الراي: لبنان يصعد المأزق بترؤسه مجلس الأمن وصورته الخارجية مهدَّدة بالمزيد من الهبوط
الراي: لبنان يصعد المأزق بترؤسه مجلس الأمن وصورته الخارجية مهدَّدة بالمزيد من الهبوط
الراي الكويتية

كشفت صحيفة "الراي" الكويتية انه لم تحسد دوائر ديبلوماسية لبنان على الموقع الذي وجد نفسه فيه بدءاً من الاول من ايلول"على رأس العالم" مترئساً مجلس الامن للشهر الحالي، مشيرة الى انه وان كان سيلجأ خلال توليه هذه المهمة الى استخدام "طوق نجاة" الـ "لا موقف" فان ذلك سيكون كفيلاً بتكريس صورته الخارجية كـ invisible member اي العضو "غير المرئي" في حسابات عواصم القرار التي باتت تتعاطى معه على طريقة انه بلد الـ "لا حول ولا قوة» بعدما اختار ان يعتمد ديبلوماسية "الرمادية".

واذا كان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أطل "على العالم"، للمرة الاولى منذ ابصار حكومته النور قبل نحو ثلاثة اشهر، من باريس خلال مشاركته في مؤتمر "اصدقاء ليبيا" اختصر السياسة التي سينتهجها لبنان في مجلس الامن على قاعدة "لن نخرج عن الارادة الدولية، ولا نستطيع أن نكون ضد احد، نعزل انفسنا عن الموضوع السوري ولكن طبعاً لا نخرج عن الرعاية الدولية"، فان الدوائر الديبلوماسية ترى ان موقف التوفيق "بين الشيء وضدّه" اي استراتيجية "الهروب" لن تجرّ على بيروت الا المزيد من استنزاف رصيدها الخارجي الذي يعاني ما يشبه "تجميد الأصول" منذ اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في يناير الماضي وتشكيل وزارة يرى الغرب ان لـ "حزب الله" اليد الطولى فيها.

وفي رأي الدوائر نفسها ان موقف الـ "نعم" الذي يجمع بين الـ نعم والـ لا وخصوصاً حيال الملف السوري الذي سيكون من ابرز العناوين التي سيتصدى لها مجلس الامن الى جانب ملف اعلان الدولة الفلسطينية، لن يكون تكراره، على غرار ما حصل ابان اصدار بيان مجلس الامن الذي ندد بأعمال العنف في سوريا قبل نحو شهر والذي نأت بيروت بنفسها عنه، بلا أكلاف هذه المرة ولاسيما ان سياسة الالتصاق بالنظام السوري التي تعتمدها حكومة ميقاتي يجعلها تضع نفسها في "مركب واحد" مع هذا النظام "فاما يغرقان معاً او ينجوان معا"، مشيرة الى ان ادراج السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي على القائمة السوداء الاميركية شكّل "بطاقة صفراء" لهذه الحكومة بأنها تقترب من "النقطة السوداء" التي يمكن ان يضعها عليها المجتمع الدولي بدءاً من واشنطن في حال اكمالها نهج التماهي مع نظام الرئيس بشار الاسد من جهة والتنصل من التزاماتها الدولية في ما خص المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من جهة أخرى.

واستوقف الدوائر الديبلوماسية ما نُقل عن رئيس البعثة اللبنانية الدائمة لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام من انه "على غرار ما فعلناه خلال رئاستنا مجلس الامن العام الماضي حين ادخل لبنان موضوع الحوار بين الثقافات وحل النزاعات على جدول الاعمال، فسنُدخل هذه السنة موضوع الديبلوماسية الوقائية الذي يشمل الوسائل والافعال الديبلوماسية في مراحلها المبكرة من اجل الحيلولة دون نشوء نزاعات او تفاقمها وانتشارها"، معتبرة ان حتى هذا العنوان يعكس منطق الراغب في تفادي الوقوف امام أوضاع تستدعي موقف "ابيض او اسود"، وكأنّ بيروت تمارس ديبلوماسية "فن الرأس في الرمال" و"نفض اليد" مما يجري حولها وتبني جداراً عازلاً حول نفسها بحجة عزل الذات عن الوضع السوري الذي "أثبتت بيروت انها اختارت واقعياً وبالممارسة الوقوف في صفه".

ودعت هذه الدوائر الى رصد المواقف التي أطلقها ميقاتي خلال وجوده في باريس من تأكيد تمويل المحكمة الدولية ومحاولة "السير بين النقاط" في الموقف بازاء الملف السوري، معتبرة ان هذا الكلام يعكس تمسك المجتمع الدولي بثوابته حيال الوضع اللبناني وان الحكومة الحالية هي "تحت المعاينة" الدقيقة وان اي "دعسة ناقصة" لن تمرّ بلا أثمان.

وتوقفت الدوائر عيْنها امام "الصورة المهتزّة" التي ظهر بها ميقاتي، حتى في التزامه اللفظي تمويل المحكمة، مشيرة الى ان تسجيل احد الوزراء في حكومته-من فريق العماد ميشال عون- تحفظه عن كلامه في هذا السياق واعلانه ان ما قاله رئيس الوزراء "يعبّر عن وجهة نظره والقرار في هذا الشأن يعود الى مجلس الوزراء مجتمعاً" ظهّر موقعه بين مطرقة عدم قدرته على مخاطبة المجتمع الدولي من خارج ثوابت هذا المجتمع حيال الوضع اللبناني وبين "سندان" تكبيل يديه داخلياً من حلفائه في الاكثرية الجديدة.
ولم يكن ميقاتي وصل الى بيروت حتى اثار كلامه عن تمويل المحكمة الدولية سلسة ردود كادت ان تحجب الأنظار عن ملف الكهرباء الذي يضرب موعداً مفصلياً لبتّه يوم الاربعاء المقبل في مجلس الوزراء، وسط تقديرات لم تستبعد تمديد "فترة السماح" للتوافق حوله بين مكونات الاكثرية الجديدة اسبوعاً اضافياً تفادياً لـ "انفجار" يتجاوز قراره وتداعياته لبنان