14 أيلول من جديد
داني حداد

داني حداد

Lebanon Files

مهما تكثّفت الأحداث السياسيّة، يبقى تاريخ 14 أيلول مناسبة "بشيريّة" بامتياز، يستعيد فيها اللبنانيّون ذكرى رجل ترك بصمةً في هذا الوطن الصغير، لدى من أحبّه وجعله رمزاً بل أيقونة، كما لدى من خاصمه الى درجة تأييد قتله.

ومع مرور الأعوام على استشهاد بشير الجميّل، يبقى السؤال الأكبر الذي لا بدّ من طرحه: ماذا لو لم يمت بشير؟ ماذا لو أصبح رئيساً للجمهوريّة ممارساً فعلاً؟ هل كان سينفّذ الوعود الإصلاحيّة التي أطلقها؟ هل كان لبنان سيصبح دولةً حليفة لإسرائيل، أم صديقة لسوريا، أم تقف على حيادٍ بينهما؟ هل كانت ستنتهي الحرب في منتصف الثمانينات، أم كانت لتستمرّ حتى اليوم؟ في أيّ لبنان كنّا اليوم، لو كان بشير الجميّل حيّاً؟...
لعلّ أهميّة هذه الأسئلة، التي لا يملك أحدٌ إجابة عليها، لا تكمن فقط بدلالاتها على صعيد مستقبل لبنان، بل هي تبرز أهميّة بشير الجميّل كشخصيّة محوريّة كانت لتشكّل نقطة تحوّل في مسيرة جمهوريّة، إمّا نحو الأفضل برأي مؤيّديها وإمّا الى الأسوأ برأي الخصوم. ولكن تبقى محوريّة الشخص واحدة في الحالتين.
يتداعى اليوم أحبّاء بشير في حزبَي الكتائب والقوات الى المشاركة في القدّاس السنوي الذي دعت إليه زوجته السيّدة صولانج الجميّل ويستمعون في ختامه الى كلمة نجله النائب نديم الجميّل. إلا أنّ أحبّاء بشير ورفاق الأمس باتوا موزّعين على أكثر من حزب، كما أنّ كثيرين منهم انكفأوا، بعيداً عن السياسة و"النضال"، فتفرّغوا الى أعمالهم وعائلاتهم أو هاجروا حتى، بعد أن يئسوا من تحقيق وطن الـ 10425 كلم2 الذي لطالما حلموا به، فإذا بهذه المساحة تبقى ساحةً للصراعات المذهبيّة وللانقسامات الداخليّة والتدخلات الخارجيّة، فمات حلم بشير، بموته ذات 14 أيلول من العام 1982.
تستعاد اليوم ذكرى بشير. يُنفض الغبار عن أغنياتٍ وأناشيد باتت رفيقة جيل لم يعايش بشير، ومع ذلك كان هذا الشهيد الثلاثينيّ بطلهم، وهو، من دون شكّ، كان ظاهرة في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، سواء ناصرناه أم خاصمناه.
تستعاد اليوم ذكرى بشير. فمتى تستعاد هذه الجمهوريّة من قبضة من يتلاعب بها، داخليّاً وخارجيّاً، شرقاً وغرباً؟ أم أنّنا بحاجة الى بشيرٍ جديد، لكلّ اللبنانيّين؟