التعدي على الاملاك العامة عودٌ على بدء
التعدي على الاملاك العامة عودٌ على بدء

تعد حرية التعبير وإبداء الرأي من الحقوق المقدسة للإنسان، وتظهر حرية الصحافة أهم تجلياتها، فهي السبيل الوحيد الذي من خلاله نستطيع معرفة ما يدور في المجتمع من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنها تكشف اي خلل موجود في البلاد وتوضح نقاطا غامضة تثير علامات استفهام عدة تحت شعار "عدالة" و"مساواة"...

منطقة طريق المطار من المفترض إن تكون واجهة لبنان الحضارية بينما أصبحت في الحقيقة منذ سنين عدة، بؤرة للتعديات على الأملاك الخاصة، في بلد من المفترض ان يكون فيه جميع المواطنين متساويين تحت سقف القانون وأن لا يكون القانون خاضعا لسلطة الأمر الواقع... في منطقة برج البراجنة، بنيت محلات وبيوت خلافا للقانون على مشاع مساحته 100328 متر مربّع. مع العلم ان مؤسسة الشهيد التابعة لحزب الله اشترت مساحة صغيرة من الأرض التي بني عليها جامع ومستشفى الرسول الأعظم.

المحامي جو دبّانة هو شخص من الضحايا الذين حاولوا المستحيل لاسترجاع حقهم وارضهم، وبات وكيلا لغيره من أصحاب الملك اللذين لديهم المشكلة ذاتها، فلجأ الى القانون وحتى الى مفاوضات بعيداً عن التجاذبات السياسية ولكن من دون جدوى. دبانة ورث من أهله العقار 1244 في برج البراجنة ويملك كلّ الوثائق التي تثبت هذا الامر. اليوم وفي ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة، دبانة غير قادر ان يبيع أرضه ولا ان يسكن فيها أو يأجّرها...

كاميرا الـ"م تي في" رغبت في معاينة المكان، وهنا كمنت المفاجأة فأثناء قيام الزميل خليل عقيقي بتصوير لقطات على طريق المطار الذي من المفترض ان يكون طريق عام وغير محظور على الصحافيين، فوجئ فريق الـ "أم تي في"  باعتراض عمله! والغريب في الموضوع ان الاعتراض لم يكن من جانب الامن الداخلي أو الجيش اللبناني فقط! بل من قبل أفراد تابعين لأمن حزب الله الذين طلبوا من أفراد الفريق وقف التصوير ومرافقتهم في الحال الى مكتب أمني داخل المنطقة، حيث جرى استجوابهم عن طبيعة عملهم وأصروا على تسليمهم الشريط لأنّه حسب ما قالوا ممنوع التصوير في هذا المكان من دون إذن مسبق من المكتب الإعلامي للحزب، وبعد مفاوضات استمرت لنحو الساعة جرى الافراج عن فريق العمل بعد محوه بعض المشاهد المصوّرة.

هذا الحادث الذي يعتبر انتهاكا لحرية وتنقّل وعمل الصحافي، يضعه فريق الـ"أم تي في" برسم المسؤولين، ويُضم الى مشكلة المخالفات على طريق المطار وحقوق المواطنين المنتهكة كواقع قائم لا يمكن إخفاؤه أو السكوت عنه الى الأبد، بل لا بدّ إن يعالج يوماً ما استناداً الى القانون... هذا إذا أردنا فعلاً بناء دولة القانون.

ويبقى السؤال الغامض سائدا، هل في لبنان كيانات أمنية "خاصة" تحلل ما تشاء وتحرم ما تشاء؟