ذكرت مصادر مطلعة على تطوّر الأوضاع لـ”الجمهورية” ان “الرئيس ميشال سليمان وقيادة الجيش يساورهما شعور بأنّ الوضع في لبنان بات مفتوحاً على كل الإحتمالات، انطلاقاً من تدخّل “حزب الله” في معارك سوريا عموماً والقُصير خصوصاً، وبسبب الردود على هذا التدخّل التي تُنذر بانفجار الفتنة السنّية ـ الشيعية، وقد نجح لبنان حتى الآن في احتوائها عسكرياً وإبقائها في إطار سياسي أكثر من أمني”.
وأضافت المصادر: “لدى سليمان والجيش كذلك معلومات من الأجهزة الأمنية والمخابرات تفيد أن هذا الشحن المذهبي الذي ارتفعت وتيرته بشكل مؤذ في الأيام الأخيرة، بات من الصعب جداً احتواؤه في المرحلة المقبلة إذا لم تتضافرعدّة جهود أوّلها: حدّ أدنى من الحوار غير المباشر بين القوى السياسية وخصوصاً بين “حزب الله” وتيار “المستقبل”.
ثانيها: مبادرة الجيش الى اتّخاذ تدابير ميدانية، وهذا ما قام به فعلاً.
ثالثها: تدخّل كل من إيران والسعودية وقطر لدى الأطراف اللبنانيين المرتبطين بهم لحثّهم على ضبط النفس.
رابعها: تحرّك القوى الدولية ولا سيما الأمم المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية لتعزيز الأمن الحدودي على الحدود اللبنانية ـ السورية التي باتت مستباحة كلّياً وليس في مقدور الجيش اللبناني أن يقوم بكل وظائفه ما بين الجنوب والداخل وعكار وطرابلس والبقاع، مما يرتّب مساعدة دولية. وتجري اتصالات مع الأمم المتحدة لمعرفة مدى استعداد المجتمع الدولي لتوسيع إطار القرار 1701 ليشمل الحدود اللبنانية ـ السورية.
ولكنّ المصادر عينها لفتت الى انه “إذا كانت التدابير الثلاثة الأولى قابلة للتنفيذ السريع، فيبقى ان توسيع صلاحيات القرار 1701 لا يزال يصطدم برفض الدول الكبرى، ليس لأنها لا تريد ضمان حدود لبنان، بل لأنها تتخوّف من أن يؤدي هذا الانتشار الى اعتداءات من طرفي النزاع في سوريا على القوات الدولية، ممّا يجرّها عنوة عنها الى التدخّل في الأحداث السورية، وهذا الأمر لا تريده، حتى الآن على الأقلّ”.
ومن جهة أخرى، وصفت مصادر مطلعة عبر “الجمهورية” موقف قيادة الجيش بأنه نوع من صرخة، ليس فقط في وجه المسلحين وأطراف الشغب والفتنة، وإنما صرخة في وجه القيادات السياسية التي تعلن دعمها للجيش وتتصرّف بشكل معاكس.
ولا تستبعد هذه المصادر من أن “يُقدم الجيش على التصرّف حيال كل مصدر فتنوي، بغضّ النظر عن تحرّك النيابة العامة التي تجري حسابات سياسية قبل أن تصدر الإستنابات والأحكام بحقّ مُثيري الشغب”.
وفي تفسير لمضمون بيان قيادة الجيش قالت المصادر ان “البيان صيغ بالتفاهم مع القيادة السياسية وفي ضوء المخاوف الناجمة عن التقارير الميدانية التي تتحدث عن استمرار الجمر تحت رماد طرابلس، وان ما يمكن ان تشهده المدينة خطير للغاية وقد يكون شرارة لإندلاع الفتنة في مناطق أخرى من لبنان لا قدرة على استيعابها في الوضع الراهن”.
وقالت المصادر ان “قائد الجيش العماد جان قهوجي اصدر البيان متكئاً على الدعم المطلق الذي حظي به من سليمان وميقاتي والقيادات الطرابلسية التي طالبت باستكمال تنفيذ الخطة الموضوعة للمدينة والضرب بيد من حديد لوقف ما يجري فيها”.