تفيد معلومات مركز ابحاث اميركي جدي له مصادر اخبار متنوعة وجدية في لبنان والمنطقة ان استمرار الاضطرابات وتالياً عدم الاستقرار في سوريا سيدفع "حزب الله" او ربما هو يدفعه حالياً لإعداد السيناريو القادر على مواجهة تطور الأوضاع فيها على نحو بالغ السوء والخطورة. يدفعه الى ذلك اقتناعه بأن خسارة "حليف" في دمشق قد يتركه وحيداً في مواجهة عداء الاطراف اللبنانيين الذين لهم مصلحة مباشرة في اضعافه وتقويض قوته، كما في ضرب نفوذ ايران الاسلامية "مؤسِّسته" وراعيته الدائمة سواء في لبنان أو في المنطقة انطلاقاً منه.
كيف تصور معلومات المركز البحثي المشار اليه تطور انتقال لبنان من الوضع الراهن الى وضع آخر فيه الكثير من الصراعات والفتن التي قد يكون "حزب الله" أبرز اطرافها واقواهم؟
تفيد المعلومات أولاً ان عجز سوريا الاسد عن احتواء عدم الاستقرار وعن وقف الاضطرابات على معظم اراضيها يشكل مصدر قلق كبير لـ"حزب الله" ولـ"حلفائه" في ايران، ذلك ان الحقائق "الجيوبوليتيكية"، اي الجغرافية - السياسية، تؤكد ان النظام القوي في سوريا لا بد ان يكون صاحب النفوذ الأول وربما المطلق في لبنان. وهذا يعني ان نجاح الغالبية السنية في سوريا في ضرب النظام البعثي - الاقلوي الحاكم فيها سيكون على الارجح على حساب مصالح "حزب الله" والصداقة أو بالأحرى التحالف بين دمشق وطهران. ويعني ايضاً ان المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر ودولاً أخرى عربية واسلامية ستستفيد من الواقع السوري الجديد لضرب موطئ القدم الذي اقامته ايران في المنطقة ولدفع النفوذ السياسي والعسكري لـ"حزب الله" في لبنان الى التراجع.
طبعاً، لا يعني ذلك، ودائماً استناداً الى المعلومات نفسها، ان نظام آل الأسد صار على شفير الانهيار، او ان سنّة سوريا رغم كونهم غالبية يمتلكون الادوات والوسائل والرعاية والوحدة التي يحتاجون اليها لكي يملأوا الفراغ الذي قد يحدث في سوريا، او لكي ينخرطوا بداية في اقتتال او اصطدام مع كل الاطراف التي تنتمي الى الاقليات من مسيحية واسلامية. لكن بمقدار ما يصبح النظام المذكور هشّاً او قابلاً للعطب، بمقدار ما يصبح لبنان اكثر عرضة لتحمل اذى الشظايا التي لا بد ان تتطاير جراء الاقتتال المشار اليه.
هل من تطابق أو بالأحرى تشابه بين الصراع او الاقتتال الذي قد ينشب او يندلع في سوريا وفي لبنان؟
تلفت معلومات مركز الابحاث الاميركي نفسه الى ان الصراع الحالي في سوريا يمكن اعتباره صراعاً بين غالبية الشعب السوري وهي سنية وبين مجموعة من الأقليات، في حين ان المشهد السياسي في لبنان مختلف او بالأحرى اكثر تعقيداً. فسياسياً هناك فريق يقوده "حزب الله" الشيعي وتدعمه سوريا وايران وتتحالف معه جهات شيعية ومسيحية ودرزية. وهناك فريق آخر غالبيته سنية لكنه متحالف مع دروز ومسيحيين، كما انه مدعوم من الغرب ومن الدول السنية الكبرى في المنطقة، في مقدمها السعودية. وحالياً يبدو الفريق الأول حاكماً، ذلك ان نفوذه كبير جداً داخل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. إلا ان السياسة في لبنان او السياسات ليست اليوم ولم تكن يوماً ساكنة اي مستقرة او جامدة. فالسنّة المدعومون من السعودية يرون الآن فرصة سانحة لجعل ميزان القوة والسلطة في لبنان في مصلحتهم، ولا سيما في ظل انشغال حلفاء "حزب الله" في سوريا بأزمتهم الكبيرة. أما المسيحيون والدروز الموزعون على الفريقين الكبيرين (السني والشيعي) فإنهم يغيرون مواقعهم ومواقفهم عندما يتمكنون من معرفة الاتجاه الفعلي للريح السياسية.
في اختصار، تفيد معلومات المركز البحثي نفسها ان لبنان لن يتمكن من ان يتجنب انفجار السياسات المذهبية والطائفية، او آثار ما يجري في سوريا، أو بالأحرى ظل سوريا نفسها. وهذا يعني انه طالما بقيت حكومة سوريا (أي نظامها) آمنة على نحو كاف وقوية وتالياً قادرة على "الاهتمام" بما وراء حدودها، فإن لبنان سيكون مشبعاً بالنفوذ السوري في كل الميادين بدءاً من قطاعه المصرفي ومروراً بأطرافه المتقاتلين وانتهاء بالحكومة على تنوّع مستوياتها. ويعني ايضاً ان عودة لبنان الى اقتتال داخلي توفر الفرصة لتدخل سوريا كونها الدولة الوحيدة القادرة عليه (اي التدخل) كما على فرض الأمن، ومن شأن ذلك تعزيز أو تقوية سلطتها اللبنانية وخصوصاً في ظل الانقسامات اللبنانية المعروفة.
كيف يُحضِّر "حزب الله" للأسوأ سواء في سوريا أو لبنان استناداً الى معلومات مركز الابحاث الاميركي نفسه؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك