السفير
الضريح كان ساكناً وصور الرجل المنتشرة في أرجاء المكان تضيف الى الحضرة بعضاً من السحر.
ابتسامته لم تزل نضرة وثابتة في ذاكرتي إذ قلما كنت أراه من دونها وفي المرات القليلة التي رأيته مقطب الوجه كانت بسبب من ضغط هائل عليه لم يكن هو يرى له موجباً.
رجل كان يحب الحياة لكن ذلك لم يكن كافياً ليقتنع بأن الآخرين لا يستحقونها. كان يجهد نفسه لتخفيف آلام الآخرين ومعاناتهم.
كنت أسمع خصومه يتحدثون عنه. قلة من الناس كانت تعرف ان كل ما كان يقال غير صحيح. اليوم أيضاً يتحدثون عنه وهم لم يعرفوه جيداً.
قذفوه بأبشع التهم وحاكموه حضورياً وغيابياً لكن غالبيتهم تعرف تماماً ان تلك التهم كانت من عدة الشغل. أنا أعرف أن "فضله" غمر الجميع. كانوا يأتون إليه كمن يأتي الى ساحر وكان لا يخيب أملاً أو رجاء.
في السياسة ايضاً تقدمهم جميعاً. وحده كان يملك الرؤيا والرؤية والآخرون كانوا ينتظرون الليل لينصرفوا الى احصاء أرباحهم الشخصية.
لم يكن ملاكاً بالتأكيد ولكن الآخرين لم يتوقفوا عن قذفه بالحجارة وفي سجل كل منهم لائحة خطايا تطول وتطول.
افتحوا هذه السجلات. سجلات الإنماء المناطقي. سجلات المهجرين. سجلات تشريع المقاومة. سجلات إعادة إعمار العاصمة التي كانت مأوى للعبث.
ان شئتم افتحوا سجلات العلاقة مع سوريا. ماذا فعل الآخرون غير الانحناء استسلاماً وخنوعاً؟ ويا ليتهم يفتحون سجلات الفساد فتعبق عندها روائح الشياطين.
يتحدثون كما القيء ويتلذذون بروائح أفواههم. الآن يظهرون البطولة.. بئس هذا الزمان. بئس رجال تخيفهم صورة شهيد يبتسم.