حلفاء حزب الله: شاهد ما شفش حاجة...
Lebanon Files

 

يلفّ "حزب الله" نفسه بجدار حديديّ من الصمت إزاء ملابسات سقوط قتلى في صفوفه على الحدود اللبنانيّة السوريّة. ما يقوله الحزب "بالقطارة" كافٍ لزيادة منسوب الغموض... غموضاً. هو واقع يقود خصوم الضاحية الى الاستثمار المنظّم في المياه العكرة، بينما يقف حلفاء حزب الله موقف المتفرّج والمتريّث وغير العالِم. لا معلومة باليد ولا "عشرة على الشجرة". أصلاً داخل الحزب نفسه من لا يملك الرواية الحقيقيّة لمدى تمادي "المقاومة" في الانغماس بالوحول السوريّة.

هكذا تنتظر قوى الرابع عشر من آذار المزيد من قتلى "الواجب الجهادي" في سوريا. "حزب الله" لا ينكر طالما أنّه يشير بالاصبع الى سقوطهم "دفاعاً عن كرامة الاسلام والمسلمين وفي ظلّ حكومة تنأى بنفسها عن حماية أهلها". هو يقرّ أيضاً بتواجد مقاتليه على طول الشريط الحدودي من الهرمل الى القاع (من ضمن التواجد الاستراتيجي الذي تستدعيه جهوزيّة المقاومة أصلاً)، وهذا ما يقوده عمليّاً الى رفع السلاح ومواجهة عناصر "الجيش السوري الحر" الذين يتجاوزون "منطقته الاستراتيجيّة"، أو يستخدمونها كمنطقة عمليّات في حربهم مع الجيش النظامي.

يرفض "حزب الله" تماماً ما يروّج له خصومه بقيادته "غرفة عمليّات" في العمق السوري مناصرةً لجيش بشار الاسد. لا الضاحية قادرة على إثبات براءتها من "أزمة الدم" ولا خصوم السيّد حسن نصرالله قادرين على ضبط "حزب الله" بالجرم المشهود. لكنّ هذا لا يمنعهم من الاسترسال في رسم صورة "قتاليّة" متقنة عن مدى تورّط الضاحية في المستنقع السوري وصولاً الى حدّ الايحاء بوجود "جيش" للسيّد حسن نصرالله في مدن سوريّة يقاتل الى جانب النظام.

في المقابل، يبدو الارباك واضحاً على حلفاء الحزب. لا يُحسد وزراء ونوّاب "التيار الوطني الحر" مثلاً حين يُسألون فيُحشَرون. نائب يصمت ويردّ بابتسامة، آخر ينفي كليّاً من دون أن يملك فتات معلومة، وثالت يجتهد: "حزب الله" ليس مسؤولاً عن وجود عناصر لديه إذا قرّروا أن يجاهدوا في سوريا برغبة شخصيّة منهم وليس بأمر من القيادة...". النائب المذكور يفصل تماماً بين "الرغبات الشخصيّة" لعناصر منخرطين في العمل المقاوم وبين قيادة الحزب و"أوامرها المنزلة"! حتى العماد ميشال عون في اجتماع تكتل التغيير والاصلاح الأخير تهرّب بسلاسة من الوقوع في فخّ تقديم إجابة "ملتبسة" تخلق جدلاً بشأن تأييد أو عدم تأييد الرابية لدخول "حزب الله" العلني على خطّ الأزمة السوريّة بوجهها العسكري والميداني.

اجتهادات غير موفّقة، لكنّها مبرّرة طالما أنّ قلّة تدخل في الدائرة الضيّقة لقيادة حزب الله تعرف ما حصل وما سيحصل. حتى حلفاء "حزب الله" من فئة الصقور يتخبّطون في الغموض. لا تصلهم سوى التحليلات. أصدقاء الضاحية من إعلاميّين وسياسيّين ومحلّلين يتكلون على فتات المعلومات ويبنون على الشيء مقتضاه. وفي النهاية تقودهم البراغماتيّة السياسيّة الى خلق التوازن المطلوب في "التهمة". "إذا كان الحزب يقاتل ببعض العناصر... فهناك العشرات والمئات من الحركات الأصوليّة المحسوبة على فريق لبناني تقاتل علناً في سوريا ضدّ النظام، فلماذا التغاضي هنا وتكبير حجر التورّط هناك؟".

إنّه "حزب الله" وليس أيّ حزب آخر... وفي أذنه الطرشاء أحياناً ولسانه "المقطوع" أحياناً أخرى ما يخفي سياسات دول وخيارات لا يدري بها إلا "أهل المقاومة".