روزانا بومنصف
النهار
حرص البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فور عودته من باريس مختتما زيارة رسمية استمرت بضعة ايام على عقد لقاء اعلامي مصغر رغب من خلاله في ايصال رسالة توضح ملابسات المواقف الاخيرة التي اطلقها في العاصمة الفرنسية واثارت اشكاليات متعددة نتجت عنها ردود فعل محلية واخرى فرنسية واميركية. فماذا يقول سيد بكركي في ما رأى كثر في كلامه دفاعا عن النظام السوري وتبنيا لمحور اقليمي محدد او مخاوف من حكم سني في سوريا وانعكاسه على لبنان او ايضا ما فهم من تأمينه غطاء "ابديا" لـ"حزب الله" من خلال ربط سلاحه بحق عودة الفلسطينيين الى بلادهم؟
يعتبر البطريرك الراعي ان الكلام الذي ادلى به تم اجتزاؤه واخرج من اطاره ولذلك فهم على غير محمله او تم تحويره ايضا نافيا ان يكون كلامه قد تم التشاور فيه مسبقا مع الفاتيكان او يعبر عنه وان كان يلتقي معه في المبادئ نفسها لجهة رفض العنف. ويبدي تقديره للاستقبال الفرنسي الرسمي له والذي لم يسبغ على الزيارة الطابع الاجتماعي او الشخصي بل طابع استيضاح موقف البطريركية المارونية التي تربطها بفرنسا علاقات تاريخية ما يجري في لبنان وفي محيطه والمنطقة. ويقول "اننا ركزنا على ثلاثة امور ابرزها: 1 - اننا مع الاصلاح في العالم العربي على كل المستويات بما فيها المستوى السياسي وفي كل الدول العربية بما فيها سوريا كما اننا مع مطالبات الناس بحقوقهم وبالحريات العامة والعيش بكرامة. 2- اننا لسنا مع العنف من اي جهة اتى ولسنا مع الحرب كيفما كانت وقد عشنا تجربة مرة ونتمنى ان تحل الامور بالحوار وليس بالسلاح. 3- لسنا مع اي نظام او ضد اي نظام ولا ندعم اي نظام، متسائلا عما كان الموقف الدائم لبكركي من النظام السوري اذ لم تقل مرة انها ضده ولم تقل مرة انها معه بل وقفت ضد الوجود السوري في لبنان ثم على قاعدة الجيرة الطيبة والعلاقات الاخوية من دون تدخل منها في الشأن اللبناني والعكس صحيح. والعبارة في كلامه التي شاعت عن اعطاء الرئيس السوري مهلة اضافية من اجل تطبيق الاصلاحات وأوحت انها دفاعا عنه انما اتت في سياق الاجابة عن سؤال يتعلق بما كان يجب القيام به لعدم الوصول الى الوضع الراهن "وقد قلنا اننا كنا نفضل ان يكون قد قام الرئيس السوري بالاصلاحات وانه ليس وحده ولديه حزب وراءه".
"انما ابرزنا مخاوفنا" يقول البطريرك الراعي، "من ثلاثة امور ايضا هي: 1- اننا نعرف الشرق على غير ما يعرفه الغربيون اقله وفق تجربة احلال الديموقراطية في العراق التي نسأل اين اصبحت الان وكيف ذهب المسيحيون هناك ضحية الصراع السني الشيعي. ففي الشرق اديان ومذاهب لا تتماشى والديموقراطية العلمانية التي ينطلق منها الغرب. اننا نخشى انتقالا من الانظمة القائمة والتي تتصف بالديكتاتورية الى انظمة متشددة لان هناك مجموعات منظمة وممولة ومسلحة وتاليا فان الخوف هو الاختيار بين السيئ والاسوأ. 2- نخشى ان نصل الى حرب اهلية لان مجتمعاتنا مؤلفة من طوائف ومذاهب. وفي سوريا هناك سنة وعلويون والنار تحت الرماد ويمكن ان يكون المسيحيون ضحية اي حرب يمكن ان تنشب. 3- لا يمكن ان ننسى احتمالات التقسيم الى دويلات مذهبية يذهب ضحيتها المسيحيون ايضا".
ويقول البطريرك الراعي ان المسؤولين الفرنسيين اخذوا ملاحظاته في الاعتبار ولم يبد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اي تحفظات، "واننا عبرنا عن مخاوفنا انه اذا حصلت حرب اهلية بين السنة والعلويين فانها تؤثر على لبنان ولم نربط بين الاخوان المسلمين والسنة في لبنان لكننا نعتبر انهم اذا وصلوا الى الحكم فان ذلك سيكون له تأثيره على المسيحيين في سوريا". ويضيف "انا تحدثت عن مخاوف للاستدراك وليس للتأكيد ان هذه الامور ستحصل حين يستلم "الاخوان" والخوف مبني على ما حصل في الدول المجاورة وليثبتوا لنا العكس ويقدموا التطمينات".
عن الالتباس الذي اثاره موقفه التبريري لبقاء سلاح "حزب الله" الى ما بعد تطبيق حق العودة يقول البطريرك الراعي ردا على انطباعات اثارها مستقبلوه على الارجح عن سلاح الحزب وسيطرته على الحياة العامة في لبنان "اننا قلنا ان ليس طبيعيا ان يكون هناك حزب مسلح وان يكون لديه وجود في المجلس النيابي والحكومة. ولكنه يقول ان اسرائيل تحتل اراض لبنانية ولا نستطيع ان ننفي ذلك كما يقول انه مع عودة الفلسطينيين وضد توطينهم في لبنان وهذا امر واقع. ونحن نطالب الاسرة الدولية بنزع هذه الذرائع ان في المساعدة على تطبيق القرارات الدولية وانهاء الاحتلال او في تطبيق القرار 194 المتعلق بعودة الفلسطينيين. وحين تقوم الاسرة الدولية بواجبها نقوم بواجبنا". ويقول البطريرك الراعي انه حض المسؤولين الفرنسيين في هذا الاطار على دعم الجيش اللبناني وتقويته كما حملهم مسؤولية مشتركة مع اللبنانيين في اعادة قراءة اتفاق الطائف لوجود ثغر في تطبيقه وعدم وجود مرجعية لحل الازمات.
ويقول عن زيارته المرتقبة للولايات المتحدة الاميركية انها "زيارة لابرشياتنا والوضع مختلف مع فرنسا التي يربطنا بها تقليد تاريخي".