هل تدعم اميركا اصلاحات سورية تبقي الاسد فتنقسم المعارضة؟
هل تدعم اميركا اصلاحات سورية تبقي الاسد فتنقسم المعارضة؟

كشفت مصادر في المعارضة السورية أن وزارة الخارجية الأميركية تشجع سرًّا النقاش بشأن مشروع الوثيقة غير المنشورة التي وزعت في مؤتمر غير مسبوق للمعارضة عُقد، الاثنين، في دمشق. وقالت المصادر إن السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، يحث على الحوار مع النظام. وتروِّج الولايات المتحدة لخارطة طريق من أجل إصلاحات سياسية في سورية من شأنها أن تعيد تشكيل نظام الرئيس بشار الأسد مع إبقائه في مكانه، على الرغم من المطالبات المتزايدة للإطاحة به خلال الانتفاضة الشعبية التي تشهدها البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وسيشرف الأسد على ما تسميه خارطة الطريق "انتقال سلمي وآمن إلى الديمقراطية المدنية". والتي تدعو إلى تشديد السيطرة على قوات الأمن، وتفكيك عصابات الشبيحة المتهمة بارتكاب فظائع ضد المتظاهرين، والاعتراف بالحق القانوني للمواطنين في التظاهر السلمي، ومنح حرية واسعة للإعلام، وتعيين جمعية وطنية انتقالية.

وتطلب الوثيقة المكونة من ثلاثة آلاف كلمة صيغت بعناية بـ"اعتذار واضح وصريح" ومساءلة المؤسسات والأفراد الذين "فشلوا في استيعاب المطالب المشروعة للمتظاهرين"، وتعويض أسر ضحايا القمع الأمني. وتقول المعارضة إن أكثر من 1400 شخص قد قتلوا منذ منتصف أذار ، بينما تقول الحكومة إن 500 من أفراد الأمن قد قتلوا. ولم تهاجم الوثيقة الرئيس أو أيًّا من رموز نظامه بالاسم. وإنما تدعو حزب البعث الحاكم إلى الخضوع لقانون جديد للأحزاب السياسية، ومع ذلك سيظل للحزب 30 عضوًا من أصل 100 في الجمعية الوطنية الانتقالية المقترحة. وسيتم تعيين السبعين الباقين من قبل الرئيس بالتشاور مع مرشحي المعارضة، وهو ما سيبقي الأسد في موقف قوي.

وذكر الرئيس الأسد  بالفعل العديد من التدابير المقترحة، مما أثار تكهنات بأنه يتبِّع على الأقل التوصيات المقترحة في الوثيقة. وحملت الوثيقة توقيع كل من لؤي حسين ومعن عبد السلام، وهما يقودان مجموعة من المثقفين العلمانيين في مجموعة تسمى لجنة العمل الوطني. وقد التقى الرجلان بنائب الرئيس السوري فاروق الشرع، قبل أن يلقي الأسد خطابه الأخير. وترأسا يوم الاثنين مؤتمر دمشق، والذي حصل على إذن رسمي لعقده، وحضره 150 شخصًا، ورحبت به الولايات المتحدة بشكل علني.

وتضم مجموعة العمل الوطني أيضًا وائل السواح، الذي يعمل كمستشار للسفارة الأميركية في دمشق ولكنه لم يوقِّع على نص الوثيقة، وذلك على ما يبدو كي لا يشوِّه سمعتها في عيون السوريين المتخوفين من شبهة التدخل الأجنبي في شؤونهم. وقال رضوان زياد، أحد قيادات المعارضة في المنفى، "إن السفير الأميركي روبرت فورد يحث رموز المعارضة السورية على الحوار مع النظام وهي استراتيجية لن تفلح. إنهم يطالبون بشار بقيادة التحول الديمقراطي وهو أمر غير مقبول للمتظاهرين. لقد فات الأوان".

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قد قالت إن الأسد يفقد الشرعية. ولكن الولايات المتحدة لم تدعو علنًا للإطاحة به، على النقيض تمامًا من سياساتها تجاه معمر القذافي في ليبيا. وقال مفكر سوري بارز على صلة وثيقة من النظام "سيكون خطأ كبيرًا إذا حاول الأميركيون المبادرة بالإطاحة ببشار الأسد، ومن الخطأ أن تسمح لهم المعارضة بذلك. أنصحهم أن ينأوا بأنفسهم عن الولايات المتحدة". وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بأن بلاده "تشجع حوارًا حقيقيًا بين المعارضة والنظام ولكننا لا نروِّج لأي شئ. نحن نود أن نرى سورية ديمقراطية ولكن ذلك أمر في يد الشعب السوري".

وتبدو المعارضة منقسمة بشدة حول الطريق للتحول الديمقراطي، حتى هؤلاء الذين يدافعون عن الحوار مع النظام أبعد ما يكونون عن الثقة بأن ذلك سيؤدي إلى أية نتائج إيجابية. بينما يحذر نص الوثيقة من "أن الوضع قد يكون في مأزق يحول دون الوصول إلى فرص للتعاون والحوار السياسي وجدوى أي اقتراح لتحقيق المصالحة". وتتزايد المخاوف بأن النظام قد يستعيد توازنه في غياب أي انشقاق كبير في الجيش أو الحكومة أو طبقة رجال الأعمال.

ويرى الخبير في الشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما الأميركية جوشوا لانديس "أن المقاربة الأميركية منطقية، فالعقوبات منحدر خطير والولايات المتحدة لن تتدخل عسكريًا في سورية، لذا يجب على واشنطن استكشاف ماذا يستطيع هذا النظام عمله". وحذر آخرون من أن الأسد قد يغازل معارضيه بهذه الأفكار لكسب الوقت وتحسين صورته المشوهة. ويرى أحد رموز المعارضة "أن ما يحدث هو مخطط للإصلاح في سورية سيبقي على النظام في مكانه. هذا هو الحد الأدنى الذي يسعد الغرب. النظام يرغب في استمالة المعارضة والمثقفين المستقلين ليخلق معارضة حكومية ويهمش الآخرين، ويصورهم على ااعتبارهم متواطئين مع الأعداء في الخارج. كيف يمكن أن أعطي شرعية إلى بشار الأسد بينما هناك مليون مواطن في الشارع يطالبون برحيله؟".