عاجلاً ام آجلاً ستنتهي مسرحية لجنة «الإتوال سويت» النيابية ومعها المناورات كلها التي حاول البعض «تبليعها» للبنانيين، ما عدا قلة تراقب موجة المزايدات التي لا توحي بإمكان وصول اللبنانيين الى مرحلة يثبتون فيها قدرتهم على توليد قانون جديد للإنتخاب. امّا وقد سقطت المشاريع الإنتخابية في معظمها بفعل الفيتوات المتبادلة، فهل هناك من بدائل؟ ولدى من؟
لم يكن احد ينتظر انجازاً من اللجنة النيابية
فشل لجنة "الإتوال سويت" في الوصول الى قواسم مشتركة في شأن النظام الإنتخابي وحجم الدوائر الإنتخابية وشكلها، وعلى مستوى تعديل عدد النواب بزيادته الى 130 عضواً أو إنقاصه الى 108، لن يشكل مفاجأة في اوساط المراقبين.
فمن راقب عمل اللجنة والظروف الأمنية والسياسية التي رافقت إحياءها كان يدرك سلفاً ان مناورة كبيرة تجري في ساحة النجمة منذ اللحظة الأولى بعدما جمعت على متنها نائباً أو إثنين حضروا على رغم المخاطر كلها بجدية واضحة بملفاتهم وإحصاءاتهم، ففضحوا آخرين حضروا لإستكمال تصوير جزء من "فيلم رديء" لم يقتنعوا للحظة أن مواقفهم تنسجم مع قناعاتهم، كذلك صراخهم الذي علا في اكثر من مناسبة.
فأعلنوا تضامنهم مع حليف لهم او أكثر بطريقة كيدية واضحة لإستدراج الخصوم الى أفخاخ معروفة سلفاً بالمعايير التشريعية والسياسية والوطنية كافة.
ولم يستطع منتجو الفيلم إخفاء عوراته، خصوصاً عندما ظهر ان مخرجه بدأ في تصوير اللحظات الأخيرة منه قبل بداياته، فاستعجلوا الخلاف منذ اللحظة الأولى في ظل فرز مذهبي وطائفي بغيض لا يخفى على أحد، وبهدف محاصرة فريق للآخر متجاهلاً قدرته على الصمود والخروج من المعركة هازماً ومهزوماً في آن لتقع الهزيمة في النتيجة على الدولة، وللدلالة على القصور في إمكان الوصول الى قانون عصري وثابت، يبدو بعيد المنال في ظل غرق لبنان والمنطقة في بحر من التوتر الناتج عن الأزمة السورية وتداعياتها.
ولم يكن في بال مسؤولين ومراجع رسمية، ولو للحظة، ان اللجنة ستنجز مهمتها فزمن المعجزات قد ولّى. وكشفت مصادر مطلعة ان كل ما كان منتظراً من اللجنة هو فتح ثغرة في جدار سميك يلف الحوار حول قانون تُجرى الإنتخابات المقبلة على اساسه فيما البلاد تقف على عتبة الأشهر الخمسة الفاصلة عن موعدها، وفي أجواء دولية تشجع إجراءها في مواعيدها بلا تأخير مهما كان الثمن، لأن توجه المنطقة في زمن الربيع العربي الى الإنتخابات والديموقراطية لا يسمح للبنانيين في العودة الى سياسة التمديد والتجديد.
في هذه الأجواء دار أخيراً نقاش عميق في دوائر قصر بعبدا، عندما انقسم الرأي حول صوابية استعجال رئيس الجمهورية الإدلاء بدلوه في قانون الإنتخاب الجديد، وقبل ان تستأنف اللجنة النيابية المصغرة إجتماعاتها واستكشاف ما يمكن ان تنتهي إليه من نتائج أو فشل، وقد انتهى النقاش الى قراءة واقعية لتوجه رئيس الجمهورية الذي هدّد باللجوء الى المجلس الدستوري في حال إقرار المشروع الأرثوذكسي وفي ذهنه التضامن غير المرئي على الأقل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومن قيادات أخرى.
فسليمان اكد صراحة انه لن يوقع مرسوماً يناقض العيش المشترك ويخرق الدستور، تزامناً مع تأكيد بري انه لن يدعو الى جلسة نيابية غير ميثاقية بمجرد ان يعلن النواب السنة والدروز رفضهم التصويت على المشروع الأرثوذكسي او اي قانون آخر لا يترجم الإجماع الوطني.
وعليه فقد استعجل سليمان موقفه متقدماً على من يشاركه الرأي بصمت لأسباب عدة، أولها، انه هو حامي الدستور والوحيد الذي اقسم على القيام بهذه المهمة ولن يسمح "بالتمادي وصولاً الى ارتكاب حماقة"، وثانيها، من اجل الوفاق الوطني والعيش المشترك ومنع الحاق القهر بفئة او طائفة لبنانية، وثالثها، اعتباره المشروع الأرثوذكسي الطريق الأقصر الى إذكاء المذهبية، ولقناعة منه بأن أي قانون يعتمد النسبية ولو في جزء منه، هو الأصح تمثيلاً.
وعليه، يقول العارفون إن نهاية اللجنة النيابية ليست مأسوية ولم يكن احد ينتظر انجازاً فذاً، فالنقاش في القانون الجديد للإنتخاب لن يتوقف وستظهر مشاريع أخرى، منها ما هو معلن والعكس صحيح. وفي المعلومات ان هناك مشاريع يجري تحضيرها، ولا بد من أن تعزز المناقشات حولها في الوقت المناسب.
ومنها قوانين طرحت في غرف مقفلة تتحدث عن تأهيل للمرشحين يسبق الإنتخابات النهائية، ومشروع آخر وصف بأنه "متقدم جداً" بات في عهدة سليمان وبري ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، ويقال إنه مشروع يوفر كثيراً من المقومات العصرية ويلبي مطلب التمثيل الصحيح، اما بقية تفاصيله فتبقى ملكاً للمثل القائل: "المجالس بالأمانات".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك