أيُّ مصيرٍ تواجه "اليونيفيل" بعد أيام؟ وهل سيكون التجديدُ طبيعيًا من دون خرقٍ خارج عن معادلة لبنان وباقي الدول؟ ما حقيقة الموقف الفرنسي من التحقيقات الجارية عن الاعتداء الأخير على كتيبتها؟
في هذا المضمار، وعمّا إذا كانت فرنسا لا تزال مصرّة على سحب كتيبتها في حال لم تتوصّل التحقيقات الى النتيجة أجاب مصدرٌ دبلوماسيٌّ فرنسيٌّ في حديثٍ خاصٍّ الى صحيفة "صدى البلد": "ليس تماماً، فقوّات حفظ السلام ستشهد تجديدًا لمهمتها نهاية هذا الشهر.
وهذا التجديد سيتمّ بهدوء من دون تغيير، ولكن في المقابل لا يمكن أن نغضّ الطرف عن الرسالة التي بعث بها رئيسُنا نيكولا ساركوزي الى الرئيسيْن ميشال سليمان ونجيب ميقاتي تناول فيها الاعتداء الذي طاول جنودنا في 26 تموز ليقول إن فرنسا تنتظر من لبنان مزيدًا من الحماية لكتائب اليونيفيل بشكل حقيقي وأن يكون هناك تعاونٌ أكبر بين هذه القوات والجيش الوطني، بما يصبّ في خانة حماية حقيقيّة لليونيفيل خصوصًا بعد الاعتداءيْن الأخيريْن المتعاقبيْن اللذيْن تعرّضت لهما الكتيبة الإيطاليّة أولاً ثمّ كتيبة بلادنا.
وهو ما يطرح مشكلة حقيقيّة على مستوى أمن هذه القوات العاملة في الجنوب ويهدد مهامها. هذا جوهر ما أراده الرئيس ساركوزي، ولكن في الوقت الراهن سحبُ جنودنا غير مطروح، أما في في حال تكرّرت حوادث مماثلة فسيكون لكلّ حادثٍ حديث".
وأكد المصدر أن الهدف الرئيسي من الرسالة "دفع الدولة اللبنانية لتعمل على تأمين مزيدٍ من التعاون مع قوات حفظ السلام والجيش اللبناني بغية توفير حمايةٍ أفضل لجنود هذه القوات خلال تنقلهم في مناطق مهامهم وخارجها". وبالحديث عن سحبٍ نهائيٍّ للجنود الفرنسيين شدد المصدر على أن "السحب النهائي أفقٌ بعيد ومن المبكر الحديث عنه، لذا شددت رسالة ساركوزي على ضرورة خلق مناخ أمني وحماية فضلى، وهذا ما بدأنا نكتسبه فعلاً خصوصًا أننا نتلمّس تقدمًا في هذا المضمار". وعمّا إذا كان إبقاء فرنسا لجنودها مشروطاً بتوفير مزيدٍ من الحماية أردف المصدر: "حكماً. فحتى الساعة الهدف يكمن في حصولنا على مزيد من الحماية والأمن في نطاق مهام اليونيفيل وخارجها وتطوير التنسيق مع الجيش اللبناني وهو ما بدأت مفاعيله الإيجابية تظهر فعلاً".
وعن قراءة الإليزيه لمسارالتحقيقات في الاعتداء الأخير، وعن ردّة فعلها في حال لم تؤدي تلك التحقيقات الى تحديد هويّة الفاعلين لفت المصدر الى أن "فرنسا تنتظر في الوقت الراهن ما ستؤول اليه التحقيقات التي نجحت في تحقيق تقدّم معيّن، وفرنسا تثق في العدالة اللبنانية لذا لا يمكن التكهّن حول هذا الموضوع".
من جهتها، تنتظر قيادةُ "اليونيفيل" أيَّ إخطار رسميٍّ يُنذرها بخفض عديدها أو أي قرارٍ يبشّرها بعدم المسّ في كيانها عددًا وجنسياتٍ. وفي هذا الصدد، أكد الناطق الرسمي باسم "اليونيفيل" نيراج سينغ في حديثٍ خاصٍّ الى "صدى البلد" أن "فرنسا شكّلت جزءًا أساسيًا من اليونيفيل منذ بداية مهامها في العام 1978 وكانت ولا تزال واحدة من أكبر الدول مشاركة على مستوى عديد جنودها الذي يناهز 1300 جنديٍّ. وحتى الساعة لم يصلنا أيّ إخطار ولم نتلمّس أيّ مؤشر الى خفض عديد الكتيبة الفرنسيّة، ناهيك عن أن ليس هناك أيُّ تغيير في اليونيفيل بشكل عام"، رافضاً "التعليق على رسائل يتبادلها رئيسا دولتيْن".
وأشار سينغ الى أن "التعديلات التي تطرأ على عديد اليونيفيل أمرٌ طبيعيٌّ إذ يمكن لدولةٍ أن تعدّل في هذا العديد خفضاً أو زيادة، وهذا يتمّ بالتنسيق بين الأمم المتحدة والدولة التي يمثلها هؤلاء الجنود. الأمر المهمّ في هذا المسار أن مهمّة اليونيفيل العملانية لا تتأثر مطلقاً، وهذا ما يُظهر لنا التزام المجتمع الدولي والدول المشاركة في مهام اليونيفيل. ولكن ما يهمّني أن أشدد عليه اليوم أن لا تغيير في قواعد عملنا".
أما في ما يرتبط بالتحقيقات المتعلقة بالاعتداء الأخير الذي تعرّضت له الكتيبة الفرنسيّة فأكد سينغ على أن "هذه التحقيقات تسير على قدم وساق، ولا تزال في قبضة الجيش اللبناني وخبراء من اليونيفيل الى جانب تحقيقٍ آخر أطلقه خبراء فرنسيّون. وتشكل هذه التحقيقات أولويّة مطلقة لليونيفيل في هذا المجال كما للسلطات اللبنانية، ويمكن القول إن هناك تقدمًا ولا معطيات جديدة أطلعنا عليها المحققون حتى الساعة".
تقف "اليونيفيل" على مسافة 6 أيام من التجديد لمهامها حذرةً لا بل مترقّبة لأيّ قرار قد يخلط أوراقها عدديًا، من دون أن تُسقِط من حساباتها أن أيّ معطى جديدٍ تُثمره تحقيقاتُها الميدانية قد "يُنقِذ" عديدها من التهالك، وأن أيّ تنسيق مشددٍ يستجيب للرسالة الفرنسيّة بما يجنّب جميع جنودها اعتداءاتٍ متكررة قد يشكّل مفتاح استقرارٍ داخليٍّ لها كذاك الذي أفلحت نسبيًا في زرعه في حقول الجنوب أو ذاك الذي ما فتئت تحاول زرعه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك