هل تأخذ الازمة السياسية والامنية التي عطلت الانتخابات النيابية وفرضت تسوية التمديد لمجلس النواب بجريرتها المجلس الدستوري فتعطل صدور قراره الحاسم في الطعنين المقدمين اليه في قانون التمديد، في سابقة هي الاولى منذ انشاء هذه الهيئة الدستورية العليا؟
بدا واضحا امس ان هذا المحظور الذي خشي وقوعه كثر من المعنيين دهم المجلس الدستوري في ظل تعذر انعقاده في اجتماع دعا اليه رئيسه عصام سليمان لدرس التقرير الذي اعده في الطعنين بسبب غياب ثلاثة اعضاء من المجلس هم العضوان الشيعيان محمد بسام مرتضى واحمد تقي الدين والعضو الدرزي سهيل عبد الصمد الامر الذي دفع رئيس المجلس الى توجيه دعوة جديدة لعقد اجتماع اليوم. واذا لم يتأمن النصاب القانوني تكرارا بحضور ثمانية اعضاء من اصل عشرة، فان ذلك سيكون مؤشرا حاسما لتعذر صدور اي قرار عن المجلس وتاليا تعطيل الطعنين في التمديد بما يمرر موعد نهاية الولاية الاصلية لمجلس النواب في 20 حزيران الجاري ونفاذ قانون التمديد للمجلس سنة وخمسة اشهر.
وعلمت “النهار” ان “اعضاء المجلس الدستوري كانوا تبلغوا نسخة عن التقرير الذي وضعه رئيس المجلس الاثنين الماضي والذي يفترض ان يكون تضمن بموجب نظام المجلس ملخصا للطعنين والوقائع والنقاط القانونية والدستورية المطروحة والحل المقترح، لكن غياب الاعضاء الثلاثة اتخذ بعدا تجاوز الاطار القانوني للمأزق الى اطار سياسي بدا كأنه حاصر المجلس الدستوري بواقع التعطيل الذي ينذر بالانسحاب على مجمل المؤسسات”.
وقد ربط غياب الاعضاء الثلاثة باتفاق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط افضى واقعيا الى تطيير احتمال الاخذ بالطعنين او باحدهما.
وتدليلا على صحة هذا الربط ابرزت جهات رافضة للطعنين لـ”النهار” ورقة قالت انها تضمنت ملاحظات استند اليها الاعضاء المتغيبون عن اجتماع المجلس الدستوري لتبرير تغيبهم ومما جاء فيها:
“1 – لوحظ تدخل سبق احالة اي طعن على المجلس الدستوري كما سبق اقرار القانون المطعون فيه وكان صريحا لجهة ان المجلس الدستوري سيقبل الطعن وان الانتخابات ستجرى في شهر كذا.
2 – بمجرد ورود الطعن وقبل ان يكتمل حضور كامل الاعضاء دخل رئيس المجلس ليفاجئ جميع الاعضاء بقوله: “انا المقرر” وعندما استغرب البعض ذلك اجاب: “انا انهيت اكثر من نصف التقرير” اي انه ابدى رأيه في الطعن قبل وروده (…)
3 – في الظروف الاستثنائية التي لا تسمح باجراء الانتخابات ولدى مناقشة التقرير المعد من رئيس المجلس خلافا للاصول طلب عدد من اعضاء المجلس حسما للنقاش انه لا يحق للمجلس دستوريا ان يجادل في موضوع وجود الظروف الاستثنائية من عدمها ان يدعى على الاقل رؤساء الاجهزة الامنية من جيش وقوى امن وامن عام الى الهيئة العامة للمجلس الدستوري لتنويره في امكان حصول الانتخابات دون ادخال البلد في فتنة لكن رئيس المجلس رفض الامر مستفيدا من عدد الاصوات التي نالها لرفض الطلب (…)”.
وفيما حذّر العماد ميشال عون من مغبة التغيب عن المجلس الدستوري، قال وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال ناظم الخوري لـ”النهار”: ان المجلس الدستوري هو “مجلس العقلاء وعليه ان يجتمع ليتخذ قرارا في شأن الطعنين. وإذا لم يجتمع فعلى المؤسسات السلام لأن مصير مجلس النواب والانتخابات والحكومة يتوقف على ما سيتخذه المجلس الدستوري من قرار”.
لكن اوساطا سياسية مؤيدة لقانون التمديد قالت لـ”النهار” ان الرئيس بري والنائب جنبلاط يعتبران اجراء الانتخابات في الظروف الراهنة بمثابة “انتحار للبنان”. ولاحظت ان هناك “فارقا بين التنظير الدستوري والظروف الاستثنائية التي لا يمكن تجاهلها”.