كتب عمر البردان في "اللواء":
وسط معمعة الانفلات المالي، على وقع قرارات مصرف لبنان التي لا تنتهي، حيث المواطن ضحية تقلبات أسعار صرف الدولار في السوق السوداء والمحروقات، فإن كل الملفات السياسية باتت مؤجلة إلى ما بعد الأعياد، بانتظار ما سيحمله العام الجديد من تطورات متصلة بالاستحقاق الرئاسي، في وقت ليس محسوماً ما إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري، سيدعو إلى حوار جديد بشأن الانتخابات الرئاسية، بعد رفض بعض المكونات النيابية التجاوب مع دعوتيه السابقتين. وإن كانت أوساط نيابية تعتقد أن «الرئيس بري لن يتخلى عن الدعوة للحوار، إذا وجد الفرصة مناسبة، لأنه يدرك أن انتخاب الرئيس العتيد، لن يكون إلا حصيلة حوار بين الأطراف المعنية، لإنهاء حالة الشغور القائمة»، لافتة إلى أن «هناك ترقباً لما سيصدر عن الاجتماع الرباعي المقرر عقده في باريس في النصف الأول من الشهر المقبل». وأشارت إلى أن «الفرنسيين يضغطون من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن، بالنظر إلى عواقب الشغور الرئاسي الوخيمة على البلد».
وكشفت المعلومات في هذا الإطار، أن قطر ومصر، تدرسان دعوة عدد من القيادات اللبنانية المؤثرة، للبحث معها في سبل تسهيل إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت، من أجل وقف معاناة اللبنانيين والحد من تدهور أوضاعهم الاجتماعية والحياتية التي فاقت كل الحدود.
وفي ظل استعداد جامعة الدول العربية لتقديم الدعم المطلوب للبنان، لإنهاء أزمته، بعدما أبلغ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أنه يحبذ أن يكون مفتاح الحل بأيدي اللبنانيين، وإذا تعذر ذلك، فإنه من الأفضل أن ينبع هذا الحل من داخل البيت العربي. ومن هنا فإن الدوحة تلعب دوراً أساسياً على صعيد طي صفحة الشغور، وفتح الأبواب أمام توافق اللبنانيين على الرئيس العتيد الذي يجب أن يحظى بأوسع توافق داخلي، حتى يتمكن من لعب الدور المنوط به، ويكون قادراً على إعادة بناء الجسور بين لبنان والمجتمعين العربي والدولي.
وفي الوقت الذي يبدي المجتمع الدولي خوفاً على مستقبل الأوضاع في لبنان، إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية، فإن اجتماع باريس، يرجح أن يشكل محطة أساسية على صعيد تعبيد الطريق أمام إنهاء الشغور، وبما يفضي إلى السير باتجاه تبني شخصية توافقية لرئاسة الجمهورية، كاشفة أنه ليس هناك إلا قائد الجيش العماد جوزف عون، من يتمتع من بين كل المرشحين بصفة التوافقي، ولذلك فإن هذا الاجتماع، قد يفتح الطريق أمام وصول العماد عون إلى قصر بعبدا، سيما في ظل استحالة قدرة أي طرف على إيصال مرشحه، سيما وأن «حزب الله» يدرك أنه غير قادر على تأمين ظروف انتخاب مرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، سيجد نفسه مضطراً في نهاية المطاف، للقبول بقائد الجيش رئيساً للجمهورية، باعتباره الوحيد الذي يحظى بشبه إجماع القوى السياسية.
وإذا كان من السابق لأوانه الحديث عن مبادرة رئاسية، قد تفضي إلى حصول توافق بشأن الاستحقاق المنتظر، إلا أن الأوساط النيابية، لا تستبعد حصول مشاورات بعيدة من الإعلام، تمهيداً لمثل هكذا مبادرة، على غرار ما كشفه النائب المستقل غسان سكاف، بانتظار تبلور مواقف بقية القوى السياسية، وما يمكن أن تخرج به جولات رئيس «التيار الوطني الحر». النائب جبران باسيل على القيادات السياسية، حيث يتوقع أن يلتقي مطلع السنة الجديدة برئيس البرلمان ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، لكنها أشارت، إلى أنه ليس مضموناً ما إذا كانت المكونات السياسية، ستستجيب لهذه الدعوة، من أجل إنهاء الشغور الرئاسي، أم أنه إزاء إصرار «حزب الله» على مرشحه فرنجية، ستذهب هذه المحاولة أدراج الرياح، كما في كل مرة. وسط حديث عن إمكانية أن يطرح حزب «القوات اللبنانية» مبادرة رئاسية، على ما كشفه النائب ملحم رياشي في هذا السياق، لتقول القوى السياسية موقفها منها.
لكن ورغم انسداد مخارج الحلول الداخلية لتجاوز المأزق الرئاسي، ومع استحالة تمكن أي فريق من فرض خياراته على الآخرين. وإن كان ذلك بحد ذاته مبرراً أساسياً لسلوك طريق الحوار، من أجل التوافق على الرئيس العتيد. إلا أن الاتصالات الداخلية والخارجية لن تتوقف، استناداً إلى ما كشفته الأوساط النيابية، بالنظر إلى مخاطر استمرار الشلل الذي يطبق على مرافق البلد، من أجل تهيئة المناخات لوصل ما انقطع بين المكونات السياسية، على أمل أن تشهد بداية السنة فكفكة العقد التي تحول دون التوافق على رئيس جديد للجمهورية، وبما يخفف من المعاناة القائمة، وتالياً توصل الفرقاء المعنيين إلى التفاهم على اسم الرئيس العتيد الذي سيحظى بدعم عربي ودولي، لوقف مآسي اللبنانيين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك