تستمر الولايات المتحدة الاميركية في شن حروبها على الارهاب، في الاشهر القليلة الماضية يبدو ان الحظ يحالف الدولة الاقوى في العالم باصطياد الرجال الاخطر عالميا، البداية كانت مع بن لادن وكرّت السبحة.
وفي اطار الاستراتيجية الاميركية الجديدة لاستكمال اصطياد الارهابيين كشف مسؤولون أميركيون عن قيام الولايات المتحدة بنشر قواعد لطائرات دون طيار في منطقتي القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية في إطار حملتها لمواجهة المتطرفين المنتمين لتنظيم القاعدة في المنطقة لاسيما في الصومال واليمن. وتقع إحدى هذه القواعد في إثيوبيا، التي كانت حليفًا للولايات المتحدة في حربها ضد منظمة الشباب الصومالية المتطرفة، بينما تقع أخرى في جزر سيشل المتاخمة لأفريقيا في المحيط الهندي بعد إجراء مهمة تجريبية أكدت أن الطائرات دون طيار قادرة على الوصول وشن هجمات فعالة على الصومال من هذه المسافة.
إضافة إلى قاعدة أخرى في دولة جيبوتي الصغيرة عند مفترق البحر الأحمر وخليج عدن، ومهبط سري في شبه الجزيرة العربية يمكن الولايات المتحدة من خلاله ارسال طائراتها فوق اليمن. ويأتي ذلك التوسع الحربي، جغرافيًا، كانعكاس للمخاوف الأميركية الواضحة من التنظيمات التابعة للقاعدة في الصومال واليمن، رغم ضعف قيادة القاعدة الرئيسية في باكستان بسبب العمليات الأميركية المستمرة ضدها. ومن المعروف أن واشنطن قد استخدمت الهجمات الجوية دون طيار في ست دول على الأقل هي أفغانستان والعراق وليبيا وباكستان والصومال واليمن.
وكشفت المفاوضات لنشر الطائرات في جزر سيشل عن الجهوذ المبذولة لتوسيع نطاق هذه الطائرات، حيث استقبلت الدولة الصغيرة، التي يسكنها 85 ألف شخص، أسطولا صغيرًا من طائرات "إم كيو 9 ريبر" التي تعمل دون طيار منذ أيلول 2009، وقامت مجموعة من القوات البحرية والجوية الأميركية بتشغيلها معلنين ان الهدف من وجود هذه الطائرات التصدي للقراصنة على امتداد الشواطىء الصومالية، لكن برقية سرية متسربة كشفت أنها قامت بدور في مكافحة الإرهاب في الصومال على بعد 800 ميلا من الشمال الغربي.
وذكرت البرقية أن الإدارة الأميركية طلبت من حكومة سيشل إبقاء أمر مهمات مكافحة الإرهاب سرًا، ولتهدئة المخاوف بين سكان الجزر أكد المسؤولون الأميركيون أن الطائرات لن يتم تسليحها، ولكن البرقيات المسربة كشفت أنهم كانوا يفكرون في تسليح الطائرات سرًا. وخلال لقاء مع رئيس سيشل جيمس ميتشل في 18 من أيلول 2009 قال دبلوماسيون أميركيون إن حكومة الولايات المتحدة طلبت من الرئيس منحها إذنًا بتسليح الطائرات الموجودة على أراضيه، مؤكدين أن هذا الطلب موجه للرئيس ميتشل بشكل شخصي وليس لأي شخص آخر. ليقول نائبه إلى الجانب الأميركي في مناسبة منفصلة إن الرئيس ليس "ضد التسليح فلسفيًا"، ولكنه أكد أن على الأميركيين التعامل مع الوضع بحذر وعدم إخراجه من حيز الرئيس نفسه، لأنه أمر حساس سياسيًا يجب التعامل معه "برعاية متحفظة بالغة".
ورفض ضابط الشؤون المعنوية في قيادة القوات الأميركية في أفريقيا جيمس ستوكمان التعليق بالنفي أو الإيجاب حول تسليح الطائرات في جزر سيشل نظرًا لسرية الوضع والمخاوف الأمنية التنفيذية، مشيرًا إلى أن الطائرات "إم كيو 9 ريبر" تصلح للاستخدام في كل من الاستطلاع والهجوم. وبينما رفض المتحدث باسم رئيس سيشل التعليق، خرج وزير الخارجية ونائب الرئيس السابق جان بول آدام لينفي وصول طلب للرئيس بتسليح الطائرات الأميركية الموجودة على أراضي البلاد، مؤكدا على ان الطائرات المتواجدة لأغراض الاستطلاع لمكافحة القرصنة لم تكن أبدًا مسلحة وفقًا للاتفاق بين الدولتين قبل نشر الطائرات، وهو الوضع الذي لم يتم تغييره في أي لحظة.
وتشير البرقيات الدبلوماسية إلى مخاوف المسؤولين الأميركيين من حساسية التصورات بتسليح الطائرات، لاسيما وأن الطائرات تضم معدات تبدو للعامة وكأنها أسلحة، وهي المخاوف التي تم السيطرة عليها بتنظيم يوم إعلامي خلال تشرين الثاني 2009، تم خلاله دعوة 30 صحافيًا ومسؤولا من سيشل إلى مطار صغير في العاصمة فيكتوريا لمعاينة إحدى الطائرات. وهو اليوم الذي أكد الدبلوماسي الأميركي كريغ وايت فيه أن سيشل قد دعت الجانب الأميركي للمشاركة في مواجهة القرصنة وأن هذا هو هدف المهمة، وأن كانت الطائرات ذات قدرات كثيرة ويمكن استخدامها في مهام مختلفة. والحقيقة أن برقية مسربة أخرى قالت إن الولايات المتحدة سعت للشفافية بإخبار حكومة سيشل إن الطائرات ستتوجه أيضًا إلى الصومال لدعم جهود مكافحة الإرهاب ولكن دون الحاجة لشن هجمات مباشرة.
وكشفت البرقيات عن الحجم الصغير للقاعدة الأميركية الموجودة على بعد حوالي ربع ميل من بوابة الركاب الرئيسي في المطار، والتي تضم ثلاث أو أربع طائرات فقط مع حوالي مائة شخص بين العسكريين والمتعاقدين. وقال ضابط الشؤون المعنوية ستوكمان إن الهجمات تمت بشكل مستمر حتى تم إيقافها خلال نيسان الماضي، قبل أن يتم إعادتها للعمل خلال الشهر الحالي. بينما أكد مسؤولون أميركيون إن الهدف من نشر الطائرات في القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية هو خلق دوائر متداخلة من المراقبة في المنطقة التي يتوقع نمو نشاط القاعدة فيها خلال الأعوام المقبلة، وأن النشر تم بشكل منطقي جغرافيًا معتمدًا على أماكن مجموعات الأهداف المحتملة.
وقال مسؤول آخر إن المناقشات حول نشر قاعدة طائرات في إثيوبيا مستمرة منذ حوالي أربعة أعوام، لكن تم تأجيلها لعدم استعداد الجانب الإثيوبي، قبل أن تصبح الدولة الأفريقية شريكة في الحرب ضد الإرهاب بسبب التهديد التي تشكله حركة الشباب في الصومال المجاورة على الأهداف الإثيوبية، مما أسفر عن تعاون كبير في مجال الاستطلاع والقدرات اللغوية، حيث يتم الاستعانة بمترجمين إثيوبيين لترجمة المكالمات والرسائل الإلكترونية الخاصة بجماعة الشباب التي يتم اعتراضها. كذلك يتم توظيف مخبرين إثيوبيين لجمع المعلومات عبر الحدود. وهو ما يعد اعترافًا واضحًا بأن هذه المنطقة هي منطقة الأحداث الساخنة في الوقت الحالي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك