مع كل اطلالة للسيد حسن نصرالله ومع كل تصريح لاحد نواب حزبه ومع كل اجتماع لتكتل "التغيير والإصلاح" المرفق بمحاضرة لجنرال السيادة بات لزاما على اللبنانيين ان يعيدوا النظر في مفاهيم وقواعد ناضلوا من اجل تطبيقها وظنوا انها تتحكم بحياتهم الاجتماعية والسياسية، كالعدالة والديمقراطية والسيادة والحريات العامة وحقوق الانسان.
لم يكن احد منا يظن ان تلك المفاهيم والقيم التي تسير العالم اجمع قد تحمل التأويل او يمكن ان تفسر بطريقة خارجة عن مألوف المنطق العام العاقل والمتفق عليه او تطبق وفق اسلوب "خاص" حتى اطل علينا السيد حسن بسلاحه، واعيد الجنرال من منفاه الباريسي المذهب الى لبنان.
ولكي يفهم اللبنانيون كيف يصير القاتل قديسا، وكيف تتحول الهزائم انتصارات الهية، وكيف يتبدل جنرال التحرير الى طاغية، وكيف يصبح مناضل ومقاوم بسيط مليونيرا، اليكم بعض التعديلات الضرورية التي ان ادخلتموها على المعجم السياسي والحقوقي والاجتماعي تصبح الصورة اوضح ويستطيع اللبيب حينها ان يفهم الاشارات الاتية من الرابية او الضاحية ويستشرف افاق المرحلة الاتية:
الشعب: مجموعة من البشر تجمعهم مساحة جغرافية معينة، يخضعون لنظام طبقي حيث في اعلى الهرم يتربع اشرف الناس من المنتسبين طبعا لحزب الله او التيار الوطني الحر او المقربين منهم، وفي اسفله مجموعة من العملاء والجواسيس من جماعة 14 آذار وتيار المستقبل وكل من يلف لفهم. طبعا العدالة واحكام القانون تطبق على الناس وفقا للتقسيم المذكور اعلاه.
الدولة: عملها يقتصر على خدمة الشعب الذي يتربع اعلى الهرم، وهي ليست لديها حقوق عليهم. طبعا امنها وحماية حدودها وتحرير ارضها والدفاع عن ثرواتها ليس من اختصاصها. هي لزمتها بالكامل الى السيد نصرالله. الامر نفسه ينطلي على سياستها الخارجية، فهي لا ترسم من خارج اطار الخطوط الموضوعة من قبل حزب الله نقلا عن سوريا وايران.
الديمقراطية: هو فعل مبايعة السيد حسن نصرالله، بالرضى او الاكراه. هذا الفعل غير قابل للعزل وهو لا يخضع للمساءلة او المحاسبة لانه فيه شيء من مسحة السماء. وهو لا ياخذ في عين الاعتبار نتائج صناديق الاقتراع او الاصوات المعارضة لنهج السيد حسن لانها تعتبر مضللة ومغررًا بها. الاعتراض غير مرحب به، كما الرأي الاخر.
الحوار: هو فعل يجمع قيادات لبنان السياسية من اجل ان يتوافقوا على ان رأي السيد حسن على صواب لا يحتمل الخطأ.
المؤامرة: السبب الرئيس للركود الاقتصادي والتخلف الثقافي وتفشي ظاهرة المخدرات والدعارة، ولكل المصائب التي تنهال على مجتمعاتنا. وهي تمكن الحزب الحاكم من اضطهاد الشعب تحت اي ظرف، وهي بالاضافة سبب بديهي للتعدي على الحريات العامة وحقوق الانسان تحت شعار "محاربة الفتنة" والحفاظ على "مناعة" المجتمع و"وحدته".
العملاء: هم الاشخاص الذين لا يوافقون السيد حسن في مراميه او الجنرال عون في رؤياه، وبالتالي ليس كل من تجنده اسرائيل هو عميل، خاصة اذا كان "وطني حر".
طبعا هذا غيض من فيض، فهناك امثلة اخرى كثيرة لها انعكاساتها الخطيرة على حياتنا اليومية وحريتنا، كتعريف الرقابة مثلا. على كل الاحوال ان استمر العبث بالمفاهيم التي من المفترض ان يجتمع من حولها اللبنانيون او معظمهم فامامهم ثلاثة احتمالات، اما الحرب الاهلية، اما التقسيم واما التقيد، على وقع التطورات الاقليمية الكبيرة، بنصيحة وليد بك المستوحاة من الثقافة الصينية: الانتظار على ضفاف النهر ان تمر جثة الخصم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك