المحكمة وسوريا العاملان المحرّكان ولا نتائج ممكنة "مسار حوار" أشبه بمفاوضات السلام؟
النهار

لا حوار محتملا في المدى المنظور بين الافرقاء السياسيين في لبنان وان تكن تعبئة الفراغ السياسي الحالي الذي لم تستطع الحكومة الجديدة ان تملأه بحركة ناشطة في بداية انطلاقتها تجري بالتراشق الحواري عبر وسائل الاعلام. فالدينامية الحالية للامور هي خارج قدرة القرار اللبناني في موضوعين مؤثرين على الوضع على الاقل احدهما يتصل بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان علما انه يتردد في بعض الاوساط أن ثمة سعي الى الحوار من اجل ايجاد طريقة لتقبل نتائج هذا الملف فيما الجميع الى طاولة الحوار بما يساهم في تعطيل مفاعيله. والآخر يتصل بالموضوع السوري وما يجري من تطورات تشي بانتقال الامور في سوريا الى مكان آخر مع كل التحولات التي يمكن ان تأتي بها فيما يحاول الافرقاء في الحكومة التشبث بواقع ان ما يجري لا يمس النظام في سوريا وانه لا يزال قويا وقادرا كما كان دوما.

وعلى غير ما كانت عليه الدعوات الى الحوار وما كانت تثيره من اهتمام خارجي لجهة التشجيع عليه وتبريره لان محاولات ايجاد حلول لازمات سابقة استغرقت سنوات عدة، فان الحماسة للحوار في لبنان لم تعد هي نفسها كما كانت في السابق وان كان الحوار هو وصفة مبدئية في كل الاوضاع والظروف تفاديا للبدائل. فبالاضافة الى أن الوضع اللبناني لا يثير أي اهتمام ولا يدخل في اولويات الخارج تبدو التطورات فيه رهناً بما يجري في المنطقة وتحديدا ما يجري في سوريا الذي سيشكل نقطة تحول جذرية مهمة كيفما انطلقت الامور في لبنان. وتاليا فان الحوار المرشح لان يحتل الواجهة لا يعدو كونه مماثلا لمفاوضات السلام التي لن يكون مهما للأفرقاء الساعين اليها لاعوام عدة ان تؤدي الى نتائج بمقدار ما هي مهمة بالنسبة اليهم ان يكون هناك مفاوضات سلام والايحاء بالسعي اليه. فهذا يخدم اغراضا سياسية محددة واهدافا توظف على مدى عقود وقد بررت غياب الحروب الكبيرة المباشرة وحظي الافرقاء المعنيون بمساعدات وحتى بتقدير ومسامحة عن تجاوزات كثيرة تحت عنوان السعي الى السلام حتى ان النظام السوري فك العزلة التي فرضت عليه بعد عام 2005 بحجة سعيه الى السلام. ويرجح معنيون ان تكون عملية الحوار التي يدور الكلام حولها اشبه من دون نتائج او اهداف علما انه يمكن تحقيق نتائج على الهامش على نحو مماثل لمسار عملية السلام.

خلال الاشهر الاخيرة سجل مراقبون متابعون امرين اساسيين : الاول ان لبنان الذي استقبل مراسلين أجانب كباراً زاروه ولا يزالون لرغبتهم في البقاء على مقربة من التطورات الميدانية السورية نتيجة منع النظام السوري وسائل الاعلام من دخول الاراضي السورية لم يواكب هذه الاحداث اعلاميا وسياسيا وفق ما يجب. وقد وعى هؤلاء مدى الضوابط المباشرة او غير المباشرة التي تسمح بالوقوف مع النظام السوري على ما جرى تكرارا عبر التظاهرات في لبنان او عبر التصرف مع الهاربين السوريين الى لبنان ولا تسمح بالوقوف مع الشعب السوري مما يحتم في رأيهم وضع منطق السلاح في لبنان واستخدامه على الطاولة بما يفسح في المجال امام الاعلام واللبنانيين التعبير عن رأيهم بحرية من دون خوف مباشر او بالواسطة.

الامر الاخر انه يتعين على المعارضة التي تعترض على انتقال الاكثرية الى خصومها، علما ان من صنع الاكثرية النيابية وتاليا الحكومية قد انتخب على ثوابت فريق قوى 14 اذار ان تدعو الى انتخابات نيابية مبكرة من اجل اعادة تقويم الخيارات السياسية للبنانيين واين تقع من اجل البناء على اساسها. اذ ان "الانقلاب" القسري الذي حصل يحتم العودة الى اللبنانيين علما ان هذه الفكرة قد طرحها البعض بعد اطاحة الحكومة لكن لم تتابع علما انها الطريق السليم من اجل استفتاء اللبنانيين مجددا وفق ما تفترضه الاصول الديموقراطية. وبعض المتابعين الديبلوماسيين وجدوا ان الفكرة جيدة ويمكن اللجوء اليها.

فعلى اي اساس يمكن الدعوة الى الحوار ولاي هدف؟ هذا ما يتعين على المسؤولين الاجابة عنه جنبا الى جنب مع الدعوة اليه.