الأخبار
نقلت صحيفة "الأخبار" عن بعض الذين رافقوا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى فرنسا انه عبّر في ما يخص سوريا عن قناعاته، التي ترسخت أكثر بعد سماعه كلام المسؤولين الفرنسيين. فيما يتحدث بعض المواكبين للراعي عن ثلاثة أسباب تدفعه إلى أن يقول في باريس ما لا يقوله حتى حين يستقبل السفير السوري في لبنان. وهذه الأسباب هي:
أولاً، المعلومات التي توافرت للبطريرك من مصادر متنوعة، أهمها تلك الفاتيكانية منها التي سبق الكلام عنها، عن تماسك النظام السوري وسيطرته على مختلف المدن السورية، واحتفاظه بالحد الأدنى من القوة الشعبية والقدرات التفاوضية الضروريتين لضمان استمراريته، مقابل عجز المحتجين عن الانطلاق بـ"الثورة"، في المعنى الجديّ للكلمة.
ثانياً، اكتشاف الراعي عدم وجود خطة دولية جدية لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد أو حتى قرار بهذا الخصوص. ويقول أحد مرافقي البطريرك في زيارته إن الأخير سمع كلاماً من بعض المسؤولين الفرنسيين عن حق الشعوب في الحرية والديمقراطية يشبه كثيراً الكلام الذي كان يسمعه من أسلافهم عن حق اللبنانيين في الحرية والسيادة والاستقلال، كذلك سمع كلاماً جازماً بعدم وجود نية أو خطة غربية للتدخل العسكري في سوريا. وقد حرص الراعي على السؤال عن علاقة القيادة الفرنسية وأجهزة الاستخبارات بالمعارضين السوريين، ففوجئ بأن العلاقة سطحية جداً، وأن التنسيق الذي ازدهر في السنوات القليلة الماضية بين بعض أجهزة الاستخبارات الأجنبية والاستخبارات السورية لم ينقطع بعد.
ثالثاً، تأكد البطريرك من أن الغرب لا يرى أي مشكلة في التحالف مع الجماعات الإسلامية المتشددة والإخوان المسلمين، ما دام هؤلاء يوفرون مصالح الغرب. وتأكد أيضاً أنه ليس على جدول أعمال الدول العظمى أية إشارة إلى ما يعرف بحقوق الأقليات الطائفية أو المخاوف الفاتيكانية على مسيحيي الشرق. مع العلم بأن الراعي يعبّر في بعض كلامه عن خشية فاتيكانية، تتنامى يوماً تلو الآخر، من التشدد الإسلامي. والأكيد هنا أن الراعي المدافع بقوة عن "ديمقراطية لبنان التوافقية"، سينحاز إلى تحالف الأقليات في المنطقة، إذا فرض عليه الاختيار بينه وبين حكم الأكثرية في المنطقة.
ما سبق، إضافة إلى النقاشات المستفيضة مع صناع القرار الدولي، أكدا للراعي، بحسب أحد المشاركين في الزيارة، أن الرئيس الأسد في طريقه إلى تجاوز الأزمة، وهو من دون شك باق في الموقع السوريّ الأول. وكشفت "الأخبار" أن أحد المطارنة المقربين جداً من البطريرك سيتوجه فور عودته والراعي من باريس إلى دمشق على رأس وفد مسيحيّ كبير للقاء الرئيس السوري بشار الأسد. فموقف الراعي-الفاتيكان، بحسب الصحيفة، لا يعبّر عن الكنيسة المارونية فحسب، هذا هو موقف الكنائس السريانية والأرثوذكسية والكاثوليكية.