02 Jun 201307:33 AM
... من الآخر!

 

يرى مرجع سياسي مخضرم انه في حالات كثيرة، وعندما تكون المواقف السياسية غامضة وملتبسة وتجنح نحو المماطلة واضاعة الوقت، عليك أن تبدأ من الآخر، أي أن تنتظر ما ستؤول اليه الامور في النهاية، لكي تعرف ما كان يجري قبل الوصول الى الخواتيم، سعيدة كانت أم غير سعيدة. وما ينطبق على السياسة في هذه النظرية، يصح بالتأكيد على الأمن. ولطالما شهدنا في لبنان حوادث أمنية غامضة وتفجيرات إجرامية، لم تكن اهدافها السياسية معروفة في البداية، الى أن جاءت النتائج لتجلي الغموض وتشرح الاهداف. وثمة محطات كثيرة تشهد على صحة تلك المعادلة، وأبرزها تلك التفجيرات والاشتباكات التي كانت تستهدف الناس بحياتهم وأمنهم، بهدف تيئيسهم وجعلهم يقبلون بأي حل يمكن أن يؤمن لهم الحد الأدنى من الأمن، وبأي ثمن...

لعل التطورات السياسية الدراماتيكية المتسارعة والتي "تُوّجت" بتمديد مجلس النواب لنفسه سنة وخمسة أشهر، استحضرت تلك المعادلة، إذ كان القرار خاتمة مطاف اجتماعات ماراتونية في "أيام الحشر" وتحت ضغط المهل الدستورية، الى أن حان وقت القطاف!

وفي أسرع جلسة لمجلس نيابي، وخلال وقت قياسي لم يتجاوز العشر دقائق حيث تم التمديد لـ"نواب الأمة" و"بإجماع منقطع النظير" برز موقف خجول للنائب سامي الجميّل، مرّ مرور الكرام، يقترح عدم اعطاء "النواب الكرام" تعويضات اضافية خلال الفترة الممددة، وكان قد سبقه في الاقتراح نفسه، وعندما لاحت بوادر التمديد، النائب بطرس حرب. التعويضات الاضافية لا أكثر!

ومن المفارقات أن تلك الجلسة جمعت الاضداد في موقف واحد، وكذلك الطعون بقرار التمديد التي جمعت رئيس الجمهورية مع رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون.

وإذا كان الموقف الرافض للتمديد نيابياً، يسجل للنائب عون، وإن شارك حلفاؤه ونواب يجلسون في اجتماعات تكتله، في "حفلة" التمديد، فإن هذا الموقف، يمكن أن يُستكمل، في حال الاصرار عليه، بموقف آخر كإعلان العزم على الاستقالة من الولاية الممددة. وكان يمكن لو تم التلويح بمثل هذه الخطوة قبل التمديد، أن تشكل عامل ضغط في اتجاه تجنّبه...

وبمعزل عن التطورات الأمنية والسياسية التي استقبت الجلسة "التاريخية" برسائل "تطمين" واضحة... تقتضي الواقعية الاعتراف، وعلى هدي عبارة "آخر الدواء الكي" بأن التمديد كان المخرج الوحيد من المأزق الذي زج "كبار القوم" والكتل النيابية البلاد فيه، وكان لا بد من "تبليع" الناس فوائد تجرّع الكأس المرة...

ومن الجهاد الاصغر الى الجهاد الأكبر، يستحق أوان الحكومة. كان الله في عون تمام سلام!