صحيح أنّ رئيس الحكومة المكلف تمام سلام عاد ليشغّل محركاته من جديد، غير أن هذا التشغيل يبدو أنه على قاعدة حركة بلا بركة، إذ ما من تقدم ملموس على صعيد عملية التأليف ظهر الى العلن، وما من فريق راضٍ على نشاط سلام الحكومي، إلا رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، وكيف لا يكون كذلك وهو عرّاب التكليف.
في شارع تيار "المستقبل" إمتعاض من سلام بسبب "عدم معرفته ماذا يريد منذ أن كلف هذه المهمة، فتارة يعرب عن نيته تشكيل حكومة حيادية، وطوراً يريدها من التكنوقراطيين، بعدها تصبح الحكومة بالنسبة اليه سياسية، وأبعد من ذلك بكثير يستفيض في ممنوعاته ليقول أنه يريد حكومة لا تضم حزبيين في صفوفها، وعندما تقوم القيامة عليه ولا تقعد، يعود الى الإبتعاد عن الضوء تحت شعار ما يسمى بـ"الإستشارات الهادئة" التي يجريها في دارته في المصيطبة". كل ذلك من دون ان يشعر هذا الشارع أن إنتصاراً ما حققه في تسمية تمام سلام وهو الذي كان عضواً في كتلته النيابية ولم يكن يحلم يوماً بدخول الندوة البرلمانية لو لم يأخذه النائب سعد الحريري على لائحته في دائرة بيروت الثالثة، قلعة التيار الأزرق الإنتخابية.
في المقابل يرى شارع "حزب الله" أن خطوات سلام بطيئة جداً مقارنة مع ما تتطلبه الظروف الراهنة، ويعتبر أنه لم يستفد بعد من الإجماع الذي التف حوله في الإستشارات النيابية الملزمة، الأمر الذي يجعل هذا الإجماع في دائرة الخطر فيما لو طال إنتظار اللبنانيين من دون أن يلمسوا الفارق بينه وبين الذين سبقوه الى هذه المهمة. وهنا تسأل أوساط الحزب "ما الفائدة من هذا الإجماع إذا كانت التشكيلة السلامية ستستغرق أشهراً عدة على غرار ما حصل مع نجيب ميقاتي وسعد الحريري قبله؟"
وبالعودة الى الشارع الأزرق، فمن أكثر الأمور التي تثير إستغرابه، كيف أن أوساط رئيس الحكومة المكلف تتحدث أحياناً عن عشرات الأسماء التي بحوزته في بورصة التوزير وأن سلام يدرسها بدقة، كل ذلك، وفجأة يظهر سلام ويقول عبر وسائل الإعلام أنه لم يستلم لائحة بالأسماء من هذا الفريق أو ذاك لدراستها، ومعرفة من هو الأكفأ لتولي هذه الحقيبة أو تلك. وهنا يسأل المستقبليون "ما سر هذا التناقض بين سلام وأوساطه؟"
إذاً "حزب الله" ممتعض من "بيك المصيطبة"، وغير راضٍ على أدائه حتى اللحظة، وتيار "المستقبل" كذلك يتهمه همساً بين الحين والآخر بالرضوخ لمطالب أخصامه، ومحركات سلام تدور وتنطفئ في لحظات يحددها هو نفسه، الأمر الذي يشير الى عدم وجود أي بوادر إيجابية يمكن ان تؤدي في القريب المنظور الى إعلان تشكيلة حكومية تحصل على الثقة داخل مجلس النواب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك