ممنوع اقتراب الإعلاميين والأمنيين وأصحاب الحقوق، لاسا مربّع أمني لـ"حزب الله" في جبيل

جويس الحويس

الجمهورية


لاسا أيضا وأيضا، وكأنّ المربعات الأمنية المحظورة على الدولة بكل أجهزتها قد انتقلت إلى الجرد الجبيلي، حيث تبدو لاسا عصيّة على الخضوع للقانون، وأقوى من أن يتمكن أصحاب الحقوق من تحصيل حقوقهم.

بعد الاعتداء على وفد الرابطة المارونية على أيدي عناصر حزبية في بلدة لاسا الشيعية الأسبوع الفائت، اعتدت "عناصر الدويلة، دويلة حزب الله" أمس، على الزميلة جويس عقيقي، ومعها المصور بيار بو كرم، ومساعده جوناثان الحاج من محطة "أم تي في". الاعتداء جاء من قبل بعض أشخاص يعدّون أنفسهم مواطنين فوق العادة، كيف لا ومرجعيتهم دويلة السلاح.

"الجمهورية" حاولت استيضاح رئيس البلدية عصام المقداد ما جرى في شأن الحادثة، إلا أنّ جوابه كان: "أنا ما عندي شي قولو، وخصوصا للجمهورية".

عقيقي: أنا مواطنة

تروي عقيقي لـ"الجمهورية" تفاصيل الاعتداء الذي تعرضت له من قبل عدد من الأشخاص الذين حضروا إلى المكان على دراجات نارية، خلال قيامهم بتصوير لقطة للبلدة من بعيد.

وتابع فريق العمل طريقه باتجاه الغابات، فاعترضت طريقه سيارة رباعية الدفع، فيها خمسة أشخاص، قطعوا الطريق، وانهالوا بالشتائم والصراخ عليهم، وحاولوا مرارا أخذ الكاميرا، فنزعوا منها شريط التسجيل. تضيف عقيقي: "حاول المصور مرارا منعهم وإبعادهم عنا من دون جدوى"، مشيرة إلى أنهم كانوا يردّدون عبارات "ممنوع تجو على الضيعة"، "ممنوع التصوير هون"، فسألتهم عقيقي عن السبب من دون جدوى.

اللافت، أن من بين المعتدين شرطي بلدي، أكد أنّ هناك قرارات عليا بعدم التصوير في البلدة.

وأشارت إلى أنّ الفريق سلك طريقا أخرى لدى مغادرته المكان، "نبهونا أنهم ناطرينا على الطريق إذا رجعنا على الضيعة".

وانتقدت عقيقي هذه الاستباحة للأراضي في المنطقة، لافتة إلى أن "أنا ما طلعت على المنطقة بخلفية سياسية ولا حتى بأهداف مشبوهة، أنا طالعة دافع عن حق ناس مظلومة من العام 1994"، سائلة عن حق الصحافي بالحرية والإضاءة على موضوعات حساسة تعنى بشأن المواطن.

سعيد يؤلف لجنة

وفي هذا السياق، انتقد منسّق الأمانة العامة لقوى "14 آذار" النائب السابق الدكتور فارس سعيد هذا التطاول على الجسم الصحافي من قبل عناصر من "حزب الله"، مؤكدا أنّ "الإدانة لا تكفي في هذا الصدد، والسلطة مدعوّة إلى اتخاذ تدابير أولها أن يعمد وزير الداخلية مروان شربل إلى توقيف المعتدين على الصحافيين، وثانيا أن يتخذ وزير الاعلام موقفا له علاقة بحماية الحريات الإعلامية، وثالثا استكمال أعمال المساحة على نحو فوري من أجل نزع الفتيل الطائفي"، معلنا عن "تشكيل لجنة من كل القرى لمتابعة هذا الموضوع".

تمركز الحزب

أشارت مصادر مطلعة إلى أنّ بلدة "لاسا" الشيعية في جرود القضاء تحولت مركزا وقاعدة خلفية لحزب الله، وعلى الأغلب ملجأ آمنا لقيادات هذا الحزب.

أضافت المعلومات أن الحزب أنشأ في البلدة قاعدة عسكرية وحفر الأنفاق وأقام الملاجئ، كما أنه استقدم اليها عناصر خارجية، وأقام في وسط الطريق عند مداخل البلدة حفرا ترغم المارة على الحد من سرعتهم ما يتيح للكاميرات التي نصبها الحزب في لاسا التقاط صور السيارات والمارة وهوياتهم.

يتابع المصدر أنّ أهل المنطقة باتوا يعتبرون أن لاسا تشكل مستوطنة لحزب الله في وسط القضاء، وخصوصا أن نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم لجأ اليها في العام 2006 خلال الحرب الإسرائيلية، كما أنه استخدمها مقرا لإدارة معركة التيار الوطني الحر الانتخابية في القضاء في الانتخابات الأخيرة.

المصادر أشارت إلى أن لاسا، إضافة إلى أنها أصبحت مستعمرة لحزب الله، أصبحت تشكل نقطة الربط بين قضاء بعلبك ذي الغالبية الشيعية وقضاء جبيل، حيث عمد حزب الله بالتعاون مع نواب المنطقة من التيار الوطني الحر والنائب الشيعي عباس هاشم الى إقامة شبكة طرق تربط حدث بعلبك بقضاء جبيل وصولا الى الساحل في بلدة عمشيت من دون ان تمر شبكة الطرق هذه بأي قرية أو بلدة مسيحية.

وتشير المصادر إلى أنّ خطة الحزب في إحكام السيطرة على بلاد جبيل عبر قاعدة لاسا العسكرية ما زال يعترضها عائق عقاري واحد يتمثل بالملكيات العقارية الواسعة في البلدة وخراجها، والتي تملكها الكنيسة المارونية. وتضيف أنّ الكنيسة المارونية اشترت هذه الأملاك من أهالي لاسا في العام 1917، وتقدر مساحتها بثلاثة ملايين متر مربع، إبّان موجة القحط التي ضربت لبنان وتسببت بمقتل عدد من السكان جوعا، فباع أهالي لاسا أراضيهم أسوة بباقي اللبنانيين وهاجروا الى بعلبك. ويسعى الحزب اليوم الى وضع يده على هذه الاملاك مجدداً بفائض قوة السلاح، إذ يقوم عناصر الحزب بالاستيلاء على كنيسة من هنا ووضع يد على عقار من هناك، معتمدين سياسة القضم التدريجي للسيطرة على أملاك الكنيسة ترهيبا وترغيبا.

والحبل على الجرار، فهل من تحرك قريب قبل فوات الأوان؟

الراعي

وتعليقا على ما يحصل في لاسا، أوضح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال لقاء عقده في جبيل، أنّ "هناك اعتداءات على أملاك مطرانيّة جونية المارونية، وصدر قرار عن القاضي العقاري بإجراء المسح، وحصلت بعض الخلافات مع المواطنين وأهالي البلدة"، مؤكّدا "أننا نعيش تحت القانون في هذا البلد، ولا يحقّ لأحد الاعتداء على الآخر، فالقانون موجود لحماية الناس، والقضاء لإعطاء كلّ صاحب حق حقّه، فالتعدّيات موجودة في لاسا، ويجب معالجتها حبّيا وإلّا قانونيّا".

من جهته، دعا النائب عبّاس هاشم في مداخلة إلى سحب الموضوع من السجالات الإعلامية وإبقائه في إطاره القانوني، وعدم تسييسه"، مؤكّدا أنّ "المشكلة ليست بين الكنيسة المارونية وأبناء الطائفة الشيعيّة في البلدة".

بدوره أعلن النائب سيمون أبي رميا "أنّنا نسعى إلى معالجة الملفّ بمحبّة واحترام القوانين، وعُقدت اجتماعات مع المرجعيّات المعنيّة للوصول إلى حلّ"، متمنّيا "إخراجه من السّجال الإعلامي وعدم استغلاله سياسيّا