النهار
مرة جديدة، يعود ثقل "التصنيف" ليرخي بثقله على الاقتصاد اللبناني وتحديدا على القطاع المصرفي، وهو الحلقة الاضعف، كونه يبقى تحت انظار المجتمع الدولي بسبب علاقاته مع المصارف والمؤسسات المالية في الخارج. فما هي الترددات؟
قبل يومين، خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية الى 4 مصارف لبنانية من "مستقر" إلى "سلبي" بسبب التطورات في المنطقة وايضا نتيجة تراجع اداء الاقتصاد المحلي في النصف الاول. المصارف المعنية هي "بنك عوده" و"بنك لبنان والمهجر" و"بنك بيبلوس" و"بنك بيروت".
تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لصحيفة "النهار" عن كلفة يرتبها التصنيف السيادي للبنان، ولا يتحملها المصرف المركزي وحده بل السياسة النقدية برمتها، مؤكدا ان للجميع مصلحة في اجراء اصلاحات تفضي الى رفع تصنيف البلاد "نظرا الى الوفر في الكلفة على الاقتصاد بفضل تراجع معدلات الفوائد، بما ينعكس تاليا على مجالات الاستثمار". ولفت الى ان السياسة النقدية تصبح بدورها اقل كلفة بما يتيح لها هامشا واسعا من العمل على الاستقرار النقدي.
الا انه اشار الى ملاحظات لديه على تصنيف "موديز" الاخير مع تأكيده احترام عمل مؤسسات التصنيف، مستندا بذلك الى ادائها الذي لم يحذر من قضية "المشتقات المالية" Subprime التي كانت في اساس ازمة المال العالمية في 2008.
وأوضح ان تلك المؤسسات انتُقدت بشدة من المصارف المركزية في اوروبا التي اعتبرت ان خفض تصنيف بعض الدول جاء متأخرا على الازمة بدل حلها.
وبالنسبة الى لبنان، اكد انه لا يتوافق مع "موديز" في خفض توقعاتها الاخيرة، "لاننا نجري اختبار الضغط Stress Test على المصارف الموجودة في دول الاضطراب العربي، وقد تبيّن لنا ان لا مخاطر عليها غير محمية من رأس مالها المخصص لعملها في الخارج".
من هنا، اشار الى استحالة انتقال المشكلة من مصرف موجود في اي دولة الى لبنان. الى ذلك، أكد ان تلك المصارف لا تزال تحقق ارباحا لغاية اليوم، اي بعد مرور اشهر على اندلاع الاضطرابات الامنية وحددتها "موديز" في تقريرها، "بما يؤكد استحالة انتقال المشكلة من الخارج الى الداخل. لذا، لا اتوافق مع الوكالة على خفض توقعاتها". وفيما اوضح انه لم يطلع على المحادثات التي جرت بين "موديز" وتلك المصارف، "لكن ما فهمته من اداراتها انها مستغربة هي ايضا صدور هذا القرار الذي لم يكن له اي آثار في السوق".
وكانت الوكالة اوضحت في تقرير صدر قبل يومين ان تعديل توقعاتها يتعلّق بالمتانة المالية والودائع الإجماليّة بالعملة المحلية لكل من المصارف الأربعة. فمستوى تصنيف المصارف هو
- D حيال المتانة المالية BFSR، بما يُترجم تصنيفاً عند مستوى Ba3 وفق مقياس الوكالة للامد الطويل. أما التصنيف المتعلق بالودائع الإجمالية بالليرة فهو عند مستوى Ba3 أيضاً. كذلك عدّلت توقعاتها للديون الثانوية لـ"بنك بيبلوس" من "مستقرّ" إلى "سلبي". وانسحب التغيير أيضاً على تصنيف المصارف على الصعيد الوطني للأمد الطويل، بينما لم يتأثر تصنيف الودائع بالعملات الأجنبية للامد الطويل الذي بقي متينا لانه يحظى بمستوى B1.
ووفق التقرير، فان خفض أفق المصارف اللبنانية يعكس تباطؤ الاقتصاد اللبناني في ظلّ عدم اليقين السياسي في النصف الأوّل من 2011، إضافة إلى استمرار الاضطراب في سوريا، بما أثّر سلباً على الاوضاع الائتمانية محلياً ويُمكن أن يُضعف نوعية أصول المصارف المصنّفة وربحيّتها. وحذّر من ان ازدياد الشكوك، محلياً وإقليمياً، يؤثّر في بيئة أعمال المصارف اللبنانية ويرفع مستوى المخاطر على نوعية أصولها وأدائها.
وتعقيبا ايضا، رأى الوزير السابق والرئيس السابق لجمعية المصارف ورئيس مجلس ادارة البنك اللبناني الفرنسي فريد روفايل ان موضوع مؤسسات التصنيف يتحمل جدلا كبيرا، "اذ لم تحذر تلك المؤسسات من ديون مشكوك بتحصيلها لدى مصارف كبيرة انهارت مع ازمة 2008، بما يثير لدينا تحفظات معينة". واذ اكد ان المصارف تهتم حتما بدراسات تلك المؤسسات وعلاماتها التصنيفية، بدليل ان مصرف لبنان يرغم المصارف ان تنال علامات على توظيفاتها الخارجية، "الا ان التقرير الاخير ليس جيدا لعلاقة مصارفنا مع الخارج". وذكّر بان المصارف محكومة بالتصنيف السيادي للبنان، "ومع ذلك، تقدر مصارفنا على تحمل نتائج العلامات الناجمة عن اداء دول اخرى، لانها تدرك مع من تعمل وايضا لانها تحمل تاريخا طويلا من العمل المصرفي المحفوف بالمخاطر الذي بدأته منذ عام 1975".