الحياة
أفادت مصادر وزارية لبنانية لـ"الحياة" إن الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي ستنطلق في عملها هذا الأسبوع، لمعالجة ملفات متراكمة متوخية الحذر الشديد بهدف تفادي توفير الحجج لخصومها، لا سيما تيار "المستقبل"، ضدها، وأمام الجمهور السنّي العريض من جهة، ولإثبات تعاونها مع المجتمع الدولي وتبديد الانطباع بأنها مقيّدة في الوفاء بالتزاماتها بالعلاقة مع القرارات الدولية في شأن لبنان من جهة ثانية.
وأشارت المصادر نفسها الى أن ميقاتي سيتعاطى مع التعيينات الإدارية في مراتب الفئة الأولى في مؤسسات الدولة آخذاً في الاعتبار الحملة التي تُشن عليه من خصومه، ويبدو أنه قرر اعتماد مبدأ إعطاء الأولوية لملء الشواغر في إدارات الدولة الأساسية فيبدأ بالملحّ منها قبل المسّ بالمناصب المشغولة حالياً منعاً للمسّ بأي من المناصب التي قد تثير ضده عاصفة من الانتقادات.
وعليه، أوضحت المصادر الوزارية ان ميقاتي سيحافظ على الشخصيات السنّية الموجودة في مناصب حساسة، سبق لحلفاء له في حكومته أن طالبوا باستبدالها وشنّوا حملة عليها مطالبين بتنحيتها، مثل النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن والمدير العام للاستثمار في وزارة الاتصالات عبدالمنعم يوسف وغيرهم ممن يتولون مناصب حساسة في الإدارة، ومن المحسوبين في شكل أو آخر على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والذين جرى تعيين معظمهم في عهد حكومات سابقة على حكومة الأخير، وبعضهم في عهد حكومة ميقاتي الانتقالية، عام 2005.
وفي وقت تلاحظ المصادر نفسها ان معظم هذه المواقع الحساسة تتولاها شخصيات من الشمال وتحديداً من طرابلس، حيث القاعدة الانتخابية للرئيس ميقاتي، التي يحرص على مراعاة مشاعرها وعدم الإيحاء بأنه يوافق على إزاحتها من مواقعها تحت ضغط حلفائه، فإن هذا لن يحول دون السعي الى ملء الشواغر في الإدارات، من شخصيات بعيدة عن تيار "المستقبل" وقوى 14 آذار، لأن الأخيرة أبعدت نفسها عن الحكومة بقرار منها، وبالتالي من الطبيعي ألا تشمل التعيينات من هم مقربون منها، لا سيما على الصعيد المسيحي، ما سيشكل خسارة لهذه القوى. كما ان بعض هذه المصادر الوزارية لا يستبعد أن يخرق ميقاتي مبدأ عدم ازاحة أي من الموظفين السنّة الكبار، بالنسبة الى منصب أو اثنين على رغم المخاطرة التي ينطوي عليها ذلك في علاقته مع الجمهور السنّي، مستفيداً من قرار الإبقاء على من هم في المناصب الحساسة باعتبارهم سيكونون مولجين متابعة التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في ما يخص طلباتها من لبنان، إذ إن أوساطه تعتبر ذلك دليلاً على جديته في التعاون مع المحكمة، باعتبار انه أبقى عليهم لأنهم مقربون من قوى 14 آذار، ويقع على عاتقهم تنفيذ هذه الطلبات.
ورداً على سؤال عما إذا كان حلفاء ميقاتي في الحكومة ولا سيما رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، و"حزب الله" سيراعون ميقاتي في عدم المطالبة بإزاحة بعض الرموز من مناصبهم، قالت مصادر وزارية أخرى إن هناك اتفاقاً على عدم إحراج ميقاتي في الوسط السنّي، وهذا ينطبق أيضاً على ملف شهود الزور الذي سبق أن استندت اليه هذه القوى من أجل المطالبة بإزاحة هؤلاء الموظفين الكبار. وتابعت المصادر: "وهذا يعني ان ملف شهود الزور الذي كان الحجة التي أُسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري بسببه لن يطرح مجدداً تفادياً لإحراج ميقاتي، وهو أصلاً لم يُطرح أثناء التحضير للبيان الوزاري للحكومة، لا في اللجنة الوزارية التي كُلّفت إعداده ولا في مجلس الوزراء".
أما في ما يخص امتحان التعاون مع المجتمع الدولي، فإن تحديات الحكومة وفق ما تراه مصادر لبنانية رسمية متعددة، ووفق ما ناقشته غير جهة دولية مع الرئيس ميقاتي نفسه، لا تتوقف عند حدود التعاون الحكومي مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وطلباتها في إطار القرار الاتهامي أو القرارات الاتهامية التي لمّح المدعي العام القاضي دانيال بلمار الى إمكان إصدارها لاحقاً، بل تتعداها الى الملاحظات التي تطرحها الجهات الدولية على لبنان في ما يخص تنفيذ القرار الدولي 1701، في ظل المعلومات التي ترددت إثر التفجير الذي تعرضت له القوة الإيطالية قرب صيدا (في 27 أيار الماضي) عن نية بعض الدول خفض عديدها.
وذكرت مصادر وزارية أن ميقاتي أبدى حرصاً خلال مرحلة ما بعد تأليف الحكومة، على إبلاغ من التقاهم من الديبلوماسيين الأجانب أن دليله على نية مواصلة التعاون مع المحكمة الدولية هو ما تقوم به النيابة العامة التمييزية من خطوات تنفيذاً لما تطلبه وتحرك الضابطة العدلية في هذا الاتجاه، بغض النظر عن رفض "حزب الله" هذا التعاون. وتشير المصادر في هذا السياق الى ان "حزب الله" قرر ألا يحرج ميقاتي على قاعدة ان الحكومة ستقوم بما عليها والحزب يقوم بما يراه مناسباً في مواجهة المحكمة.