إستحوذ المشهد المصري على الاهتمامات الدولية والعربية بعد دخول القوّات المسلّحة بقوّة على خطّ الأزمة من خلال تلويحها بالتدخّل بعد إمهالها 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب كفرصة أخيرة من أجل «تحمّل مسؤولية الوطن»، وإلّا فإنّها ستعلن خريطة مستقبل تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطراف، وإعلان عدد من الوزراء استقالتهم من الحكومة تضامناً مع مطالب المعارضة التي أمهلت الرئيس محمد مرسي حتى الخامسة من عصر اليوم للتنحّي، الأمر الذي دفع بالرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مُبدياً قلقه ممّا يجري ومُعلنا أنّ بلاده لا تنحاز لفئة معيّنة.بيدَ أنّ الحدث المصري لم يحجب الاهتمام عمّا يجري في سوريا ولا سيّما في مدينة حلب، فضلاً عن التطوّرات على الساحة اللبنانية المتصلة بالخلاف الدستوري الذي أفضى إلى «تمديد» المجلس النيابي لعلّ الأيام الفاصلة تجد حلّاً لهذا الخلاف الذي انعكس مباشرة على الملفّ الحكومي تجميداً وتعليقاً، وذلك على وقع مخاوف أمنية متنقلة كان آخرها أمس تجدّد الاشتباكات في طرابلس.
خيّمت تداعيات الأزمة السورية على محادثات نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز الذي أنهى زيارته الى بيروت امس بعدما التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
ودان بيرنز تدخّل “حزب الله” في سوريا معتبراً أنّ “الحزب يعمل تبعاً لمصالحه الشخصية ولمصلحة حلفائه، وبشكل خاص إيران”، مؤكّداً دعم بلاده سياسة لبنان النأي بالنفس عن الصراع السوري، وأبدى تقديره لجهود الجيش اللبناني في الحفاظ على استقرار لبنان، مؤكّداً التزام بلاده الاستمرار في دعمه وتعزيز قدراته العسكرية، معلناً أنّها “ستزيد من وتيرة مساعداتها له”.
وذكرت مصادر اطّلعت على جوانب من لقاء بيرنز مع المسؤولين اللبنانيين أنّ هناك جانباً من اللقاء جاء موحّداً عندما كان بيرنز حريصاً على استكشاف مواقف المسؤولين، فأكثر من الأسئلة حول ما يجري على الساحة اللبنانية ولا سيّما الظروف التي أدّت الى تطيير الإنتخابات النيابية العامّة لأسباب أمنية، متسائلاً: ألم يكن بالإمكان ترتيب الوضع الأمني لإجراء الإنتخابات بدلاً من الإستسلام لما جرى.
وقالت المصادر إنّ بيرنز وجّه اكثر من سؤال حول توقّعات القادة اللبنانيين من مجريات الوضع في سوريا ومستقبل التطوّرات ومدى انعكاسات تدخّل “حزب الله” على مصالح اللبنانيين في الداخل والخارج، وما تركه تدخّله العلني لصالح النظام السوري من أضرار لحقت بلبنان واللبنانيين على المستويات كافّة.
وعلمت”الجمهورية” انّ سليمان دعا أمام بيرنز الولايات المتحدة الأميركية ومن خلالها المجتمع الدولي الى ان تشكّل شبكة حماية فعلية للبنان لا بالنصائح، إنّما بالأفعال، إذ في الأوضاع الراهنة لا تفيد لبنانَ النصائح من الناحية الأمنية، ولا التصريحات من الناحية السياسية، ولا فُتات المساعدات من الناحية الاقتصادية، مع وجود أكثر من مليون نازح على أرضه.
وأبلغَ سليمان الموفد الأميركي أنّ المجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية مباشرة عن الوضع اللبناني، لأنه صاحب القرارات التي صدرت بصدده والتي بلغت نحو عشرة قرارات في أقلّ من خمس سنوات، من القرار 1559 حتى القرار 1701 مروراً بالقرارات الأخرى، فمسؤوليته مباشرة وقد حان الوقت الآن لترجمة مواقفه وقراراته.
وشدّد سليمان امام بيرنز على ضرورة الاستعجال في مدّ الجيش اللبناني بالعتاد الضروري لمواجهة التحدّيات الكبيرة التي تنتظره في المرحلة المقبلة.
وتوقّفت مصادر مراقبة عند زيارة بيرنز الى قائد الجيش، كونه نائب وزير الخارجية الأميركي وليس نائب وزير الدفاع الأميركي، ورأت فيها رسالة دعم مباشرة للجيش اللبناني ولشخص العماد قهوجي.
وعلمت “الجمهورية” أنّ بيرنز هنّأ الجيش على مكافحة الإرهاب ونجاحه في وضع حدّ لبؤرة أمنية أساسية ظهرت في منطقة عبرا ومحيطها، مشيداً بالسرعة التي حسم فيها الوضع هناك، مؤكّداً أنّ بلاده الى جانب المؤسّسة العسكرية كما هي سياستها التقليدية، واليوم أكثر من أيّ يوم مضى، وهي ستبادر في القريب العاجل الى تعزيز وضع الجيش الذي هو أولويّة بالنسبة الى السياسة الأميركية في لبنان، واعتبر أنّ الإنجاز الذي حقّقه يعزّز النظام الديموقراطي فيه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك