تهويل نصر الله
Almustaqbal.org

لا يترك أمين عام حزب الله مناسبة إلا ويهول فيها على اللبنانيين بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هم صدقوا المجتمع الدولي في أي أمر.

في إطلالته الأخيرة بذل جهوداً حثيثة للإيحاء بأن القرار الإتهامي مسيّس وهدفه الأول حزبه ثم إحداث فتنة بين الشيعة والسنّة.

حسناً، فلنصدق نصر الله القول وأن هدف القرار الإتهامي أولاً والظني لاحقاً إحداث فتنة، وذلك على قاعدة الإفتراض. لكن فات أمين عام منظمة حزب الله المسلحة أن الفتنة تستلزم طرفين، وهو أمر غير متوفر لدى مؤيدي قيام المحكمة الدولية. فهؤلاء ليس لديهم لا الرغبة ولا النيّة ولا السلاح الموجود لدى حزبه. حتى انه في أدق الظروف حراجة، أي يوم غزا "المقاومون" بيروت في 7 أيار وانتهكت كرامة أهلها لم يبادروا إلى العنف ولا ارتدوا إليه.

ما يريده نصر الله ورهطه هو إقفال أبواب المحكمة إذا ما كان الإتهام موجهاً إلى حزبه وحلفائه، وأن تشرعها على مصراعيها إذا ما كان يطال آخرين لا علاقة له بهم. إذ أنه في الحالين سيسجل ربحاً صافياً.

والمريع في كلامه أنه يخاطب اللبنانيين من منبر فوقي، حتى أنه لم يترك هامشاً لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي كي يقول الأخير كيف سيتعاطى مع القرار الإتهامي. وحسم بأن أحداً لن يطال المتهمين ولو بعد 300 سنة.

ولتعزيز أحكامه القطعية يلجأ دائماً إلى المستندات الإسرائيلية ومحاولة إلصاق أي شيء ليس على هواه بالدولة العبرية، الأمر الذي أسقطه بفخ كان يمكنه تداركه لو أمعن النظر قليلاً بما تلاه على مسامع اللبنانيين.

فقد استشهد نصر الله بوثيقة، لا تمت بأي صلة للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في معرض تفنيده للقرار الإتهامي. وقال عن الوثيقة، أنه بعد انطلاق عمل المحكمة تم نقل موظفي لجنة التحقيق الدولية والمحققين والتجهيزات من لبنان "ولم يبق للمحكمة سوى مكتب". ثم قال عن افراد اللجنة إنهم غادروا عبر مطار بيروت "إلا أجهزة الكمبيوتر (التابعة لهم) وعددها 97 جهازاً، فقد نقلت عن طريق الناقورة (منطقة الحدود) إلى إسرائيل".

لكن مما يبدو من الوثيقة التي ظهرت على الشاشة أنها لعملية نقل تمت من القدس بتاريخ 8/7/2009 عبر وثيقة إسرائيلية "صادرة عن شعبة الضرائب وفيها محتويات المستوعب (الكونتينر) الذي ضمّ 97 جهاز كمبيوتر، والوثيقة لهيئة لحفظ السلام، والمتأمل بالوثيقة سيجد أنها خاصة بهيئة تابعة للأمم المتحدة مختلفة تماماً عن المحكمة الدولية الخاصة". ولفتت إلى أن اسم الهيئة واضح جداً في الوثيقة، وهو UNTSO كاختصار لاسمها بالإنكليزية، وهو United Nations Truce Supervision Organisation أي، هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، أما محكمة جريمة اغتيال الحريري فاسمها STL اختصاراً لـSpecial Tribunal For Lebanon أو "المحكمة الخاصة بلبنان"، أي أن الكمبيوترات التي تم نقلها عبر إسرائيل هي لأفراد هيئة مراقبة الهدنة، لا للمحكمة الخاصة باغتيال الحريري، باعتبار أن للهيئة مفارز منذ تأسيسها في 1948 لمراقبة الهدنة، وعاملة في القدس (حيث مقرها الرئيسي) والجولان والقاهرة وبيروت ودمشق، حسب الوارد في موقع الهيئة نفسها على الإنترنت.

قبل ذلك وقع نصر الله ، واوقع معه اللبنانيين ، في فضيحة ما اسماه مراسلة بين الزعيم الراحل العميد ريمون اده وبين وزير خارجية اميركا هنري كيسنجر.

من كانت حاله هكذا يتواضع ، ويكف عن التهويل على ابناء وطنه بدمائهم وارزاقهم. ومن تواضع لله رفعه.