قد يكون تعامل رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون مع "حزب الوطنيين الأحرار" والحالة الشمعونيّة برمّتها خير مثال على "التخلّي وخيانة الأمانة"، على حدّ تعبير مصادر متابعة لموقع "NOW".
قد يكون ارتداد الشمعونيّين و"الأحرار" وعودتهم إلى عرين الرئيس الراحل كميل شمعون أفضل تعبير عن خيبة الأمل التي أُصيبت بها شريحة عريضة من المسيحيّين راهنت على جنرال الرابية، الذي كان قال لرئيس "الأحرار" دوري شمعون بعيد عودته إلى لبنان عام 2005 إنّ التيار العوني ذوّب الشمعونيّين فيه وإنّ "الأحرار" ما عادوا موجودين.
المعروف أنّ الشمعونيّين كانوا يشكّلون معادلة سياسيّة وشعبيّة عابرة للمناطق والطوائف، وكان الشهيد داني شمعون بعد والده أبرز رموزها وقائدها الشاب والواعد. ووقف شمعون إلى جانب عون خلال "حرب الإلغاء" ليتم اغتياله بعد اقتحام الجيش السوري للمناطق الشرقية في حينه.
في العام 2005 كان الشمعونيّون يرَون في عون "أبا التحرير والقائد الواعد" الذي سيحقّق لهم أحلامهم ببناء وطن بعد الانسحاب السوري من لبنان. وكانوا جزءاً أساسياً من حالة تأييد تجلَّت بدعم مسيحي منقطع النظير لـ"التيار الوطني الحر" الذي حصدت لوائحه في الانتخابات في العام 2005 أكثر من ثلثي المسيحيّين.
وترى المصادر نفسها أنّ "المسار السياسي للعماد عون دفع بجزء كبير من المسيحيّين، وبينهم قسم لا يستهان به من الشمعونيّين، إلى الابتعاد عنه، بدءاً من الصفقة التي عقدها مع النظام السوري وأبرز حلفائه لقاء عودته إلى لبنان، ثم بورقة التفاهم مع "حزب الله"، إلى الدفاع عن أحداث 7 أيار 2008، والدفاع عن سلاح الحزب، وصولاً إلى مرحلة دخول "التيّار العوني" إلى السلطة وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وما رافقها من مواقف انقلابية على تاريخ "التيار" من قضايا كيانية ووجودية ومبدئية".
وقد كان وقوف الشريحة الأساسيّة من الشمعونيّين إلى جانب عون، يعود لاعتقادهم بأنه رجل الدولة الذي يرفع لواء الرئيس الراحل كميل شمعون ومشروعه وتطلعاته.
وتُبرز استطلاعات الرأي أنّ قسماً كبيراً من الشمعونيّين تركوا التيار العوني، ويُستدَلّ على ذلك أن العونيين تراجعوا في بعبدا مثلاً من أكثر من 70% إلى أقل من نصف المسيحيين، وهو ما ينسحب على كسروان كذلك، وهما معقلان تاريخيّان للحالة الشمعونية.
ويسعى حزب "الأحرار" راهناً إلى ضخ دم الشباب في شرايينه، وينشط قطاع طلابه في المجال، حيث كان أحيا ذكرى 13 تشرين الأوّل في "الجامعة الأنطونيّة" التي بقيت معقلاً للعونيّين فترة طويلة من الزمن.
ويشير مسؤول في "الأحرار" إلى أنّ حراك الشمعونيّين أخيراً تراوح بين الابتعاد عن عون إلى الانخراط مجدداً في حزب "الأحرار" وتولي المسؤوليات. ومن الأمثلة على ذلك، جورج أبي سمرا الذي كان عضو الهيئة التأسيسيّة في "التيّار الوطني الحر" ومسؤول "هيئة المهندسين" فيه، وهو اليوم يتولّى الملف الإنتخابي لـ"الأحرار" في المتن. كما أنّ الناشطَين البارزين سابقاً في "التيار" في كسروان طوني فنيانوس وطوني فهد يتوليّان مسؤوليات في "الاحرار" اليوم. وهناك مجموعة من الأمن الشخصي للعماد عون تركته، كانت أساساً في عداد "نمور الأحرار" الذين قاتلوا في خلال الحرب اللبنانية، وفي طليعة هؤلاء كل من عيد رزق وميشال الخوري.
الجدير بالذكر أن رموزاً شمعونيّة سابقة ما زالت إلى جانب عون ومن أبرزها صهره قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز والطبيب ناجي حايك القيادي الطامح إلى المقعد النيابي في جبيل.
وفي سياق تردّي الحالة الشعبيّة لعون، يرى المتابعون أنّ "اللبنانيّين لمسوا لمس اليد أنّ عون رافع الشعارات، هو نقيض نفسه بالأداء وداخل المؤسّسات"، ويضيف هؤلاء أنه "قد يكون أداء وزراء عون، وفي طليعتهم الصهر الوريث جبران باسيل أفضل مثال على قول الشيء والإقدام على نقيضه". لهذه الأسباب، يختم المتابعون، "تراجَع حجم التأييد المسيحي لعون بشكل مطّرد منذ عام 2007 حتى اليوم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك