أولويات أميركا تُحبط "المستقبل" وتُقلق "14 آذار"
09 Oct 201306:46 AM
أولويات أميركا تُحبط "المستقبل" وتُقلق "14 آذار"
السفير
يقر السياسيون اللبنانيون أن لا سياسة في لبنان. فالبلد الصغير يعكس توافقات الدول الكبيرة او خلافاتها. هو مرآة لتسويات او مشاحنات او حتى لانتظار، يطول او يقصر، ولا حول لهم في كل ذلك!
لهذه الأسباب ينشغل السياسيون في متابعة وتحليل مواقف الدول الكبرى لما لها من ترجمات على الواقع اللبناني. في هذا السياق، يؤكد مسؤول في «تيار المستقبل» ان «ايران هي مفتاح الازمات والحلول اليوم في لبنان. لكن المؤسف ان البلد هو آخر اهتماماتها. تستخدمه ورقة في لعبتها الاقليمية الكبيرة ووسيلة من وسائل الضغط في الملف النووي». يقول المسؤول إن «الولايات المتحدة الاميركية لا تتعاطى بشكل افضل مع الازمات اللبنانية. فهي تهتم اولا وأخيرا بإيران وملفها النووي. فالحديث عن الشرق الاوسط يعني بالنسبة اليها اولاً ايران، يليها، بدرجات بعيدة، سوريا. ولتصل الى حلول مرضية مع ايران فإنها تعرف انها تحتاج الى روسيا. ووسط هذه المعضلة يسقط لبنان من اي اهتمام ويُترك ورقة ضغط تُستخدم في تحسين الشروط». يضيف في محاولة قراءة دلالة التطورات الاخيرة: «إن الولايات المتحدة، وتحديداً رئيسها باراك اوباما، يراهن على إمكانية التفاوض مع الرئيس الايراني حسن روحاني والوصول الى تسويات وحلول. وهو يحتاج لذلك الى روسيا وتسهيلاتها. مما يُسهل فهم هذا التهاون الاميركي في التعاطي مع القضية السورية. فحتى سوريا ليست اولوية الا بمقدار النفوذ الايراني فيها الذي يتفوق على النفوذ الروسي. لذا لا تريد الولايات المتحدة إغضاب إيران عبر إسقاط النظام في سوريا خوفاً من أن تنسحب من اي حوار وتفاوض وتعيد الامور الى مربع تعقيداتها الاول. وشواهد هذا الكلام يمكن تلمسها. وإيران التي كانت غائبة عن مؤتمر «جنيف 1» على اعتبار انها جزء من المشكلة، ستكون حاضرة بقوة في «جنيف 2» على خلفية كونها شريكة أساسية في الحل».
يستعرض السياسي كل ذلك ليخلص الى أن «لبنان، وعبر حزب الله وتلازمه مع المسار والمصير الإيراني، بات مربوطاً بالكامل بتطورات المنطقة وأجندة ايران». ولا ينسى ان يغمز من قناة الحلفاء المفترضين، معتبراً أن «دول الخليج عموماً منهمكة بمواجهة الخطر الايراني المتزايد على المنطقة ووقف الإبادة التي تحصل في سوريا، ويندرج لبنان في آخر اهتماماتها في الوقت الراهن».
لا يوافق بعض حلفاء «المستقبل» على هذا التصور «الموغل في التشاؤم» والذي «يوحي بأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي استسلموا لإيران التي تفرض أجندتها على العالم. هذا كلام من ينظر الى النصف الفارغ من الكوب». يقول احد السياسيين المستقلين في «14 آذار» ان «جميع الدول، وفي طليعتها الولايات المتحدة، تريد تلمس المخارج الممكنة للسلاح النووي الايراني كما للأزمة السورية. وبما ان الادارة الاميركية الحالية، ولحسابات متعددة داخلية تريد تقليص جبهاتها المفتوحة، فإنها تعطي الفرص للتسويات السلمية. هذا لا يعني ان الدول الكبرى تُقدم اي موضوع او حساب على مصالحها الخاصة، الا ان التهويل بأننا متروكون بين المطرقة الإيرانية والسندان السوري، كلام مبالغ فيه». يضيف: «صحيح ان ايران ونفوذها المتمادي يشكل محور اهتمام الغرب عموما، الا ان ذلك لا يعني تراجع الاهتمام بلبنان. وفي مطلق الاحوال إن أي حل مع إيران سينعكس تلقائياً على حزب الله. ولا بد من ان يشمل ذلك بداهة انسحابه من سوريا وتواضعه في لبنان. أياً تكن ما ستفضي اليه الاتصالات والانفتاح الدولي المشروط على ايران، فإنها لن تنتهي مع هذا الحجم المتضخم للحزب ودوره».
لا تخفي اوساط في «14 آذار» قلقها من ان يُترك لبنان وحيداً مجدداً على تقاطع المصالح الدولية. لكن مسؤولين فيها يبدون تفاؤلا من ان الامور بعد «الازمة السورية لن تنتهي ابداً الى ما كانت عليه قبلها، لا في سوريا ولا في لبنان. وحزب الله، المستقوي بإيران عبر النظام السوري، عليه ان يجد سبلا سريعة الى تفاهمات داخلية تعيده حزباً من بين آخرين لا حزباً فوق الآخرين يخشونه ويخافون تهديداته المحصنة بالسلاح وكل مقومات الأمن والمخابرات». يقول أحد السياسيين هذا الكلام من دون ان يخفي ان «المرحلة الضبابية التي تحكم علاقات الدول، وتطور الازمة السورية وأفقها، وسياسات ايران، ورعونة وعنجهية بعض السياسيين اللبنانيين، معطوفاً عليها تراخ في الاهتمام الدولي بلبنان، تشرّع ابوابنا الى كل المصائر والمصائب الممكنة».