عناصر دويلة حزب الله تعتدي على فريق عمل الـ"mtv" في لاسا
عناصر دويلة حزب الله تعتدي على فريق عمل الـ"mtv" في لاسا

يصح تذكير الحكومة ورئيسها وهي تستعد لإطلاق ورشة بناء الدولة كما أكدت في بيانها الوزاري, بضرورة ترسيم حدودها الداخلية قبل أنّ تتنطّح لترسيم حدودها مع الدولة الصديقة والدولة العدوة.

وعندما نتكلم على الحدود الداخلية, نعني بوضوح حيث تمتد سلطتها الأمنية وسلطتها القضائية, بحيث يكون كل ما يقوم على هذه الأرض من بشر وحجر تحت حمايتها وتحت سلطتها.

ما دفعنا إلى استعادة درس الصف الابتدائي في سيادة الدول, هو التعرض السافر لفريق عمل صحافي تابع للـ"mtv" لإعتداء في منطقة لاسا في جبيل على أيدي ما بات يُعرف بـ"الأهالي" في مثل هذه الحوادث, لمنعنا من إنجاز المهمة، مستعملين, وفي حماية سيارة بزجاج داكن, كل الوسائل العنفية.

 

وفي تفاصيل الحادث كما جاء في تقرير الزميلة جويس عقيقي ما يلي:

 

"لم يكن يخطر ببالنا أننا عندما سنتوجه لتصوير تحقيق عن قرى لاسا، والغابات وأفقا، تلك القرى الجبيلية التي يعاني أهلها من غبن وظلم جراء الاعتداء على أراضيهم واستباحتها، لم يكن يخطر ببالنا أننا سنواجه أولا باعتداء ضار علينا! فما لبث أن وطأت أقدامنا أرض لاسا حتى اعترضتنا مجموعة من الأهالي بسيارة "شيروكي" داكنة الزجاج، لتقطع لنا الطريق، وتجبرنا على النزول أرضا، وتستولي على الشريط المصور الذي لم يكن عليه سوى لقطة للبلدة. والقصة لم تنته هنا، فأصحاب "المراجل" وجهوا إلينا السباب والتهديد، وكسروا الشريط المصور، وحاولوا انتزاع الكاميرا منا عنوة، حتى أن شرطي البلدية الذي قال إنه يتحدث إلينا بصفة رسمية، تجرأ وطلب أوراق سيارتنا، والمفارقة أنه صودف مرور آلية عسكرية في المكان خلال الإشكال، إلا أن عناصرها لم يحركوا ساكنا، وكأن شيئا لا يحصل!"

 

"منعنا من التصوير في لاسا ولكننا صممنا على المضي قدما، فأكملنا التصوير في بلدة الغابات وتحدثنا إلى الأهالي الذين اشتكوا من التعديات المتمادية على أملاكهم الخاصة وعلى مشاعات البلدة. وقال رئيس بلدية غابات بشارة قرقفي أنه يعمل على حل الموضوع بالتعاون مع الأهالي".

 

الـ"mtv" استطاعت الحصول على كتاب وجهه مطران أبرشية جونيه نبيل العنداري لوزير الداخلية آنذاك زياد بارود، يقر فيه أن الأبرشية تملك أكثر من 10 ملايين مترا مربعا في بلدة لاسا، وهي العقارات من الرقم 31 حتى الرقم 125، وحصلت الـ"mtv" أيضا على خارطة مسح رسمي، تعود لعام 1939، قام به المطران الياس ريشا آنذاك، وهذا المسح يثبت ملكية المطرانية لهذه الأراضي غير أن أهالي بلدة لاسا يرفضونه رفضا قاطعا، ولا يعترفون به، مع أنه مثبت في الدولة اللبنانية، ربما لأهداف توسعية!

 

هذا واستنكرت جمعية "إعلاميون ضد العنف"، اعتداء من أسموهم "أمن حزب الله", على فريق الـ"mtv" في لاسا وفي الضاحية الجنوبية, مضيفة "يبدو أن حزبَ الله يستخدم عنوان الأهالي حينا لمواجهة اليونيفل, وحينا آخر لمواجهة أجهزة الدولة لمنعها من التصدي للمخالفات، وأحيانا لوضع اليد على أملاك الكنيسة المارونية, وهو يتجه الى إطباق وصايته على الحياة السياسية في لبنان." الجمعية اعتبرت أن تعديات حزب الله تندرج في سياق اخضاع اللبنانيين وتدجينهم, محذرة من محاولاته لضرب الحريات العامة وقمع الاعلام.

 

وفي هذا الاطار أمل المجلس "الوطني للإعلام المرئي والمسموع" من القوى السياسية على اختلافها أن لا تحول دون ممارسة المؤسسات المرئية لعملها، وأن لا تتعرض بالإعتداء والإساءة للعاملين فيها إلى أي لون سياسي انتموا". وختم مستنكرا "ما تعرض له فريق الـ"mtv" خلال تغطية ميدانية في لاسا.

 

من جهته قال نائب نقيب المحررين سعيد ناصر الدين، في بيان اليوم: "في كل مرة عندما تفلت الغرائز من عقالها يطول الاعلام النصيب الاوفر من "فشة الخلق"، وهذا ما حدث لفريق أخبار محطة "mtv" بحيث أقدمت بعض العناصر على تحطيم كاميرا التصوير العائدة الى الفريق ومنعته من اكمال مهمته خلال تقرير اخباري كان يعده في بلدة لاسا - جبيل، بحسب ما أفاد بذلك مدير الاخبار في المحطة غياث يزبك". واضاف: "اننا في نقابة المحررين كما سبق ان اعلنا في غير مناسبة كان الاعلاميون يتعرضون خلالها لاعتداءات ومضايقات اثناء ممارسة مهماتهم الاعلامية لن نسكت عن اي اذى يطول اعلاميا الى اي موقع او مؤسسة انتمى. ولن نرضى بان يكون الاعلام في كل مرة "كبش محرقة" او "مكسر عصا". وسبق لنا ان أعلنا اننا في صدد إعداد ميثاق شرف توقعه الشخصيات السياسية والاحزاب وهيئات المجتمع المدني يكون بمثابة عهد يلتزمه موقعوه امام الرأي العام اللبناني، برفع الغطاء عن أي شخص يعتدي على اعلامي او يمنع أي اعلامي من القيام بمهمته التي نعتبرها مقدسة. وهي بالتالي بمثابة اعتداء على الحريات التي كفلها الدستور. واننا في نقابة المحررين نطالب الاجهزة المختصة بملاحقة المعتدين وإحالتهم امام المراجع القضائية المختصة".

 

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "المستقبل" أنّ وزيرَ الداخلية مروان شربل استنفرَ اتصالاتِه لمعالجة ذيول الحادثة وأوعز بإلقاء القبض على كل الذين سبق واعتدوا على وفد الرابطة المارونية والإعلاميين وإحالتهم على القضاء المختص. وكشفت مصادر مطلعة على هذه الاتصالات أنّ شربل لوّح بالاستقالة، احتجاجا على التمادي في كسر هيبة الدولة من خلال التعدّي على الأملاك البطريركية، ممّا يهدد بفتنة طائفيّة، الأمر الذي دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقيادة "حزب الله" ونواب تكتل التغيير والإصلاح في جبيل الى الموافقة على طلب الوزير شربل وضع حد سريع لهذه التعديات.

 

الإعتداء الذي حصل أمس ليس الأول من نوعه. فمنذ أقل من أسبوع اعتدت العناصر نفسها، تحت راية ما يسمى بـ"الأهالي" على فريق المسح الفني الذي كان توجه لمسح أملاك مطرانية جونية المارونية في لاسا. حيثيات نعرضها أمام الرأي العام لخطورة ما جرى وما يجري من تجاوزات. ونناشد السلطات المعنية حماية المواطن اللبناني، وحق الملكية، والعيش المشترك الكريم، والحرص على إحقاق الحق تحت سقف القوانين المدنية أن تعمل على تطبيقها في هذا الوطن لكي نكون "كلنا للوطن".