جاء في صحيفة "الشرق" أنه عجيب كيف تحولت الممانعة الروسية لأي تدخل دولي في ليبيا، الى مشاركة حميمة في لقاء «أصدقاء ليبيا» ما بعد معمر القذافي. وقد برر المراقبون خطوة موسكو بأنها جاءت استلحاقاً لما يمكن ان تستفيد منه بالنسبة الى مشاريع الانماء والاعمار بعدما أدت تصرفات «الرفيق معمر» الى دمار منقطع النظير في طول ليبيا وعرضها، فضلاً عن حاجة الروس الى من يذكرهم بالخير بعد طول تصلب حال من دون تدخل الأسرة الدولية للجم جرائم العقيد معمر!.
ولوحظ ان الروس لم يكونوا وحدهم من كوع باتجاه التحول الى صديق للشعب الليبي حيث رافقهم الى مؤتمر باريس موفدون من ورثة "الدكتاتورية الصينية الشعبية" التي لاتزال تتشبه بموقف الرفاق الروس عند طرح أي حل له علاقة بالوضع السوري، الأمر الذي يعمق حال الانفصام السياسي المسيطر على قادة المنظومة الشيوعية السابقة، ربما لأن البدائل ومجالات الاقامة لم تعرض عليهم مباشرة، خصوصاً ان ظروف ليبيا شبيهة الى حد بعيد بظروف الدم والدمار التي تعيشها سوريا منذ أشهر!
المهم في نظر المراقبين الديبلوماسيين ان عودة الروس الى صوابهم ومعهم الاخوان في الصين، قد أعطى الأمل بتحول غير بعيد في مواقف البلدين من التطورات في سوريا، وهذا التحول في حال تسريع نتائجه، لا بد وأن يكفل «الحسم الانقلابي» مهما قيل عن صلابة الحكم في سوريا وقدرته على استمرار التحكم بمجريات البلد. إضافة الى ان ما قد أتيح من مغانم أمام الروس في ليبيا سيتاح مثله وأكثر في سوريا وفي اليمن عندما يحين أوان قطف ثمار تركة الرئيس علي عبد الله صالح!
واللافت في خصوص ما لحق بحكم العقيد القذافي من ذل ومهانة، ان مصيره مع أولاده معلق بانتظار كشف مخابئهم والأمكنة التي لجأوا اليها، بعدما تبين ان لا مجال أمامهم للجوء الى الجزائر حيث تردد ان الصفقة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقتصرة على ايواء زوجة القذافي وبعض بناته، ولم تتردد معلومات عن وجود ذكور بين هؤلاء لاسيما ان بوتفليقة قال صراحة أنه يرفض استضافة القذافي وأي من أنجاله المتهمين بجرائم حرب وباغتيالات لا تعد ولا تحصى!
والملاحظ أيضا ان الكلام الذي يتردد عن إمكان لجوء الرئيس السوري بشار الاسد الى روسيا لم يعد مؤكداً، حيث يعرف ان موسكو يمكن ان تبيعه مقابل صفقة سياسية اقتصادية، بعكس ما قيل عن استعداد برازيلي لاستضافة الاسد كلاجىء سياسي ومعه عدد من أركان حكمه من سياسيين وعسكريين، الا في حال تأخر الوقت على هؤلاء وتعذر عليهم ان يغادروا، حيث كثر الكلام على وجود مناخات شعبية وعسكرية انقلابية قد لا تتيح لأي مسؤول سوري مغادرة البلاد في وقت يتعدى منتصف ايلول الجاري.
وفي توقعات المراقبين الديبلوماسيين ان الرئيس بشار الاسد بات مقتنعاً أكثر من السابق ان أي تحول في نظرة روسيا والصين الى العلاقة مع النظام في سوريا، قد يؤدي الى تغيير ملحوظ في مجريات المواجهة الداخلية في سوريا، بعد تسجيل ملاحظات بالنسبة الى استقالة مسؤولين اداريين وقضاة من مراكزهم واعلان هؤلاء استعدادهم للانضمام الى المنتفضين في الشوارع السورية على مدار الساعة.
التحولات على الارض
ولجهة معاندة الهند والبرازيل واتحاد جنوب افريقية أي تدخل دولي في الشأن السوري، هناك من يجزم بأن التحولات على الارض السورية قد تغير من مواقف الدول المشار اليها، خصوصاً بعد التحول الروسي - الصيني المؤثر، لاسيما ان المجريات العربية - العربية لم تعد تسمح بفرض نصف حل على الوضع في سوريا بقدر ما تستوجب تدخلاً في أقرب وقت (...).
وثمة من يؤكد قرب حصول احتكاك سوري - تركي من دون تحديد ماهيته، لأن قدرات حكومة رجب طيب اردوغان تتطلع الى لعب ورقة عسكرية - سياسية واقتصادية مع الجانب السوري المستقبلي، مقابل حيازة الاتراك حرية الحركة في المناطق المتاخمة في الجانب العراقي، حيث يقال ان المناوشات العسكرية لن تبقى محدودة في حال لم تحصل تركيا على بدائل من قبل السلطات العراقية التي تعاني بدورها من حرب تقاسم النفوذ؟!
أخيراً، تبقى مجموعة أسئلة من الصعب تجاهلها، كونها على علاقة بتحول موقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من التطورات في سوريا. وهذا ينطبق أيضاً على موقف رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة بعدما شكلوا في المرحلة السابقة مع المملكة العربية السعودية رافعة إيجابية للحكم في سوريا، فيما لم يعرف الرئيس بشار الاسد من يومها كيف يرد الجميل للزعماء الأربعة، لاسيما أنه تجاهل عن سابق تصور وتصميم النصائح التي أغدقوها عليه بالنسبة لأهمية تعافي لبنان من مسلسل أزماته (...).
كذلك، فإن الرئيس الاسد لم يحسن الافادة من الدعم المشار اليه ظناً منه ان الورقة اللبنانية تصب في مصلحته الشخصية تلقائياً، ولا جدوى من مشاركة أحد فيها؟!
فهل يدفع الرئيس الاسد ثمن خطأه في لبنان؟ المراقبون يجمعون على ان رد الفعل السعودي - القطري والفرنسي - التركي عائد الى ان السوريين لم يستوعبوا خطأهم الأول وانساقوا وراء دعم حلفائهم ومن هؤلاء حزب الله وفريق 8 آذار، بعكس ما كان مرجواً منه، أقله الوقوف على الحياد، خصوصاً في موضوع المحكمة الدولية وموضوع سلاح حزب الله، إضافة الى خلق حال من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان، ما حتم على من سبقت الاشارة اليهم ان يردوا على الاسد ويجعلوه يدفع ثمن الخطأ الدولي الذي لم يعرف كيف يحسب حساب؟!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك