إ ستطلاع غربي لموقف "حزب الله" من التدهور السوري
النهار

يستطلع عدد من الديبلوماسيين والباحثين الغربيين الوضع اللبناني مع عدد من الاختصاصيين الجديين والسياسيين المطلعين، من زاوية تأثيرات الوضع السوري الراهن عليه.

ويطرح هؤلاء اسئلة محددة عن الاحتمالات التي يترقبها لبنان اذا ما اتجهت الامور في سوريا نحو مزيد من التدهور، من زاويتين. الاولى مدى تأثيرات الحركة التركية والسعودية الى جانب القوى السنية الفاعلة على الارض في سوريا، وامكان تأثير الاتصالات التي تقودها القوتان السنيتان في الشرق الاوسط، في ظل موقفهما من النظام السوري على وضع حلفائهما في لبنان، مع لحظ الموقف العراقي في ظل تركيبته الحالية، من احتمال انهيار النظام السوري. اما الثانية فتكمن في معرفة ما اذا كان "حزب الله" ومن خلفه ايران، قد يتحركان لبنانيا من اجل القبض اكثر فاكثر على زمام الامور، والاحتمالات التي قد تطرح امام اسرائيل للتعامل مع اي انهيار سوري واي تطور ميداني على خط "حزب الله". وتدور الحوارات في لبنان حول السيناريوات المحتملة ارتباطا بتغير الاوضاع السورية، وجنوحها اما نحو الفوضى المنظمة والطويلة الامد لتصل تدريجا الى حرب اهلية واسعة النطاق، واما الانهيار السريع للنظام السوري. ووفقا للمتغيرات السورية وما قد تسفر عنه، تتغير المعادلات اللبنانية واسلوب ادارة ايران و"حزب الله" لوضعهما في لبنان. ولا يملك احد من السائلين او المحاورين اجوبة كاملة ومفصلة، في ظل تعدد الاحتمالات المطروحة، وتغير قواعد اللعبة الشرق الاوسطية، على نحو جعل النظام السوري في موقع حرج، بعدما خسر ورقته التي كانت تجعل منه النظام الذي لا يستغنى عنه.

الا ان ثمة قاسما مشتركا يتفق عليه الفريقان هو ان الوضع اللبناني يثبت يوما بعد آخر هشاشته الداخلية سياسيا وأمنيا، مما يجعل من اي فتيل اقليمي او داخلي، قادرا على اشعاله مجددا. في حين ان الهدنة السياسية اللبنانية الحالية، كانت ضرورية من اجل استطلاع آفاق الضغوط الدولية على سوريا، وجلاء ما اسفرت عنه الاتصالات السعودية - الايرانية غير المباشرة. وقد شكلت هذه الهدنة فرصة لايران و" حزب الله" لدرس اكبر مروحة من الخيارات التي يمكن اللجوء عليها تبعا لتطور الوضع السوري، لان اي تدهور سوري سريع يفقد الطرفين الظهر الخلفي والسند العربي لدورهما وموقعهما في المنطقة. من هنا يذهب الحزب الى تطبيع الوضع اللبناني الحكومي، فلا يغرق في المتاهات الجانبية ويترك لحلفائه مهمة ادارة اللعبة الداخلية، من دون ان يغفل عن استثمار نتائجها حين تدعو الحاجة.

ويطرح هؤلاء ايضا اسئلة محددة عن دور الجيش في المرحلة المقبلة، في ظل تعدد السيناريوات التي قد يلجأ اليها الحزب وايران طبعا كقوة فاعلة وقادرة على ضبط الوضع، ولا سيما ان ما سجل من احداث امنية اخيرة عاينها هؤلاء شمالا وبقاعا، اثارت لديهم هواجس مشروعة حيال قدرة المؤسسة العسكرية على مواكبة جدية لتطور الاحداث اللبنانية، وارتباطها بمجريات الحدث السوري. ويريد هؤلاء سماع اجوبة مختلفة عما يسمعونه من رواية رسمية يقدمها اليهم القادة الامنيون على مختلف المستويات.

ومن بين الاسئلة ايضا كيفية تعامل القيادات اللبنانية مع المسؤولين السوريين، الذين تصدر في حقهم يوما بعد آخر سلسلة من قرارات العزل الدولية، وخصوصا بعدما اعلن عن اتصالات رسمية لبنانية بالرئيس السوري ولقاءات مع سفيره في لبنان، في اللحظة التي كان يصدر البيت الابيض قرارات صارمة في حقهما وحق شخصيات سورية نافذة.

وتتمحور اسئلة الديبلوماسيين والباحثين وحواراتهم في لبنان على استطلاع آفاق الوضع الميداني السوري، من اجل معرفة اكثر عمقا لما يمكن ان تقبل عليه ايران، انطلاقا من معرفة اوساط لبنانية محددة بالتركيبة السورية السياسية والعسكرية والطائفية والعشائرية. ورغم ان صلة وثيقة تربط حلفاء سوريا بلبنان منذ عقود، الا ان ثمة خفايا وتركيبات لا تزال مبهمة ولا يدركها الا قلة من المطلعين بدقة على تفاصيل الحياة السورية اجتماعيا وسياسيا وحتى جغرافيا، وتركيبة القرى والبلدات والمحافظات السورية، ومدى ارتباطها بالدول المجاورة.

ويرصد هؤلاء بدقة وضع الجيش السوري ونواته وقوته العلوية التي يمكن ان تشكل وحدها معيارا لما قد تذهب اليه التطورات الميدانية بعد ستة اشهر، وما اذا كان يمكن الركون حقا الى خيارات علوية من داخل المؤسسة العسكرية بديلا من الطبقة الحالية التي تمسك بمفاصل القرار العسكري. ويتابعون كذلك ما ينقله سوريون من ذوي الثقة آتون من سوريا الى لبنان عن وضع المجتمع العلوي وطريقة متابعته وتفاعله مع الاحداث السورية، ومدى تكتل افراده من سياسيين وعسكريين وشرائح اجتماعية واقتصادية ورجال اعمال فاعلين، الى جانب نظام الرئيس السوري.

وأهمية الرصد الغربي والحوارات مع افرقاء لبنانيين، انها تعكس الانتقال الغربي الى الملف السوري بعد مصر وتونس واليمن وليبيا، وتؤشر لخطورة الحالة السورية وانعكاسها المباشر على لبنان الواقع اساسا تحت ثقل تداعيات المحكمة الدولية. وكلا الوضع السوري والمحكمة الدولية يشكلان عنصرين ملائمين لأي طرف يريد اعادة عقارب الساعة في لبنان الى الوراء.