حسابات النقاط والمواقع بعد جلسة الثقة
النهار


()

 

استعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال ادارته جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة بعض الألق لموقع الرئاسة الثانية في القدرة على الفصل بين الموقع الحزبي الذي كان حادا في الاشهر القليلة الماضية في التعبير عن موقع الرئاسة الثانية كطرف في قوى 8 آذار قطع صلة الوصل والحوار مع الآخرين، وموقع رئاسة مجلس النواب ومحاولة التعاطي بموضوعية على قدم المساواة بين الاكثرية والمعارضة. لا بل اعطى انطباعا انه ربما كان اقسى على الاكثرية منه على المعارضة لاعتبارات عدة تتصل بمحاولة اعطاء مؤسسات الدولة في عهدة قوى 8 آذار صدقية تتصل ربما باقتناعه بأن الثقة للحكومة مؤكدة وتالياً لا ضير من اعطاء الانطباع بأن المجال لا يزال مفتوحا امام حرية التعبير والرأي ولو اختلفت الامور الى حد القطيعة بين الاكثرية والمعارضة، فيما مجلس النواب يظل المكان الوحيد الذي يمكن ان يتشارك فيه الطرفان. وشكلت دعوة الرئيس بري الى المصالحة للبعض علامة استفهام كبيرة لكن ايجابية حول كيفية ترجمة ذلك وبأي معايير في ظل ما يعيبه فريق الاكثرية على مصالحة نسفت اسسها قبل اشهر.
وقد قدم نواب قوى 14 آذار مطالعات قيمة وعميقة واحيانا محرجة لافرقاء 8 آذار وذلك من خلال إبراز نقاط واعادة التذكير بأخرى في غير مصلحة قوى في الاكثرية اضافة الى التوافق على المواقف نفسها ليس من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فحسب بل في جملة امور في البيان الوزاري كما في الموقف من سلاح "حزب الله" وسيطرته على القرار اللبناني. اذ نقلت هذه القوى معركتها حول رفض السلاح الى داخل المؤسسات ولم تبق الامر خارجها مما يعيد احياء الآمال بأن تعيد هذه القوى توحيد مواقفها وتستعيد زخمها في ضوء خصم بات أكثر وضوحا ويتمثل في أداء حكومي مرشح للكثير من الجدل على ضوء الموقف من المحكمة على رغم تأكيدات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خارج البيان الوزاري التعاون، وعلى ضوء مزايدات في المواقف لقوى 8 آذار مرشحة لأن تورط رئيسها في معارك يكون هو ضحيتها. وهو ما حصل في الاشارة الضمنية الى الكلام الذي قاله رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون في الاسابيع الاخيرة حتى لو ان احدا لم يسمه، في الوقت الذي تقول مصادر حكومية ان هناك توافقا على هامش يتمتع به الرئيس ميقاتي حول موضوع المحكمة وقام بتطبيقه من خلال ما أعلنه أخيراً لكن من دون الذهاب الى الجزم بالتعاون مع المحكمة في موضوع التمويل وكل ما تتطلبه باعتبار ان التمويل هو المؤشر الأهم للتعاون، لكن موقفه هو قد يختلف عن موقف الحكومة التي ستقرر هي في النهاية وليس وحده، بناء على ما اعلنه مسؤولو "حزب الله". وتاليا فان الاكثرية كسبت الحكومة فيما كسبت المعارضة جولة إثارة علامات استفهام كبيرة حول موقف الحكومة من المحكمة والتزاماتها كما حول موقع القرار الحقيقي وفي أي جانب هو وبأي موازين.
والسؤال بعد تأليف الحكومة ونيلها الثقة هو عن المرحلة التالية في نقاط متعددة سياسية وأمنية. ففي السياسة تبدو الازمة في بداياتها كما يتفق كثر على ذلك إن لجهة أن الحكومة في منطلقها كانت مشكلة وستبقى كذلك، كجزء من الصراع الداخلي والاقليمي على حد سواء في ظل اعتقاد انها قامت على أساس خلاف إقليمي، وللمساومة على ثمن ما لم يحصل أو لم يتم ويمكن ان تبقى كذلك في المرحلة المقبلة او لجهة احتمال ان ينقل القرار الاتهامي في تفاصيله التي ستعلن بعد اسابيع الامور الى محطات أخرى أوأيضاً احتمال ان تثير الحكومة في اي خطوة تتخذها الكثير من المشاكل. اذ ان حكومة اللون الواحد والتي تحظى بغطاء إقليمي أحادي يجاهد رئيسها لأن تكون حكومة كل اللبنانيين. وفي الامن ومع ان كثراً ارتاحوا الى ردة الفعل عموماً على صدور القرار الاتهامي ومذكرات التوقيف فضلاً عن اطمئنانهم الى مسار جلسات مناقشة البيان الوزاري من دون تصعيد سياسي كان منتظراً أو متوقعاً، فإن الكلام على ضبط النفس كان مطمئناً من حيث المبدأ لكنه كان مقلقاً أيضاً. وهذا القلق قائم بمقدار ما كان معبراً عن تفاعل مواقف يمكن ان تنفجر في أي لحظة وتحت أي ذريعة أي ما يتصل منها بعواطف جياشة أو أحقاد ضمنية أو التطرق الى الموضوع السوري.