحافظة على كرامة شهدائنا".
وفي حال إصرار عون ماذا ستكون ردة الفعل؟ يجيب أبي عقل: "لن أتحدث عن إصرارنا، لكننا دعونا أهالي الشهداء الى اجتماع اليوم ليعلنوا موقفهم الجامع من الزيارة، كما سنكون متّحدين في اعتصام حضاري للتعبير عن موقفنا أو استيائنا من هذه الحالة وسنبقي على اعتصامنا الى حين انتهاء زيارة عون". ويشدد: "سنحمي أرواح الشهداء بأجسادنا".
هل تتوقّعون المواجهة؟ يردّ أبي عقل: "نرفض أي مواجهة، تحرّكنا سلمي وهذا أقل ما يمكننا أن نقوم به تجاه شهداء بذلوا دماءهم من أجلنا ومن أجل بقاء الوطن". وأضاف: "التحدي والاستفزاز ليسا من شيمنا، فقد بات معروفاً من يسعى الى حرق الدواليب وقطع الطرقات والتعدّي على القوى الأمنية.. وهذا ما ينطبق تماماً على الجنرال عون وحلفائه". ويختم أبي عقل: "مقام سيدة إيليج ومقابر الشهداء هناك متأصّل في الوجدان المسيحي ويعنينا لأنه يحتضن شهداءنا، ونتمنى من الشباب أن يشاركوا معنا لحماية شهدائنا
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك