ذكرت صحيفة "النهار" ان قرية الخاربة الوادعة في جرود قضاء جبيل كانت على موعد مع اكتشاف اللغز الذي شغلها لمدة شهر. فقد عثرت القوى الأمنية على جثتي المواطن شارل غالب وزوجته مريم عقل خضرا مرميتين في الوادي في القرية، وكانا اختفيا بين التاسعة والنصف والعاشرة من مساء 18 تموز الماضي داخل منزلهما، في ظروف غامضة، وشكّل اختفاؤهما لغزاً.
الطريق الى الخاربة وعرة نتيجة حفريات لمد قساطل للمياه. الذهول والحزن يلفّانها. فبين منزل الضحيتين ومكان وجود الجثتين نحو كيلومترين. عثر عليهما إيلي جريس (21 عاماً) من أهالي القرية، في أسفل الوادي، في مكان يستغرق الوصول اليه نحو 20 دقيقة سيراً بين الأشجار، أي على بعد كيلومترين في الاتجاه الشمالي الشرقي للمنزل.
وقال جريس لـ"النهار" انه نحو الساعة الثامنة صباحاً كان في الحرج يقطف الصعتر ويتفقد بستان الزيتون الخاص به، فشمّ رائحة كريهة "تعقبتها ورأيت جثتين في بستان في الأسفل كأنهما في حفرة، والمكان قريب من النهر، وأنا كنت على ارتفاع نحو 10 أمتار من مكان وجودهما ولم أقترب أكثر. فاتصلت بعمي الذي أحضر مباشرة القوى الأمنية، فحضرت فوراً الى المكان".
وحضر المدعي العام ماهر شعيتو مع الطبيب الشرعي نادر الحاج والأدلة الجنائية الى مكان وجود جثتي شارل وزوجته مريم. وعثر قربهما على جفت صيد لغالب، ومقص لتشحيل الاشجار ومصباح كهربائي. الجثتان في حال اهتراء شديد ومنتفختان وعليهما تشوّهات، وبدأتا بالتحلل. وثمة طلقتان في رأس مريم وطلقة واحدة في رأس شارل، واتجاه الرأسين الى الأعلى. وبدت ثيابهما رثة جداً وينتعلان حذاءين رياضيين.
وبعد معاينة الطبيب الشرعي، أفادت المعلومات الاولية ان غالب قتل زوجته بطلقين ناريين من جفته الخاص، ثم قتل نفسه، وان عملية القتل تمت قبل شهر تقريباً اي بعد اختفائهما مباشرة. وأفادت مصادر "النهار" انه "من المرجح أن تكون دوافع الجريمة شخصية لكن من دون معرفة الأسباب". كما أكدت أن الجريمة لا تتعلق بأي موضوع سياسي.
وفي اتصال بصحيفة "النهار"، تمنّع الطبيب الشرعي الدكتور نادر الحاج عن اعطاء أي تفاصيل، "اذ ان التحقيق سري وملك العدالة، والقضاء هو المخوّل اعطاء أي معلومات".
وأمر المدعي العام شعيتو برفع الجثتين، ونقلهما عناصر من الدفاع المدني الى براد مستشفى سيدة المعونات في جبيل، وطلب عدم تسليم الجثتين الى ذويهما قبل انتهاء التحقيق.
أهالي القرية جميعهم موجودون في منزل الضحيتين، والحزن والوجوم يلفان الجميع. فمنذ سماع نبأ العثور على الجثتين، ويتوافد الجميع الى منزل عائلة غالب ويؤاسونها من دون اخفاء حالات الذهول. الأهل في حزن وبكاء ونحيب. كانوا يأملون أن يروهما بينهم، الا أنهما عادا جثتين. الأم تنتحب. جميع أفراد العائلة لا يريدون التحدث في الموضوع قبل جلاء الحقيقة كاملة وانتهاء التحقيقات. لكن ثمة عتباً من أفراد عائلة غالب على الأجهزة الأمنية، اذ انهم علموا بعملية العثور على الجثتين من وسائل الاعلام ولم يتمّ تبليغهم قبل إذاعة الخبر، كما ان ثمة نفياً من العائلة لفرضية ان الزوج قتل زوجته.
مختار القرية بسام حبيب أكد لـ"النهار" ان القرية تعيش أجواء حزن عميق. بحسرة يسأل: "شو بدي قول لأهل الضحيتين؟ ما فينا نقول شي، الله يصبّرنا جميعاً، المصيبة كبيرة. هذه المرة الأولى يحصل هذا النوع من الحوادث. لا نستطيع أن نقول أي شيء في انتظار استكمال التحقيقات". ويضيف: "أهل الضحيتين أوادم، الجميع يحبّهم ولم يؤذوا أحداً في حياتهم. لذلك ثمة ذهول مما حدث".
أما جريس، الذي وجد الجثتين، فشدد على "ان شارل آدمي جداً مثل جميع أفراد عائلته، أهله، ووالده واخوته، من أحسن العائلات في القرية. يوصفون بالكرم، الجميع يحبّهم، وبيتهم مفتوح دائماً ويعتبر منزل جميع أهالي القرية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك