إيلي فواز
NOW
ان اطلالة السيد حسن نصرالله الاخيرة تشي بحجم المأزق الكبير الذي ولجه "حزب الله"، لذلك تخلل الحديث الذي تناول المحكمة وقرارها الظني تحريف للوقائع والمستندات، وحججا اعاد الامين العام تلواتها على مسامع اللبنانيين لكنها بطبيعة الحال غير مقنعة.
فان يتم بناء موقف سلبي من المحكمة او ان يصار الى اتهامها بكونها اداة في يد كل من اسرائيل وامريكا على اساس بعض تسريبات لمضمون القرار الاتهامي في وسائل اعلامية هو ببساطة غير مقبول، لان حجة التسريبات لا تنال مطلقا من مصداقية المحكمة او نزاهة قضاتها المشهود لهم، فالمصداقية تكمن في جدية التحقيقات وقوة الحجة ورصانة المعلومات ودقة البراهين التي اتبعتها واستندت اليها المحكمة الخاصة بلبنان، كما التحقيقات التي تساق وفقًا لأعلى معايير العدالة الدولية ولا تعتمد نتائجها إلا على حقائق وأدلة دامغة في ادعائها على افراد من "حزب الله".
ثم الم يستعمل امين عام "حزب الله" هو نفسه مبدأ التسريبات في حربه النفسية مع اسرائيل خاصة في قضية الصواريخ التي يمتلكها؟ هل التسريبات تلك نفت عن الصواريخ حقيقة مداها؟
طبعا الخطاب اساسا كان موجها الى انصار "حزب الله" وجمهوره الواسع، خاصة بعد سلسة من الخضات الموجعة التي تعرض لها في خلال السنوات المنصرمة.
فالصورة الحديدية التي كان يتمتع بها الحزب واولياؤه والتي كان يتباهى بها وجمهوره وهنت واهتزت والاسباب كثيرة. فالحزب الحديدي اصبح وبحسب امينه العام مخترقا امنيا واجتماعيا من قبل اجهزة اسرائيلية بشكل يدعو للقلق والريبة. طبعا قبل ذالك كان 7 ايار، والتي بموجبها تخلت المقاومة عن تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وصوبت بنادقها على ابناء بيروت وقتلت منهم من قتلت، حتى صفة حزب المقهورين والمضطهدين نزعت عنه حين انبرى للدفاع عن الظالم في سوريا ضد المظلوم ولتبرير جرائم النظام ضد الانسانية هناك، ناهيك عن فضائحه المالية الكثيرة والتي افقدت الحزب هالة العصامية.
امام الواقع هذا وبعد اتهام عناصر من "حزب الله" باغتيال الرئيس رفيق الحريري كان لا بد من يطمئن امين عام "حزب الله" بعض الذين بدأوا يطرحون اسئلة محرجة وبعض الذين بدأت تعتريهم شكوكا حول انحراف الحزب في الاداء وابتعاده رويدا رويدا عن مبادئ كان يتغنى بها، خاصة وان تلك الشكوك ستكبر مع بدء المحاكمة العلنية وبروز وقائع جديدة لن يملك الامين العام اجوبة عنها ولن تنجح محاولاته بث معلومات مضللة او استهزاؤه بالاتهامات والادعاءات والقرارات الدولية في دحضها. فمن يريد ان يدحض اتهامات القاضي بلمار او يزيل الشكوك التي تحوم حوله، عليه ان يدفع عن نفسه التهم الموجهة اليه في قاعة المحكمة الخاصة وليس من على شاشات التلفزة والمنابر الاعلامية.
قيل ان بين القوي والضعيف، وحدها العدالة تحرر. نعم، فالعدالة تحرر من استبداد المستقوي على الضعيف ومن الظالم على المظلوم ومن المتسلط على الضحية. ونحن في لبنان منذ كنا كيانا سياسيا شهدنا سيلا من الجرائم السياسية بحق الوطن، من رياض الصلح الى فرنسوا الحاج، دون ان نعرف من كان يقف وراءها، ولماذا كانت؟
كان يقال كما اليوم ان الاستقرار يتقدم على العدالة والسلم الاهلي اثمن من الحقيقة، حتى اكتشف اللبنانيون انهم اسرى دوامة من العنف والاجرام لن تتوقف حتى يتحقق العدل وتنجلي الحقيقة. فكانت ثورة الارز غداة اغتيال الرئيس رفبق الحريري.
ان الديمقراطية المبتغاة والاستقرار المنشود والدولة القوية لن تستقيم الا بفعل المحاسبة والعدالة... ولن يهدأ بال اللبنانيين حتى تنجلي الحقيقة... حتى لو دام الانتظار... 300 سنة.