تتّسع هوّة الخلاف بين تيار «المردة» و«التيار الوطني الحرّ» بعد إعلان النائب سليمان فرنجية أخيراً أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «يعاملنا كأتباع، ونحن في حياتنا لم نكن أتباعاً لأحد، وهذه هي المشكلة».
العلاقة بين حلفاء الأمس، وربّما الغد، تحتاج الى ترميم. فالشتائم التي تكال بين الكوادر في منطقة الشمال، والكلام البعيد عن الإعلام الذي يتردّد في الاجتماعات الحزبية يشير الى حجم الاحتقان بين الطرفين، حيث بات الأمر بحاجة الى تدخّل طرف ثالث أو لقاء مصارحة ومصالحة بين فرنجية وعون، لينعكس إيجابياً على الكوادر التي تدير الجماهير.
سعى فرنجية الى توسيع نفوذ "المردة" في منطقة جبل لبنان، لكنّه فوجئ بالحاجز الذي وضعه عون على جسر المدفون، معتبراً أنّ حدود سليمان فرنجية تقف هناك، فما كان من فرنجية إلّا أن عامل عون بالمثل، وأوقفه عند حدود زغرتا، مانعاً عليه دخول المدينة والقضاء.
ويرى فرنجية أنّه كان محقّاً في هذه الخطوة، فهو لو ضمّ العميد فايز كرم، الذي أوقف بتهمة العمالة لإسرائيل، إلى لائحته في انتخابات العام 2009، كيف كان سيواجه جمهوره وأهالي زغرتا لجهة أنّ ممثلهم في الندوة البرلمانية، عميل إسرائيلي، فيما يبني فرنجية سياسته على محاربة العدوّ الإسرائيلي، ودعم المقاومة في كلّ أعمالها حتى لو كانت خاطئة، وكان آخرها تأييده انخراط "حزب الله" في الحرب السورية، وتهليله لانتصاره في معركة القُصير.الاتهامات متبادلة، بين كوادر "المردة" والعونيّين، حيث يحمل مناصرو فرنجية بشدّة على تصرفات "التيار" الفوقية معهم واعتبارهم غير موجودين.
ففي البترون لا يقبل وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بأن يضمّ مرشّحاً لهم على لائحته على رغم شغور مقعد منطقة الجرد، ممّا زاد الخلاف مع باسيل. أمّا في الكورة، فيعتبر "المردة" أنّ منسّق "التيار" جورج عطالله يتصرّف على أنّه قائد قوى المعارضة، إذ لا يقيم أيّ وزن لوزير الدفاع الوطني فايز غصن، ولا حتّى للحزب "السوري القومي الاجتماعي" على اعتبار أنّ "المردة" و"القومي" من مخلّفات المرحلة الماضية، بينما "التيار" هو القوّة الجديدة التي يتعطّش إليها الكورانيّون. وفي عكّار، أيضاً، لا يقيم "التيار" أيّ اعتبار لعائلة الراسي، أقرباء فرنجية، لأنّ العونيّين يشكّلون القوة الاكبر عند المسيحيين.
ويتوقف تيار "المردة" عند الفشل الذي طبع عمل الوزارات التي تولّاها العونيّون، وخصوصاً وزارتي الطاقة والاتصالات، في حين لا يزال اللبنانيون عموماً والشماليون خصوصاً يتذكّرون كيف أدار فرنجية وزارة الصحّة بحيث فتح أبوابها وخدماتها أمام الجميع.
في المقابل، للعونيّين رأي آخر وموقف من الحملة التي يتعرضون إليها، وهم يصفون كلام تيار "المردة" بأنّه "افتراء"، ويقول مسؤولو "التيار" في الشمال: "نحن لا نعامل أحداً بديكتاتورية، ونحترم حلفاءنا، وكلّ ما يقال عن استئثار وتفرّد في غير مكانه، إذ إنّ التيار لا يتصرّف بكيدية.
وإذا أراد "المردة" معايرتنا بملفّ الفساد الإداري، فنحن مستعدّون لفتح كل الملفات، ونحن كنّا أوّل من طالب بمحاسبة جميع المفسدين، والتيار لم يلجأ إلى لعبة الدم في الشمال، ولم يتقاتل مع أيّ طرف مسيحي".
ستكون لهذه المعركة بين "التيار" و"المردة" ذيول، إذ إنّ الكلام الذي يحكى بين الطرفين كبير جداً، واللحمة التي كانت قائمة بين القاعدتين الشعبيتين فُقدت، وهي تحتاج الى وقت لإعادتها، ولم يعد بالتالي يكفي القول إنّ الاتفاق بين التيارين هو على المواضيع الاستراتيجية، فيما الخلافات الداخلية مستشرية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك