النهار عن موراتينوس: الوضع في سوريا مرشح للاستمرار وأخشى "كل شيء" ولحوار متوسطي في أقرب وقت
النهار عن موراتينوس: الوضع في سوريا مرشح للاستمرار وأخشى "كل شيء" ولحوار متوسطي في أقرب وقت

جاء في "النهار": سلّم وزير الخارجية الاسبق ميغيل انخيل موراتينوس حقيبة الخارجية التي حملها 6 اعوام وتحديدا بين 2004 و2010 الى خليفته ترينيداد خيمينيث بعبارته الشهيرة " آسف لانني لم اتمكن من تحقيق السلام." فاحد اشهر الديبلوماسيين في العالم العربي، الذي حمل على كتفيه هم الاستقرار في الشرق الاوسط ولا سيما خلال عمله مبعوثا اوروبيا خاصا لعملية السلام بين 1996 و2003، اشتهر بقربه من نظام الاسد ورفعه لواء الانفتاح عليه، حتى في عز عزلته.

يبتسم موراتينوس اليوم عندما تسأله عن سوريا ونظامها وظروف عدم تسلمه المهمة "شبه المستحيلة" التي تحدث عنها الموفد الاخضر الابرهيمي . فخبير الشرق الاوسط العائد من نيويورك حيث شارك في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة كان شكل احد ابرز الاسماء التي طرحت لخلافة الموفد الاممي العربي المشترك كوفي انان، مثله مثل نائب وزير الخارجية الايطالي ستيفان دي ميستورا. "لم اتلق في الاساس عرضا رسميا لخلافة انان" يقول في لقاء في المعهد العالي للاعمال في كليمنصو، "وحتى لو تحقق ذلك، لكنت رفضت. ليس لانها مهمة مستحيلة، بل فقط لانني اعتبر ان كل شخص يمكن ان يكون مفيدا في مراحل مختلفة."

يبقى خيار الابرهيمي "ممتازا" في رأيه. فالديبلوماسي العربي الكبير الذي نجح في ملفات معقدة مثل المملكة العربية السعودية يبدو خبيرا من وجهة نظر زميله الاوروبي بالواقع العربي،" هو شخص حذر وهادئ يفضل العمل بهدوء لضمان نجاح مهمته الصعبة". اسئلة كثيرة تطرح عن الافكار التي سيحملها الموفد الدولي العائد مجددا الى المنطقة في الايام المقبلة في ظل عدم بلورته برنامج واضح للحل بعد. ويكتفي موراتينوس في رده بالقول ان" الابرهيمي شخص حكيم. يجب الاستماع الى الاطراف وتلمس الحقائق والآفاق والامكانات المحتملة لوقف العنف والحرب الاهلية التي تصيب سوريا يوميا. اعتقد انه يحاول وضع اطار عمل يسمح له بايجاد حل للازمة التي تعصف بالمنطقة والمتوسط."

يسعى موراتينوس الى اختزال الواقع الذي بلغه نظام عرف خباياه عن ظهر قلب برسم لوحة مركبة تضم مجموعة قوى " هناك الاسد الاب، والبعثيون وبشار الاسد والحقيقة السياسية. علقت آمال على امكان ان يحقق بشار اصلاحا ولا سيما انه امتلك كل الاوراق لكنه فوت ذلك (...). حاولنا مساعدته للخروج من عزلته وامكان ان يشكل جزءا من العالم الديموقراطي الحديث المزدهر. منذ تشرين الاول 2010، لم اجر اي اتصال باي مسؤول سوري باستثناء الاتصال لدعم ترشحي لترؤس منظمة "الفاو".

وفي حين تتجه الانظار الى محطة الابرهيمي المقبلة في القاهرة التي تقود مساعي ضمن الرباعية الاقليمية، الى جانب تركيا والمملكة العربية السعودية ايران لحل الازمة السورية، يمنح موراتينوس جرعة دعم كل الجهود الديبلوماسية المبذولة، خصوصا انه لا يمكن المجتمع الدولي ان يبقى مكتوفا: "نظام بشار الاسد ذهب بعيدا جدا. يجب التوصل الى حل سياسي يمكن ان يؤمن مستقبلا مستقرا لسوريا".

اجتماعات المعارضة في الداخل السوري وتوزع حركتها الخارجية تدفع الديبلوماسي الاوروبي الى تجديد مطالبتها بتحقيق رؤية مشتركة في توقيت استراتيجي ولحظة تقاطعات تحتم نظرة شاملة: "بلا معارضة موحدة يصعب بعث رسالة واضحة ومنسقة الى المجتمع الدولي". ويضيف: "يجب ان يأخذوا في الاعتبار التحديات الموجودة. حتى الآن بدت الامور صعبة لكننا نأمل في ان يتوصلوا الى مواقف مشتركة ."

يبدد موراتينوس ملامح التشاؤم التي يمكن ان تفهم من اقواله حيال الحل السوري ويستتبع نفيه هذا بسوقه "ملاحظات واقعية خصوصا انه في سياسة الشرق الاوسط لا يمكن التنبوء بالامور." وباختصار، يقول "للاسف الوضع الحالي، يمكن ان يستمر (...)"

الواقع السوري ليس كالليبي او التونسي او المصري. العبارة يستعين بها وزير الخارجية الاسبق مرارا وان كان يلاحظ نقاطا مشتركة بين التحولات التي تمت. ويبدو ان تقسيم سوريا، ليس العامل الوحيد الذي يخشاه الديبلوماسي المحنك، "انا اخشى كل شيء، ليس التقسيم فحسب بل الفوضى ككل في المنطقة. فالمهم ليس فقط رحيل بشار الاسد الذي اظهر انه غير قادر على ادارة الاستقرار والسلام لشعبه. بل الاهم هو الاعداد لمرحلة ما بعد بشار وما هو الحل الافضل للسوريين انفسهم، ولكن ايضا للمنطقة والمجتمع الدولي."

في مقابل الغياب الاوروبي، يلاحظ موراتينوس انخراطا اميركيا ملحوظا بشؤون المنطقة و"الربيع العربي"، عكسه خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما امام الجمعية العمومية في نيويورك والذي خصص فيه 40 دقيقة لاوضاع الشرق الاوسط:" سر الاوروبيون برؤية القيم الاوروبية العالمية تسود المنطقة عبر الديموقراطية والانتخابات والحرية. لكن ثمة نقصا في التركيز نتيجة الازمة الاقتصادية والمالية التي تجعلهم غير واعين للرهانات الحاصلة في جوارهم."
وموراتينوس الذي يتحدث عن عمل مستمر على الموقف الروسي من الازمة السورية يأمل في تحقيق نجاحات ما في هذا الباب كاشفا ان الابرهيمي ينفذ عملا جيدا . ورغم التهديدات الاسرائيلية ضد ايران وتوجه الاتحاد الاوروبي الى تبني عقوبات منتصف الجاري، يرى ان الباب ما زال مفتوحا امام الديبلوماسية داعيا الى مواصلة الضغط في هذا المجال:" نأمل ان يتواصل ذلك واي تدخل عسكري اسرائيلي يمكن ان يعد سيناريو سيئا (...) يجب تفادي ذلك."

يبقى ان لبنان الذي شغله لاعوام وحط فيه في المرة الاخيرة السنة الماضية، استوقفه باستقراره رغم هشاشة اوضاعه على غرار اوضاع المنطقة " بلادكم اكثر هدوءا وازدهارا من المراحل الماضية" يقول. اما الرسالة الاساسية التي شكلت محور لقاءاته مع المسؤولين ومنهم رئيسا مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي فتمثلت في اثارته مشروع "الاتحاد من اجل المتوسط" الذي يمكن ان يخضع لتعديلات كما يقول، ويضيف: "يجب الشروع في حوار سياسي في اقرب وقت. وباستثناء سوريا، شهدت بقية الدول عمليات انتخابية ديموقراطية. هناك قادة ولاعبون جدد ويجب ان يتعارفوا والجلوس معا للنظر في المستقبل المشترك. علينا اعادة التفكير في الحقيقة الاورو- المتوسطية الجديدة، والجهة الجنوبية تشكل المحرك في هذا الشأن. لقد سمعت كلاما ايجابيا جدا من الجانب اللبناني".