"الجريدة" الكويتية: الدوحة يحدد الحوار بـ حصر الأمن بالدولة ويشترط حكومة وحدة وطنية ومشاركة عربية

كتب نوفل ضو في صحيفة "الجريدة" الكويتية: جوبهت عملية “جس النبض” التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال سليمان لمعرفة ردة فعل الفرقاء اللبنانيين على إمكان استئناف أعمال “هيئة الحوار الوطني” بردات فعل غير مشجعة على توقع نتائج إيجابية من شأنها أن تنعكس تنفيسا للاحتقان السياسي الذي يسود الساحة اللبنانية منذ إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة التي تشكلت من “حزب الله” وحلفائه من دون مشاركة قوى 14 آذار.

وفي حين التزم “حزب الله” وحلفاؤه بعدم التعليق المباشر، لوحظ أن قوى 14 آذار سارعت الى التعبير إعلاميا عن عدم حماستها للتجاوب مع طرح رئيس الجمهورية.

وفسر المراقبون موقف “حزب الله” بأنه ترجمة عملية لشعوره بعدم الحاجة في الوقت الحاضر الى أي حركة سياسية لبنانية جامعة تغطي الأمر الواقع المتمثل بسلاحه بعدما أمسك بالقرار السياسي للدولة اللبنانية من خلال حكومة يملك فيها ليس فقط الأكثرية المطلوبة لتغطية سلاحه، إنما الإجماع الذي يضمن عدم إثارة أي إشكالية في شأن هذا السلاح.

حتى أن البعض ذهب في تفسير موقف “حزب الله” الى حد القول إن الحزب يعتبر أي حوار في شأن سلاحه بمنزلة منبر سيسمح لقوى 14 آذار بأن تعوض من خلاله جانبا من خسارتها المواقع الحكومية التي كانت تنطلق منها في التصويب على سلاح “حزب الله”، ومن هنا فإن الحزب غير متحمس لإعطاء “منبر شرعي” لخصومه من أجل استهداف سلاحه ودور هذا السلاح وطريقة إدارته.

في المقابل، فإن قوى 14 آذار تعتبر أن لاستئناف أعمال هيئة الحوار الوطني متطلبات لا تبدو متاحة في الوقت الحاضر، وهي تفضل عدم السير في لعبة من شأنها أن تعطي الواقع الحالي لسلاح “حزب الله” غطاء سياسيا لبنانيا جامعا.

وترى قيادات بارزة في المعارضة الجديدة أن العودة الى أعمال “هيئة الحوار الوطني” من شأنها أن تنتزع من قوى 14 آذار الورقة السياسية الأخيرة التي تواجه بها “حزب الله”، ما لم تترافق هذه العودة مع شروط لا تبدو متاحة في الوقت الحاضر.

ومن أبرز هذه الشروط:

1- إيجاد صيغة تضمن التوازن في إدارة الحوار بعدما انتقل رئيس الجمهورية ميشال سليمان من الموقع الحيادي والوسطي والوفاقي الذي انتخب على أساسه بعد التوصل الى اتفاق الدوحة في مايو 2008، الى موقع من أمن الغطاء الدستوري لحكومة من لون واحد برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي تضم “حزب الله” وحلفاءه حصرا.

2- رفض توسيع جدول أعمال الحوار بحيث يصار الى الالتزام بما نص عليه اتفاق الدوحة في هذا المجال لناحية “تعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كل اراضيها وعلاقتها مع مختلف التنظيمات على الساحة اللبنانية بما يضمن أمن الدولة والمواطنين (…) وحظر اللجوء الى استخدام السلاح او العنف او الاحتكام اليهما في ما قد يطرأ من خلافات ايا كانت هذه الخلافات وتحت أي ظرف كان بما يضمن (…) حصر السلطة الامنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة (…) وتتعهد الاطراف بذلك. وتطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كل المناطق اللبنانية بحيث لا تكون هناك مناطق يلوذ اليها الفارون من وجه العدالة احتراما لسيادة القانون وتقديم كل من يرتكب جرائم او مخالفات إلى القضاء اللبناني”.

3- الالتزام بما جاء في اتفاق الدوحة لناحية “استئناف هذا الحوار برئاسة رئيس الجمهورية فور انتخابه وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وبمشاركة الجامعة العربية وبما يعزز الثقة بين اللبنانيين”.

وترى قوى 14 آذار أن حل العقدة الأولى المتمثلة بحيادية المرجعية التي ستدير الحوار وتشرف عليه تتمثل بالعودة الى نص اتفاق الدوحة لناحية “مشاركة جامعة الدول العربية” لاعتبارات عدة أبرزها الحاجة الى ضامن للتنفيذ في ظل تجربة عدم التزام “حزب الله” باتفاق الدوحة سواء من ناحية استخدام السلاح في الداخل، أو من ناحية حماية مطلوبين للعدالة كما بالنسبة الى المطلوبين بمذكرات توقيف صادرة عن المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، أو غيرها من النقاط.

وتخلص مراجع قيادية في قوى 14 آذار الى اعتبار أن اتفاق الدوحة يجعل من الحوار في ظل حكومة “حزب الله” وحلفائه مستحيلا من خلال النص الذي يشترط لإطلاق الحوار انتخاب رئيس توافقي وقيام حكومة وحدة وطنية بعدما فقد الرئيس ميشال سليمان الكثير من مقومات التوافق، وبات لبنان في قبضة حكومة اللون الواحد.