طارق حسون
Lebanese-Forces.com
“في العام 1982، قال لي الإمام الخميني إنه تراجع عن فكرة إيفاد قواتٍ إيرانية ضخمة الى سوريا ولبنان، لأن القوات التي قد ترسلها ايران الى سورية ولبنان لا بد وان يكون لها دعم لوجستي كبير، والمشكلة ان طُرق الإسناد والدعم تمّر عبر العراق وتركيا، والأول في حرب شرسة معنا، والثاني عضو في الناتو ومتحالف مع اميركا. إن الطريق الوحيد للإستعاضة عن إرسال قوات ايرانية الى لبنان، هو تدريب الشبّان الشيعة هناك. وهكذا وُلد حزب الله“!!!
هذا ما اعلنه السفير الإيراني الأسبق في سوريا، والأب الروحي لـ”حزب الله”، علي اكبر محتشمي، في مقابلةٍ له مع صحيفة “شرق” الإيرانية، بتاريخ 3 آب 2008.
“حزب الله” وُلد إذاً، لا كحركةٍ شعبية عفوية لمقاومة الإحتلال كما تدّعي العونية، وإنما كبديلٍ عن قوات حرس الثورة الإيرانية، بسبب تعثّر طرق الإمداد الإيرانية. لو كانت طرق الإمداد آمنة في ذلك الوقت، لما ظهر “حزب الله”، ولكانت العونية ابرمت “وثيقة التفاهم” مع الحرس الثوري الإيراني مباشرةً، من دون هذا اللف والدوران، ولكان “الله كفى اللبنانيين شرّ التذاكي العوني”.
يُضيف محتشمي: “حزب الله شارك جنباً الى جنب مع الحرس الثوري الإيراني في الحرب الإيرانية العراقية”.
عندما استدعت ايران قواتها “البديلة” في لبنان، اي “حزب الله”، للقتال ضد الجيش العراقي على امتداد الحدود العراقية الإيرانية، لم تكن “جبهة النصرة” تقرع ابواب لبنان، ولا المقدّسات الشيعية في السيدة زينب، مُهددّة بفعل التكفيريين. جُلّ ما في الأمر، ان “البديل” قطع آلاف الكيلومترات باتجاه جُزر مجنون، والأهواز والفاو، للدفاع عن النظام “الأصيل”.
انخراط “حزب الله” في معارك القُصير اليوم، ليس سوى نسخةٍ مُنقحّة عن تورّطه السابق في الحرب العراقية الإيرانية، دفاعاً عن النظام الإيراني.
في مؤتمره ما قبل الأخير، جاهر السيد حسن نصرالله، بأن قواته قاتلت في البوسنة والهرسك، ولكنه تحاشى ذكر الحرب العراقية - الإيرانية!
الإعلان عن حروب “حزب الله” في البوسنة والهرسك قد تُكسبه شعبيةً افتقدها في الشارع الإسلامي، لكن الإضاءة على حروبه ضد الشعب العراقي، دفاعاً عن نظام الملالي في طهران، قد تُعرّيه عربياً وإسلاميا،ً بالكامل.
“الاستعراضات” التي قام بها “حزب الله” في البوسنة، في ما لو صحّ إدعاء السيد نصرالله، لم تكن لتُغيّر شيئاً في معادلة “الدفاع عن المسلمين”، لأن قوات حلف شمال الأطلسي كانت قد تكفّلت الدفاع عنهم، وحسمت المعركة لاحقاً بسرعةٍ قياسية.
في القصير، وحمص، وحلب ودرعا، حيث الشعب السوري بأمّس الحاجة للنجدة، لم يتشبّه “حزب الله” بـ “حلف شمال الأطلسي”، وإنما كشف عن هويته الحقيقية، وتقمّص شخصية ميلوزيفيدش.
بالأمس القريب قال الشيخ نعيم قاسم: “ما يقوم به “حزب الله” في سوريا، هو منع النيران من أن تنتشر لتصل إلينا”. فهل ما قام به “حزب الله”، في الفاو والأهواز و”مجنون”، هو “منع النيران من ان تنتشر لتصل الينا”، ايضاً؟!!
بتاريخ 11 كانون الأول 2009، ذكرت صحيفة “ارغومنتي” الروسية، بأن “مسلحين مدربين من حزب الله” وحركة شيعية مسلحة، تسمي نفسها طالبان، يقاتلون إلى جانب الحوثيين في اليمن”.
في صعدة-اليمن، كان “حزب الله طالبان” “يمنع النيران من ان تنتشر لتصل الينا”، ايضاً وايضاً!!!
بتاريخ 21 شباط 2012، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ان الشرطة اعتلقت في اذربيجان عدداً غير مُحدد من الأشخاص “يرتبطون بعلاقة مع حزب الله وكانوا يُخططون لتنفيذ هجمات إرهابية في البلاد”!
بتاريخ 6 شباط 2013، اتهمت الحكومة البلغارية “حزب الله” بالوقوف وراء تفجيرات وقعت في بورغاس!
في بورغاس فجّر “حزب الله” قافلةً سياحية، “لمنع النيران من ان تنتشر لتصل الينا”!
إذا اندلعت الحرب مستقبلاً بين ايران وباكستان مثلاً، سنجد مقاتلي “حزب الله” يقاتلون في بلوشستان “لمنع النيران من ان تنتشر لتصل الينا”!!! فرقة الزجل العونية تُصفّق، وتُهّلل، وتُزغرد كالعادة!!
إذا كان ثمّة من يُشعل النيران بالأساس، ويضع لبنان في فوهة البركان، فهو “حزب الله” لا غير.
الإختباء خلف “إصبع” جبهة النصرة، لتبرير التدخّل في القُصير، يُمكن ان يُضلل بعض العونيين فحسب، امّا البقيّة الباقية من اللبنانيين فتعلم بأنه “ما قبل قبل القصير”، و”ما قبل قبل النصرة” - التي هي صناعة سورية ايرانية بالأساس- كان هناك الفاو وجُزر مجنون عند الحدود العراقية الإيرانية، وصعدة في اليمن، وبورغاس في بلغاريا… و7 ايار في لبنان!
ما قبل قبل “النصرة”، كان هناك انتحاريون ومجرمون يُفجرّون في كل الإتجاهات: مقرات فرنسية وأميركية في بيروت 1983، ومقر “الجبهة اللبنانية” في عوكر 1985، واسواق تجارية في عين الرمانة، وتعاونيات تعج بالأبرياء في سن الفيل وانطلياس، وفرن الحطب على اوتوستراد انطلياس بتاريخ 17 آذار 1989، الذي جاء ردّاً على قصف العماد عون للأونيسكو قبلها بثلاثة ايام، وذلك بحسب ما جاء في بيان “المنفذّين” وقتها… و”المُتفاهمين-المتحالفين” راهناً!!
قبل جبهة النصرة كان هناك شريط ابو عدس، وعشرات التفجيرات والإغتيالات…
قبل “النصرة”، كان هناك من يقتحم مستشفى بحنّس العام 1997، لإطلاق سراح علي طليس الموقوف بتهمة تنفيذ عددٍ من التفجيرات الدموية في المناطق المسيحية، قبل العام 1990!!
قبل الوهم والخطر الإفتراضي “للنصرة” في سوريا، كان، ولا يزال هناك اغتيالاتٌ وتفجيراتٌ وجرائم وتحقيقاتٌ دولية، وأخطار مُحدقة تعصف بلبنان على مدار الساعة.
قبل ولادة جبهة النصرة بسنوات، وُلدت “وثيقة تفاهم” بين جبهتي “تحريم وتكفير” في لبنان، “انجزت” من التكفير والتجريم والتزوير والتخريب والترهيب، ما تعجز الف “جبهة نصرة” مُجتمعةً عن القيام به!!