ينتهج المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابرهيمي البطء في تحركه والتأني في اعلان خطة متكاملة، في محاولة لوقف القتال الذي لم يهدأ منذ الربيع الماضي. وافاد مسؤول عربي "النهار" ان بعض الافكار التي طرحها وزير الخارجية الجزائري السابق حتى الان لوقف الاقتتال بين قوات النظام ومسلحي المعارضة، لم تلق استحسانا، من هنا التريث الذي يتعمده المبعوث الدولي والعربي، وهو يحاول جمع تأييد عربي مؤثر من السعودية ومصر وقطر، لكن التجاوب معه غير مؤكد، وخصوصا انه فاتح المسؤولين في كل من الرياض والدوحة بأنه يجب وقف مد المعارضة بالمال والسلاح من اجل اقناع مقاتليها بوقف المواجهات العسكرية، مما يساعد على توفير المناخات الملائمة لعقد طاولة الحوار بين ممثلي النظام وآخرين من المعارضة.
واشار المصدر الى ان الابرهيمي، وهو المفاوض المحنك الذي يتمتع بخبرة واسعة، يعترف امام مقربين منه بان مهمته صعبة وانه يأخذ في الاعتبار ما فشل به سلفه كوفي انان في الخطة المعقولة التي حظيت يتأييد دولي وعربي، وهو يريد وضع خطة تضمن على الاقل وقفا مؤقتا لاطلاق النار، واقناع الطرفين المتقاتلين الجلوس الى الطاولة نفسها للبدء بالحوار حول الاصلاحات الديموقراطية المطلوبة وحريات الرأي، ومن اجل سوريا افضل من دون شروط مسبقة، وفي مكان آمن دون ضغط وترهيب.
ولفت الى ان الابرهيمي، كمن سبقه من مبعوثين سواء كانوا دوليين من نيويورك او عرب من القاهرة، فشل في اقناع الطرفين المتقاتلين بالاعلان عن هدنة محددة، ولو في الزمن.
واستغرب مسؤولون لبنانيون تأخر مجيء الابرهيمي الى بيروت للاطلاع على احوال النازحين السوريين الذين تعجز الخزينة عن ايوائهم ومدهم بالكساء وبمواد غذائية، مع الاشارة الى ان الابرهيمي كان قد زار، اضافة الى دمشق، مخيمات النازحين في كل من سوريا وتركيا والاردن.
ورأوا انه ليس من مصلحة الديبلوماسي الجزائري ان يتأخر في طرح خطته بعد تكليفه رسميا مهمته منذ 24 آب الماضي، لان العنف بين ابناء الشعب السوري مستمر منذ 19 شهرا وفي شكل عشوائي، وممنوع التدخل الاجنبي او العربي للفصل بين المتقاتلين، ولا احد من الفريقين المتصارعين استطاع ان يحسم القتال لمصلحته.
ونبهوا الى مجموعة مستجدات تجعل مهمة الابرهيمي غير ذات جدوى، اذا ما اخذ في الحسبان الاستنفار الاميركي في الاردن بهدف الانقضاض على مواقع الاسلحة الكيميائية الخاضعة للرصد بواسطة الاقمار الاصطناعية والرقابة الاستخباراتية للسيطرة عليها، في حال تبين ان قوات النظام لم تعد قادرة على حمايتها. ووفق توقع هؤلاء، ان احتجاجا عالميا اقله روسي - اميركي سيواجه الخطوة الاميركية تلك دون معرفة كيفية تقبلها او رفضها وما سيكون البديل؟
وحذروا من التحديات التي تطرأ، كمصادرة معدات من طائرة الركاب السورية وردود الفعل المستنكرة ليس فقط سورياً، بل ايضا روسياً، والجدل الذي بدأ ولم ينقطع.
ولم يستبعدوا في مثل هذه الحالة المتوترة والمشوشة ان تهاجم اسرائيل المفاعل النووي الايراني او ان تفتعل اشتباكات مع "حزب الله" وقد تظهر احتمالات المغامرات العسكرية بعد الانتخابات الاميركية الرئاسية.
ولاحظوا ان فرنسا وبريطانيا صامتتان ولا تتخذان حتى مواقف علنية مما يجري في سوريا، بعدما تبين لكل من باريس ولندن عقم المساعي التي بذلتاها مع موسكو لثنيها عن موقفها الداعم للنظام السوري. وانتقد سفير دولة كبرى المعارضة السورية التي لم تتوصل بعد الى توحيد صفوفها واعلان حكومة موقتة، طالما وعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأنه اول من سيعترف بها.