النهار
ذكرت صحيفة "النهار" انه لا شيء يطغى على جلسات نقاش قيادة "الجماعة الاسلامية" وقواعدها أكثر من متابعة الاحداث في سوريا امام مشهد المتظاهرين ورد فعل القوى العسكرية والامنية.
وينتظر هذا الفريق، من بين فئات واسعة من الشارع الاسلامي السني اللبناني، لحظة سقوط نظام حزب البعث واطاحة الرئيس السوري بشار الاسد عن سدة الرئاسة في قصر المهاجرين في دمشق.
ولم يقف فرع "الاخوان المسلمين" في لبنان والمتمثل في "الجماعة" مكتوف الايدي ازاء ما يحدث في عدد من المدن السورية وأريافها، ومنذ الاسابيع الاولى لانطلاق شرارة الاعتصامات والمسيرات، أعلنت "الجماعة" موقفاً واضحاً رفضت فيه الواقع القائم في سوريا منذ نحو أربعة عقود. وسبقت "تيار المستقبل" في الدعوة الى نصرة الشعب السوري وايواء النازحين منهم الى بلدات في الشمال وطرابلس، على امل التخلص من النظام البعثي وآل الاسد وتصفية حسابات قديمة بين الطرفين.
وليس من المستغرب ان نشاهد ان تنظيم "الاخوان" مستنفر في البلدان العربية والعالم ويستغل هذه الفرصة لتغيير النظام في دمشق واستبداله.
وتتحرك قياداته بحرية لافتة في تركيا والاردن وبوتيرة اقل في لبنان لاعتبارات سياسية وطائفية تحكم ردّ اي فعل او نشاط في المناطق اللبنانية لنصرة الشعب السوري.
وليس خفياً ان قيادة "الجماعة" في لبنان على تنسيق يومي مع قيادات جناح "الاخوان المسلمين" في سوريا ولا سيما الذين يقيمون في الخارج لمتابعة اي تطور على الساحة الدمشقية. وتجمع تحليلاتهم لمسار الاحداث على ان لا عودة الى الوراء، وانه لا بد في النهاية من رفع اليد الامنية عن رقاب السوريين.
ويرفض القيادي في "الجماعة" عمر المصري اطلاق عبارة "المؤامرة" على ما يحدث في سوريا، معتبراً ان ما يحصل "ثورة شعبية حقيقية ضد الظلم والقهر والاستبداد".
ولا ينفي في الوقت نفسه ان ثمة قوى اقليمية ودولية تستغل الاحداث في سوريا وسواها من البلدان العربية التي شهدت ثورات.
وما ترتاح اليه "الجماعة" وتؤكده في مجالسها ان حاجز الخوف انكسر عند السوريين الذين يسعون الى تغيير النظام.
ومن هنا تدرس قيادتها كل خطوة بعناية فائقة في دعم هؤلاء فوق الاراضي اللبنانية، ولا تقصّر في ايواء النازحين السوريين في الشمال. وان مؤسساتها الصحية والاغاثية تدعم مئات العائلات، ولديها "عتب شديد" على وزارات الدولة ومؤسساتها، وقد جرى خلط العمل السياسي بالانساني على حساب النازحين.
وتكشف "الجماعة" ان ثمة شخصيات سورية معارضة من اتجاهات علمانية واسلامية تلاحقها عناصر أمنية غير رسمية، وان عدداً من هؤلاء جرى طردهم من منازلهم في الحمراء والضاحية الجنوبية، ومن بينهم سوريون بسطاء لا يوافقون على النهج السياسي في بلدهم.
ويقود هذا الكلام الى اعلان"الجماعة" ان "مجموعات حزبية لبنانية تابعة للنظام السوري تتحرك في اكثر من منطقة لبنانية وتضيّق على السوريين المعارضين".
وكان قد جرى التطرّق الى هذه النقطة في اللقاءات الشهرية التي تجمع قيادات "الجماعة" و"حزب الله"، ولا تحمل الاولى قيادة الحزب مسؤولية هذا الامر.
وعلى رغم البيان الذي اصدره المجتمعون من قيادتي الطرفين والذي يشدد على وحدة الصف الاسلامي ومنع الفتنة، فإنهما في جلساتهما يبديان رؤيتهما المختلفة والتي تصل الى حد التناقض حيال الحكم على النظام السوري وطريقة تعاطيه مع حركة الاحتجاج منذ اكثر من ستة أشهر.
ومن الامثلة على ذلك ان "الجماعة" لا توافق على مقولات من نوع ان مندسين ومسلحين يقومون بالاحتجاجات في سوريا، بل ان ثمة ثورة قائمة ولن تتراجع شأن ما حصل في تونس ومصر وليبيا.
وتخلص لقاءات الحزب و"الجماعة" الى تفهّم واقع كل طرف واقتناعاته.
ويؤكد المصري ان لا نية لدى القيادتين في الوصول الى قطيعة بين الطرفين. ولذلك ترى "الجماعة" ان لا فائدة من حرق علم الحزب وصور امينه العام السيد حسن نصر الله والعلم الايراني في طرابلس، وان حدوث هذا الامر في سوريا يتم بقرار من المتظاهرين وليس من قيادة "الاخوان المسلمين".
ويبقى ان "الجماعة" استقبلت باستغراب مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وردّت على الكلام الذي اطلقه اثناء زيارته الاخيرة للعاصمة الفرنسية.
وتنقل عن قيادات "الاخوان" في سوريا انها لم ترحب بما أعلنه البطريرك والتحذيرات التي اطلقها، وان تيارها يمثل حالاً مدنية وشعبية داخل سوريا وليس لديه اي مشكلات مع المسيحيين وهو يرفض التطرّف من اي جهة اتى.
وبعد كلام الراعي لا تؤيد "الجماعة" سياسة قفل الابواب مع القيادات الدينية والسياسية في البلد. ولا تمانع قيادتها في زيارة بكركي وشخصيات مسيحية على قاعدة استيضاح حقيقة مواقف البطريرك وخلفياتها.