أمس، كان يوما مارونياً بامتياز، على صعيد الانقسامات، فكما كان العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية يقاطعان أحياناً البطريرك مار نصرالله بطرس صفير نظراً لمواقفه، انتقل الدور الى الدكتور سمير جعجع ليصارع البطريرك الراعي من جونيه وينتقده دون ان يسميه، فيما كان بطريرك الموارنة يقوم بزيارة الى الجنوب ويجول في قراها.
غريب الأمر، ما كاد البطريرك الراعي يصرح عن خطر الاصوليات وبقاء سلاح حزب الله لحين تحرير مزارع شبعا حتى انقض عليه الدكتور سمير جعجع والبطريرك الراعي يزور الجنوب. الكلام كان واضحاً بالمضادات بين جعجع والبطريرك الماروني:
1ـ الدكتور سمير جعجع قال ان الخطر من الاصوليات لا يقابله حلف الاقليات، وتحدث عن رسالة المسيحيين وانهم بمبادئهم وتضحياتهم موجودون في هذا الشرق وليس بعددهم ومرفوض مبدأ حلف الاقليات.
2ـ البطريرك الراعي كان في زيارة للجنوب وقال كلاماً واضحاً: لولا دماء الشهداء الذين حرروا الجنوب لما كنا هنا نزور القرى الجنوبية.
تصريح البطريرك الراعي باعطاء الرئيس بشار الأسد فرصة للاصلاح، جعل الدكتور جعجع ينقض عليه قائلاً له: «من ضرب المسيحيين خلال الثلاثين سنة الماضية في لبنان غير السوريين وهجرهم واضطهدهم».
كان مهرجان شهداء القوات اللبنانية في جونيه تحت رعاية البطريرك صفير وكان عدد كبير من المطارنة، وراح الدكتور جعجع يصرخ وكأنه يريد أن يقول أن شيئاً لم يتغير في بكركي وان البطريرك صفير ليس من الماضي بل هو من الحاضر لذلك كان قداس القوات بحضور صفير وترؤسه الاحتفال.
كان كلام الدكتور جعجع رداً على كلام الراعي ورسائله الواضحة حول سوريا واتهامه الراعي بأنه يريد حلف اقليات فيما الواقع ان الراعي قال كلاماً واقعياً عن الشركة والمحبة اللتان تؤديان الى الاستقرار. أما بشأن سلاح المقاومة فان البطريرك الراعي قال بأن اميركا واسرائيل حاولتا خلال 33 يوماً في حرب تموز نزع السلاح ولم تتمكنا، والبطريرك الراعي مقتنع ببقاء السلاح كضمانة في الجنوب وليس في الداخل، وليس في لاسا ولا في الرويسات، كما قال جعجع بل إن الراعي يريد حل الأمور بالمحبة والشراكة ولا يمكن اتهام الراعي بأنه من أزلام حزب الله أو انه باع مبادىء الموارنة المسيحيين او الموارنة الذي تحدث عنهم جعجع، ذلك ان البطريرك الراعي أراد ان يستقر لبنان وأن يدعم رئيس الجمهورية. وعلى كل حال اصبح مركز البطريرك الراعي بعدما جمع الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع والنواب الموارنة اقوى مركز وطني وماروني وروحي في البلاد.
أما الدكتورجعجع فمن حقه أن يتحدث عن الاضطهاد الذي لحق به، وعن المفقودين وعن اضطهاد المسيحيين لكن ان يشكك بكلام الراعي كما فعل أمس في مهرجان جونيه، فيما لبنان يحتاج للاستقرار والراعي هو حالياً يرعى هذا الاستقرار فهذا امر مستغرب من قبل جعجع.
في المقابل، اتصلت الدوائر الفرنسية بالدوائر الأميركية وبالتحديد اتصل الرئيس الفرنسي ساركوزي بالرئيس اوباما ونصحه بعدم استقبال البطريرك الماروني وتبلغ الراعي ان الرئيس الاميركي لم يستقبله نظراً لتصريحاته بعد زيارته لفرنسا، تماماً كما كان يفعل الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون مع البطريرك صفير عندما كان لا يستقبله كي لا تغضب سوريا ولذلك قام البطريرك الراعي بالغاء زيارة واشنطن والقيام بزيارة الجاليات اللبنانية في الولايات المتحدة الاميركية.
وعلمت «الديار» ان كوادر مسيحية اجتمعت في بكركي واصرت على البطريرك الراعي ان يزور الولايات المتحدة الأميركية رغم ان اوباما لم يستقبله وان يتجاهل الرئيس اوباما باستمرار الزيارة الى الولايات المتحدة دون الاكتراث بموقف اوباما.
امس كانت مقارعة الدكتور جعجع من جونيه ضد البطريرك الراعي الموجود في الجنوب غير موفقة وفي غير محلها وكيف يمكن لوم البطريرك الراعي على مواقف اعلنها وتؤدي الى الاستقرار وهي من صلب القناعات المسيحية، وهل يريد جعجع ان يكون بطريرك البطاركة في لبنان كي يهاجم البطريرك الراعي والذي قال كلاماً روحياً ووطنياً عظيماً فكما قام جعجع بتحية شهداء القوات قام الراعي الماروني بتحية شهداء المقاومة في الجنوب قائلاً لهم: «لولا دماؤكم لما كنت قادراً على زيارة الجنوب وهي الجزء الغالي من أرض لبنان كما بقية الأجزاء».
في هذا الوقت، يتشكل محور وسطي يريد الاستقرار ويتألف من الرؤساء ميشال سليمان، ونبيه بري، وميقاتي والنائب جنبلاط والنائب سليمان فرنجية وطبعاً على رأسهم البطريرك الراعي فيما تستمر اطراف اخرى في التصعيد وضرب الاستقرار في لبنان من خلال تصريحات سياسية كيدية تضرب الاستقرار في حين أن المواطن يفتش عن لقمة عيش واستقرار كي يجد وظيفة له.
زيارة الراعي الى الجنوب
حشود شعبية استقبلت الراعي في كل محطات جولاته الجنوبية والذي بدأها في صور حيث سلمه رئىس بلدية صور حسن دبوق مفتاح المدينة فيما حيا الراعي الامام الصدر، بعدها زار الراعي احياء صور وقصد كنيسة سيدة البحار المسيحية وقد استقبل بالزعاريد وقرع اجراس الكنائس وترأس قداسا، ثم انتقل الى قانا وزار كنيسة البلدة ثم توجه الى المقبرة الجماعية في البلدة التي ضمت اضرحة 101 شهيد سقطوا خلال المجزرة الوحشية التي ارتكبتها اسرائيل عام 1996، وكان في استقباله وفود من أمل وحزب الله وحشود شعبية وحيا الراعي الجنوب وكل الشهداء الذين سقطوا على مذبح الوطن معرباً عن سعادته بوجوده في ارض الجنوب.
وقال: حماية لبنان وحرية شعبه لا تكون الا بالعيش المشترك بين الاسلام والمسيحيين ليس فقط في لبنان بل في الدول العربية.
وعاد الراعي بعدها الى صور حيث لبى دعوة السيدةرنده بري الى الغداء مع اتحاد بلديات منطقة صور ورحب خريس بالراعي الذي رد بالقول ثم استأنف جولته الجنوبية فقصد بلدة علما الشعب الواقعة عند تخوم منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة حيث اعد له رعايا البلدة استقبالا حاشدا، وفيها افتتح الراعي قاعة في كنيسة البلدة ن والقى كلمة امام مستقبليه قال فيها : إن هذه الزيارة رعوية ولكنها زيارة شكر وتقدير على صمود أهالي الجنوب، أنها زيارة تحية لكل التضحيات التي قدمتموها وعلى كل الألم الذي إحتملتموه، لقد اتيت كبطريرك إلى علما الشعب لاقول للناس .. لولاكم ولولا صمودكم ودماء الشهداء لما كنا معكم اليوم، ان هذه الزيارة هي للتفقد والسماع والرؤية .. وهي لنقول إننا معكم بتضامن كامل بشركة ومحبة روحية، ومن هنا احيي كل مكونات المجتمع اللبناني واقول أن لبنان حامل رسالة العيش.
وأثنى البطريرك الراعي على العلاقة بين أهالي الجنوب والقوات الدولية، وقال لقد أعطيتم القوات الدولية الحرارة وساعدتموهم أن يعيشوا بفرح بعدهم عن عائلاتهم وهذا نموذج العائلة اللبنانية، أننا نصلي من أجل السلام والإستقرار وإستقرار الجنوب.
ويواصل البطريرك الراعي زيارته اليوم وتُختتم بعد غد الاثنين، حيث يزور مناطق مرجعيون والخيام وحاصبيا، ثم يزور بلدة مغدوشة قرب صيدا حيث يقصد «سيدة المنطرة» والبازيليك فيها .
والى اميركا
اما في موضوع زيارة البطريرك الراعي الى الولايات المتحدة سيتم تعديل محطات الزيارة عبر الغاء محطة واشنطن واقتصارها على تفقد الرعايا، بعد أن تمسك البطريرك بمواقفه التي أطلقها في فرنسا امام السفيرة الاميركية كونيللي التي زارت الراعي منذ أيام وأكدت له ان تحديد مواعيد اللقاء مع الرئيس اوباما والمسؤولين الاميركيين يلزمه توضيحات من الراعي لكلامه في باريس وتحديداً عن حزب الله،وتقول المعلومات ان الراعي رد بالغاء محطة واشنطن من زيارته، ومن المحتمل أن يزور نيويورك ويلتقي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حيث تعمل شخصيات لبنانية على ترتيب موعد اللقاء الذي لم يحدد بعد. فيما قالت المعلومات ان النائب الاميركي من اصل لبناني راي لحود لم يتمكن من اقناع المسؤولين الاميركيين بلقاء اوباما مع الراعي بعد تصريحاته الاخير.
جعجع
أطلق رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع سلسلة مواقف في ذكرى شهداء القوات اللبنانية بحضور البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والقيادات المسيحية في 14 آذار ونواب المستقبل وقال جعجع: ستبقى أجراس كنائسنا تدق وأصواتنا تصدح ولكن دائماً بالحق والحقيقة، مهما كانت صعبة ومهما كان الثمن، لن نساير ولن نتلون، لن نستجدي لا أمنا ولا امانا ولا نخاف احداً ونعرف كيف نتدبر أمرنا، أما أن نعيش قيمنا ومبادئنا وقناعاتنا واما على الدنيا السلام.
وقال: ان التحالف الذي يدعو البعض اليه، ويسميه تحالف الاقليات ما هو بالفعل الا تحالف اقليات السلطة والمال والمصالح النفعية لأي طائفة او قومية وان اثارة المسألة بهذا الشكل هو في حقيقته تقزيم لدور المسيحيين التاريخي.
لن نقبل بأن نكون نحن المسيحيين شهود زورٍ على ما يحصل من ارتكابات بحقّ كلّ ما نؤمن به أصلاً، كما بحق الإنسانيّة... إنّ دورنا الطليعي يحتّم علينا ،عدم الانزلاق ، الى قمقم التقوقع الأقلّوي، الذي يحاول البعض استدراجنا اليه، من خلال هواجس، ليست محصورةً بالمسيحيين فحسب. أن نكون شهود زورٍ، أو في أحسن الأحوال متفرّجين، منكفئين، متراجعين أمام الربيع العربي ومخاضه، ذلك يعني تفشّي عقدة الأقلويّة في نفوسنا، وتحوّلنا من أقليّة عدديّة صاحبة رسالةٍ أكثريّة إنسانيّةٍ عالميّة، الى أقلويّة نفسيّة هامشيّة ترقد، في ذمّة الجغرافيا وخارج التاريخ».
واضاف: إنّ الخوف من التطرّف مبرّرٌ ومشروعٌ، ولكنّ هذا الخوف لا يبيحُ المحظورات، ولا يفترض انقلاباً جذريّاً، على كلّ القيم الإنسانيّة والمسيحيّة. إنّ التغلّب على التطرّف، لا يكون بتبرير ارتكاب مزيدٍ من الجرائم، على يد ديكتاتوريّات، شكّلت في الأساس، سبباً مباشراً لنشأة التطرّف.
وللخائفين من ظهور أنظمةٍ أكثر تشدّداً، نقول: أيّ تشدّدٍ أخطر من الذي شهدناه في لبنان على مدى ثلاثة عقودٍ، والذي أدّى الى قصم ظهر المسيحيين، وإحباطهم لعشرات السنوات؟
كيف يكون تشدّدٌ أخطر من الذي نشهده اليوم، كلّ يومٍ، في القرى والمدن السوريّة كلّها؟
المحكمة الدولية
الى ذلك أكد الناطق باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مارتن يوسف السعي الديبلوماسي لتذكير لبنان بالتزاماته الدولية، مؤكدا الثقة بوعود رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتسديد حصة لبنان من ميزانية المحكمة الدولية.
وقال ردا على سؤال عما هي الاجراءات القانونية الواجبة لتمديد عقد العمل بين السلطات اللبنانية والمحكمة الدولية ثلاثة اعوام جديدة مع انقضاء الاعوام الثلاثة الاولى في شباط 2012 ان «المحكمة ستتبع الاجراءات المتفق عليها بتقديم تقرير الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تفيد فيه بأن المحكمة تحتاج الى مزيد من الوقت لاكمال مهمتها، ثم يقوم الامين العام بدراسة التقرير والتشاور مع لبنان ومجلس الأمن الدولي قبل اتخاذ قراره.
وعما اذا كان عدم تمويل لبنان المحكمة سيعرضه الى عقوبات اقتصادية ومالية قال يوسف: بالنسبة الى مسألة التمويل، نحن واثقون في وعود رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتسديد حصة لبنان من ميزانية المحكمة. كما اننا لقينا تعاوناً من لبنان في السابق.
وعن موعد بدء المحاكمات الغيابية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري اعلن ان قرار بدء المحاكمات الغيابية يعود الى قضاة الدرجة الاولى في المحكمة الذين سينظرون في الاجراءات التي اتخذتها المحكمة حتى الآن وما اذا كانت كافية لذلك في حال لم يتم العثور على المتهمين. كما يحتاج فريق الدفاع الى فرصة لدراسة الأدلة التي سيقدمها الادعاء في قاعة المحكمة.
ولهذا لا نستطيع تحديد موعد بدء المحاكمات في الوقت الحاضر. وستعلن المحكمة عن هذا الموعد حين يأخذ القضاة قراراً بشأن ذلك.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك