"رفضا لإضاعة الوقت" كما صرّح، ولكنه فعلياً من أجل كسب الوقت، انسحب عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب الآن عون من اجتماع لجنة التواصل المخصصة لمناقشة قانون الإنتخاب. الحجج كثيرة والهدف واحد وهو أن يظهر العونيون وكأنهم وحدهم الحريصون على مستقبل لبنان ومصالح المسيحيين فيه.
بالطبع لم يتصرّف عون من تلقاء نفسه، فتعليمات الخال الجنرال واضحة وثابتة على مرّ الزمن تحديدا منذ ما بعد اتفاق الدوحة حين قرّر رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون أن "يعيد" للمسيحيين حقوقهم. كذلك أراد النائب عون في جلسة مناقشة قانون يحقق "التمثيل" الصحيح لكل اللبنانيين أن يبدو بين نواب الأمة وكأنه الأكثر تعاطفا مع المسيحيين.
المحرّك الأساسي لهذا الموقف ليس بالطبع عضو اللجنة العوني، إنما رئيس التكتل الذي لا يريد من القوانين لا هذا ولا ذاك. والأمر واضح حين تنقل النواب بين كل مشاريع القوانين المعروضة ثم انتقلوا على مناقشة عدد النواب وتقسيم الدوائر.. فمن جهة شعر عون أن المتحاورين "قفزوا" فوق مشروع "الفرزلي" ومن جهة أخرى فهو لا يملك قانونا انتخابيا مدروسا يحوز قناعة التكتل العوني الذي وقّع مع الحكومة قانونا من دون درسه ودعم "هذا المشروع" أيضا من دون دراسته وتحديد مخاطره.
وبغض النظر عن ختم محضر الجلسة وتوقيعه الذي كان ليحصل بوجود النائب عون أو عدمه كما جرى، فالواضح أن العونيين غير مقتنعين بدور اللجنة وانتاجيتها ولا حتى بتسميتها أي "لجنة التواصل" حيث لم يعتد العونيون على التواصل مع الأطراف الأخرى أو أن يناقشوا مشروع قانون، هم الذين لا يملكون أي مشروع انتخابي وكانوا حتى الأسبوع الماضي لم يعتمدوا بعد على قانون محدد يأتون به الى اللجنة، بعدما حملوا لواء قانون الستين.
والجلي أن مشاركة عون في لجنة التواصل كانت لمجرّد المشاركة، وقد فضحت قوى 14 آذار هذه المشاركة عندما تحدّى أعضاؤها الظروف الأمنية وتبيّن بالدليل القاطع أن العونيين يتاجرون بكل القوانين الإنتخابية ما عدا "مشروع الفرزلي" الذي تبرّأ منه كل أبناء الطائفة الأرثوذكسية، وتبنّاه العونيون بعد "مبتكره" حليف النظام السوري نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، وتتردّد أحزاب 8 آذار بالموافقة عليه.
أُحرج عون فخرج، وبقي حلفاؤه ومحرّضوه يناقشون القوانين، بعدما لمس عجزا في تمرير "المشروع" الذي يسعى الى فرز لبنان وتقسيمه الى كانتونات وطوائف ومناطق وحتى أحياء، ليناقض تماما دستور لبنان القائل بالعيش المشترك. ببساطة، فالعونيون لا يريدون قانون انتخاب جديد لأن قانونا صنع داخل المجلس النيابي اللبناني لا يناسب مصالحهم. لكن في الحقيقة ما وصل إليه العونيون في إطار قانون الإنتخاب يدلّ على أنهم متخوفّون من نتائج الإنتخابات النيابية المقبلة وأن خطة قوى 14 آذار وتحديدا حزب "القوات اللبنانية" في محاصرتهم وإخراج نواياهم الى العلن نجحت.
عن انسحاب عون والنوايا المخبأة في كواليس سياساتهم، يقول عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار الحوري إنه "ببساطة شديدة كلنا نذكر رفض العماد عون بداية لقانون "اللقاء الأرثوذكسي"، ثم بعد ذلك وربما بوشوشة من "حزب الله"، أعاد عون حساباته واعتقد أنه من خلال هذا الإقتراح يمكنه أن يحقق نجاحا".
ويتابع الحوري "بغض النظر عن تباين المواقف بين قوى 14 آذار حول هذا الإقتراح، يبدو واضحا أن العماد عون خاض هذه التجربة بهدف المناورة وذرّ الرماد في العيود"، ويعقّب الحوري "ولكن هذا الغياب المتعمّد وغير المبرر كشف بوضوح أن حجم هذه المناورة وهذا الأسلوب في ذرّ الرماد في العيون".
ويشرح الحوري أنه "ومع عدم الوصول الى تفاهم فربما في مكان ما أُحرج "التيار" من نتائج هذا الإقتراح". ويختم الحوري "في النهاية، وبغض النظر عن التفاصيل، فقد سمعنا لغة غير مألوفة وتشنّجا غير مألوف وتجريحا بالآخرين لا يليق بلغة التخاطب السياسي."
من جهته، يقول مستشار رئيس حزب "القوات اللبنانية" العميد المتقاعد وهبي قاطيشا "لو كان اعتماد عون على خلاف قوى 14 آذار لبقي في الجلسة، لكنه انسحب بعدما شعر بأن حلفاءه، خصوصا الرئيس نبيه بري، لن يدعموه حتى النهاية، وهذا اتضح حين أعلن بري أنه لن يدعو الهيئة العامة للمجلس في غياب توافق أي فريق". وتابع "شعر عون بأنه لن يؤخذ في الإعتبار قانون "اللقاء الأرثوذكسي".
مشدداً على عدم وجود أي خلاف داخل قوى 14 آذار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك