لا يعير الكثير من "المستقبليين" اهمية تذكر للغزل الدائر بين المفتي الشيخ محمد رشيد قباني ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. البعض منهم لم يتمكن من ضبط سقف غيظه من ذهاب المفتي بعيدا في احتضان "سارق السرايا"، كما فعل مستشار الرئيس فؤاد السنيورة وعضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" رضوان السيد في تموز الماضي. البعض الاخر فضّل ان يستظل عباءة الرئيس الحريري المهادنة حيال ما يسمعه وما يقرأه عن لسان المفتي بحق ابن الطائفة نجيب ميقاتي. الوشوشات المستقبلية التي تبقى ملك الغرف المغلقة تروّج لـ "ديل" تحت الطاولة بين ساكن السرايا الجديد والمفتي قباني قوامه "العلاقة المرنة مع رئيس الحكومة ومنحه الشرعية السنية الدينية مقابل ضبضبة ملف التجاوزات في مالية دار الافتاء"، وان كانت معلومات تشير هنا الى ان المفتي عمد بعد تكليف ميقاتي لرئاسة الحكومة الى اعادة جزء من الاموال المطالب بها، مع ابنه، الى الدار. الوشوشات نفسها تعيب على المفتي تنكّره لفضل الرئيس فريق الحريري عليه، معتبرة ان دار الافتاء ليس ملزما بتغطية كل رئيس حكومة يصل الى السرايا، تحت ذريعة انه ابن الطائفة، خصوصا اذا جاء من خلفية سياسية تتناقض مع مصالح هذه الطائفة.
في اللقاء الاخير الذي جمع مفتي الجمهورية مع الملك السعودي ومسؤولين في الرياض كان ملف العلاقة مع ميقاتي حاضرا على الطاولة. لم يسمع المفتي في العاصمة السعودية ما يمكن ان يشكّل عرقلة لمساره الانفتاحي على رئيس الحكومة الذي يتهمه الفريق السياسي الموالي لدار الافتاء بكونه "دمية" بيد "حزب الله. لكن لسان حال المستقبليين، ودائما تحت الطاولة، ان موقف المفتي من القرار الاتهامي وتداعياته لا يرقى الى المستوى المطلوب، على اعتبار ان "حياده" في هذه القضية وتشديده على "فوبيا" عدم التسييس ودرء الفتنة، كل ذلك يشكّل نقطة سلبية في سجل دار الافتاء وبحق آل الحريري ايضا.
اسهب المفتي طويلا في كيل المديح لنجيب ميقاتي. تمنّى التوفيق له ولحكومته (التي هي حكومة "حزب الله" برأي سعد الحريري وحلفائه) في تقديم الخير للبنان واللبنانيين، ووصفه "برجل العلم والسياسة والخلق والدراية والحكمة". لا يرى المقربون من المفتي في هذا الكلام او في اداء دار الافتاء ما يمكن ان يشكّل انقلابا على القناعات، معتبرين ان سياسة "المسافة الواحدة من الجميع" التي بدأ ينتهجها الدار، تجاه ابناء الطائفة، بعد الانقسام المذهبي والسياسي الحاد الذي شهدته البلاد في المرحلة الماضية، تقود عمليا الى احتضان رئيس الحكومة الجديد تحت سقف الثوابت الوطنية والاسلامية والسنية، اما سقف الثوابت السياسية فهي المحكمة الدولية والحفاظ على موقع رئاسة الحكومة. هو السقف الذي لن يتخلى عنه المفتي "ارضاءَ لاي فريق"، كما تقول اوساطه، وهو السقف نفسه الذي قاده الى ان يؤمّ صلاة الجمعة في السرايا حين كانت خيم "حزب الله" تحاصره، والى تقديم الدعم المطلق والمؤازرة للحريري في ولايته الحكومية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك