أنطوان حايك
موقع النشرة
هل قرأ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في التطورات السورية والاقليمية انتصارا قريبا لنظام الرئيس بشار الاسد ولمشروع ما تصفه موسكو بمحور الممانعة فحرق الجسور مع الغرب وبعض الغرب؟ وهل وصل الى قناعة راسخة بأنّ لبنان بات جزءا لا يتجزأ من أزمة المنطقة ومادة مدرجة على جدول التسوية التي يعمل على تفاصيلها العالم باجمعه؟ ولماذا رد رئيس كتلة "المستقبل" النيابية النائب سعد الحريري سريعا على كلام السيد نصرالله بشكل وصفه البعض بأنه "لزوم ما لا يلزم"؟ ولماذا وجه نصر الله رسائله الساخنة الى خارج الحدود والى ما بعد الازمة السورية متغاضيا عن الداخل؟
أسئلة كثيرة ومشروعة تُطرح في ضوء خطاب السيد نصرالله أجاب عنها سياسي مخضرم مقرّب من "حزب الله"، إذ يعتبر أنّ المؤشرات التي يمكلها نصرالله هي التي دفعته إلى تصعيد مواقفه، خصوصا أنّ المعلومات التي ترد تباعا الى دوائر الحزب من الخارج القريب والبعيد تؤكد أنّ النظام السوري أصبح محميا من السقوط، وأنّ مجموعة الدول التي تسير في خط المحور الممتد من إيران إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا لن تسمح بسقوط أيّ من حلقاته نظرا لاهميتها الاستراتيجية، فضلا عن أنّ مشاركة الحزب في الحرب الى جانب النظام السوري باتت بمثابة قرار استراتيجي بامتياز لا يمكن النقاش بتفاصيله على اعتبار أنّ انتصاره في المعارك التي يخوضها في سوريا من شأنها أن تحجز مقعدا مضمونا لايران الى طاولة المفاوضات الدولية والاقليمية.
وليس بعيدا عن ذلك، يعتبر المصدر أنّ مؤشرات التسوية التي بدأت تلوح في الافق تشكل أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بنصرالله لرفع سقفه إلى مستويات عاليه تفوق بمضمونها الحسابات الداخلية لتصل إلى حدود الشراكة الكاملة في انتصار المحور الذي ينتمي اليه، وبالتالي الاستفادة القصوى من إسقاط ما وصفه بالمشروع الاميركي الاسرائيلي التقسيمي، فهو يدرك جيدا أنّ النظام السوري لن يقبل بأنصاف الحلول ولا بنصف انتصار يأتيه عن طريق تقسيم سوريا ومحوها من خريطة دول المواجهة وتاليا قطع طريق الامداد عن المقاومة ومحاصرتها في زاوية اقليمية ودولية لا يمكن الخروج منها.
ويتوقف المصدر عند ما اعتبره تحذيرا لبعض الدول الخليجية، معللا موقف نصر الله بالضرورة القصوى بعد أن تحولت هذه الدول الى عقدة تحول دون الحلول المطروحة، وذلك من خلال الاستمرار بتمويل التنظيمات التكفيرية والاصرار على رفع منسوب التوتر الطائفي والمذهبي وحصره في دائرة ضيقة.
في المقلب الآخر، يرى مصدر مقرّب من تيار "المستقبل" أنّ السيد نصرالله وضع النقاط على الحروف بطريقة "استفزازية" من شأنها أن ترفع منسوب التوتر السني الشيعي وليس العكس خصوصا في ضوء الاتهام المباشر الذي وجّهه السيد نصرالله للتيار بالتدخل في سوريا منذ بدايات الأزمة بل انتقاده للتيار بشكل ساخر بقوله أن "حزب الله" لا يقاتل في سوريا ثم يقول أنه يوزع الحليب والبطانيات ويدفن قتلاه سرا ويعمل على إسكات أهلهم، لكنّ المصدر يلاحظ أن ردّ رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري على خطاب السيد نصرالله كان شكليا ولم يلامس المضمون عمليا، في وقت يبدو أنّ الأمور تتّجه بشكل سريع نحو المواجهة الفعلية بعيدا عن النظريات والشعارات، على حدّ تعبيره � ت�5 � x�0?� غير مرئية على خريطة العالم، هذا الكمّ من التناقضات: هنا بلاد احمد الاسير وفنان تائب انتقل من احضان علب الليل الى احضان الاصوليين. هنا بلاد ميريام كلينك وعروض الازياء الفاحشة بالمايوه على الثلج، وعروض الصدور المنتفخة في "سبلاش". هنا تعشعش اوكار الارهابيين ومحبي الحياة. هنا يتقلّص الفارق الى بضعة امتار بين بقعة تحرّم الكحول وتكفّر من يلمسها واخرى لا تنام الا والقنينة في فمها. هنا بين الحمرا الشيوعية والجميزة الليبرالية تذوب الفوارق وفق المزاج السياسي. هنا ليس بالضرورة ان تنام الى جانب حليف لتستفيق وتجده الى جانبك. في اكثر الاحيان يحصل العكس. هنا اشارات السير قد "تضوّي" كلها دفعة واحدة، ووزير طاقة يبشّرك، في القرن الواحد والعشرين، بأنّ الكهرباء هذا الصيف ستؤمّن 16 ساعة. "الحق مش على الوزير طبعا"، لكن على منظومة سياسيّة متكاملة تآمرت على المواطن في رغيف خبزه ومياهه وكهربائه واستشفائه... هنا بلاد "كل مين ايدو الو".