لم تشكل حكومة في لبنان دون ان تتعرض الى ضغوط الترغيب والترهيب من الداخل والخارج، وفي كل العهود. ونسمع ما يشاع ويقال علناً وهمساً من الجهات الست (الجهات الاربع المعروفة اضافة الى (فوق) (وتحت))، عن الاسباب التي تؤخر تشكيل الحكومة الجديدة حتى الآن. ونعترف جهاراً بأننا نجهل الاسباب الحقيقية التي ينام عليها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي يغريه تشبيه صمته بصمت ابي الهول. ولو نطق ابو الهول، وكان من محترفي السياسة، لأعلن غير ما يبطن! وكل من لديه مستوى عادي من العقل والمنطق والسياسة، يستبعد ان يكون سبب التأخر في التشكيل تحاشي مواجهة الاستحقاقات الآتية، لأن المنطق من تشكيل الحكومات هو مواجهة الاستحقاقات لا الفرار منها!
قد لا تكون المشكلة لدى (قوى 14 اذار) التي اختارت طريقها ورفضت المشاركة في حكومة ربما لأنها برئاسة نجيب ميقاتي بالذات، وقررت الذهاب مباشرة الى المعارضة. كما قد لا تكون المشكلة ايضا في (قوى 8 اذار) التي رشحت ميقاتي لرئاسة الحكومة الجديدة، لأنها هي محتاجة اليه اكثر ربما مما هو محتاج اليها في حال لم يكن يرغب اصلاً في تولي هذه المسؤولية الكبيرة. ولعل العلة الاساسية في التشكيل هي لدى الرئيس المكلف ولدى شريكه الدستوري رئيس الجمهورية. وهما معاً، كسياسيين محترفين، كانا يعرفان منذ ان (استقيلت) الحكومة السابقة، ان (عدة الشغل) بين ايديهما هي هذه العدة الموجودة راهنا بالذات، مع هامش اختيار يضيق او يتسع من خارجها.
اذا كان الرئيس المكلف يشعر بأنه ورئيس الجمهورية متروكان (لوحدهما) في هذه المهمة، فاننا نقترح عليهما تشكيل حكومة اقطاب ثلاثينية وتضم وزراء من النخبة المتخصصة التي تتوافر فيها مواصفات الوزير زياد بارود. حكومة من الشخصيات السنية ذات الحيثية ويختارهم الرئيس المكلف وتضم العماد عون، ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية وطلال ارسلان ومحمد رعد وعلي حسن خليل وفؤاد بطرس وهكذا... ويعمل الرئيسان على تحقيق التوازنات التي ينشدانها في اختيار هذه المنظومة الواسعة من الشخصيات داخل الحكومة. ووجود الاقطاب داخل الحكومة قد يؤنس الرئيسين سليمان وميقاتي فلا يشعران بأنهما (لوحدهما) في مواجهة الاستحقاقات!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك