أشهر قليلة مضت حتى الآن على انتخاب البطريرك بشارة الراعي لكنه استفاد من كل يوم فيها لإطلاق المزيد من المواقف والتصريحات المثيرة.
المعلومات المتوافرة عن الراعي تكشف عن سيرة ذاتية تدعو الى كثير من التقدير، فالرجل يملك من الكفاءات اللاهوتية والحقوقية ما يسمح له بأن يتبوأ أعلى المواقع في لبنان وفي خارجه.
ربما استناداً الى هذه الكفاءات وإلى الخبرة العملية والاحتكاك بالناس افترض الرجل أنه قادر على الخوض في السجال السياسي والسياسي الاستراتيجي، وهذا من حقه.
لكنه في مكان ما، على ما يقول منتقدوه، انزلق وهو "يحاول ملكاً" فالسياسة في لبنان كانت ولا تزال ملكية خاصة لزعماء الطوائف بالمعنى السياسي ولأمراء الإقطاعيات.
لم يكن البطريرك الراعي أول من "شرد" عن موقعه "الديني" إذ سبقه الى ذلك البطريرك المعوشي أواخر الخمسينيات ثم الكاردينال نصرالله بطرس صفير الذي كانت له مواقف سياسية مهمة.
لكن الراعي اختار توقيتاً مقلقاً وصياغة جارحة لإعلان حرصه على وجود المسيحيين والموارنة منهم بشكل خاص.
فالمجاهرة بالحرص هذا تفترض وتتطلّب الحياد أولاً، خصوصاً إذا كان النزاع قائماً بين أطياف إسلامية تشكل أكثرية ساحقة في هذه المنطقة.
وإلا.. لقام من قال له إن المارونية السياسية أوقعت بالأكثرية الإسلامية في لبنان خسائر كبيرة تستوجب منك الاعتذار منها وتستوجب منك بالتالي الاقتناع بأن اتفاق الطائف عدل بين الطوائف وساحات نفوذها.
الراعي خبير في الحق القانوني ولا يتوقع منه إلا أن يعطي كل ذي حق، حقه، فأين حقوق الأكثريات الديموقراطية؟
��nl0���t;text-align:right;background:#FCFAFA; direction:rtl;unicode-bidi:embed'>تسعيرة الدولة: «لسّه فاكر؟»
في 4 أيلول من عام 2010، أي منذ عام من الآن، أصبحت قضية اشتراكات مولدات الكهرباء مرهقة للمواطنين فعلاً. حينها، كان سعر الـ5 أمبير لـ236 ساعة شهرياً بين 50 و55 دولاراً بحسب المناطق. وفي يوم 4 أيلول، عقد وزير الطاقة والمياه جبران باسيل اجتماعاً موسعاً مع أصحاب «الموتورات» في وزارة الطاقة. أعلن باسيل أن شركات توزيع الكهرباء مخالفة للقانون، ولكنها في الوقت نفسه واقع لا مهرب منه في ظل التقنين السائد في جميع المناطق. وكانت وزارة الطاقة قد أعدّت دراسة، بنتيجتها، دعا باسيل أصحاب المولدات إلى بيع الـ5 أمبير لـ236 ساعة شهرياً بـ35 دولاراً. أصحاب المولدات رفضوا، وتمسكوا بسعر الـ50 دولاراً. فضّ الاجتماع «على زعل»، وعادت الفوضى إلى القطاع.
في الأشرفية، التي تدخل ضمن بيروت الإدارية، تنقطع الكهرباء 3 ساعات. ورغم منع الدولة لشركات توزيع الاشتراكات في هذه المنطقة، إلا أن أحد أصحاب محال التوزيع، الموجود والمعروف من الجميع، يوزع الاشتراكات: تنقطع الكهرباء 3 ساعات، يقول أحد العاملين في المحل. سعر الاشتراك الشهري لـ5 أمبير 30 دولاراً شهرياً. 30 دولاراً لـ3 ساعات يومياً. في آب كان السعر 25 دولاراً، ارتفع في أيلول «بسبب غلاء المازوت» (علماً بأن سعر الصفيحة ارتفع 500 ليرة فقط). في تشرين الأول سيرتفع السعر إلى 35 دولاراً. السبب: المازوت!
أمل التي تسكن في الأشرفية منذ سنوات «ضاق خلقها» من صاحب الموتور. «يرفع السعر كل شهر، ويهددنا في كل مرة: إذا ما بدكن بلاه هالاشتراك».
التهديد نفسه موجود في منطقة جعيتا؛ فرغم بعد المسافة بينها وبين الأشرفية، إلا أن المفردات المستخدمة لتذكير المواطنين بأنهم رهائن «الموتور» لا تتغيّر.
تقول رنا إنها تدفع 100 دولار شهرياً لصاحب «الموتور». لا تبذل رنا جهداً كبيراً لتذكّر أسعار الصيف الماضي: «في صيف 2010 كنا ندفع 75 دولاراً في تموز، وارتفع السعر تدريجاً ليصبح 80 دولاراً في آب». ورغم أن ساعات التقنين لم تتغير بين الصيفين (12 ساعة يومياً)، إلا أن الصيفية بدأت بـ85 دولاراً شهرياً، لترتفع إلى 90 دولاراً في آب، ووصلت إلى 100 دولار في أيلول. تستغرب رنا هذا السعر؛ «فمعدل الرواتب في المنطقة زهيد جداً، وقلة قليلة من الناس تتقاضى 1500 دولار شهرياً. هنا الناس يشحذون الكهرباء». وتقول: «أدفع 40 ألف شهرياً فاتورة الكهرباء للدولة، و100 دولار لصاحب المولد، الله ما قالها».
تفاوت في المنطقة نفسها
وإن كان التفاوت في السعر بين جعيتا والأشرفية يمكن أن يكون مرده، «لا نعلم صراحة»، فإن التفاوت في السعر بين موزع وآخر في المنطقة نفسها لأمر غريب عجيب! ليس من الصعب اكتشاف هذه «الظاهرة»؛ فكل موزّع «يدز» على زميله.
يقول أحد أصحاب المولدات في حارة حريك إنه يتقاضى 50 دولاراً على الـ5 أمبير في الأشهر العادية، إلا أن فصل الصيف يكون «فصل الذروة في ساعات التقنين». فهنا يمكن قلب المعادلة، ويكون السؤال: «كم ساعة بتجي الكهربا؟»، لا «كم ساعة بتنقطع». يشرح أنه خلال أيلول وصل سعر الاشتراك الشهري إلى 120 ألف ليرة، وكان في آب 110 آلاف ليرة، وقبله 100 ألف ليرة... إلا أن السعر سينخفض الشهر المقبل بسبب تراجع ساعات التقنين. يشرح الموزع أن زميله في المنطقة نفسها يتقاضى في كل الأشهر التسعيرة ذاتها، وهي 100 دولار. يرى أن زميله يستغل الناس. ولكن ألا يرى سعر الـ120 ألف ليرة استغلالاً أيضاً؟ الجواب: «كلا، فلبنان كله مافيات. ونحن نتعاطى مع مافيات المازوت. إنهم يرفعون الأسعار، نحن نخضع لمزاجيتهم».
قرب حارة حريك تقع منطقة البرج، 5 دقائق في السيارة تفصل بين المنطقتين، ولكن الفارق في سعر الاشتراك 20 ألف ليرة!
يتحدث أحد أصحاب محال توزيع اشتراكات «الموتور» قائلاً: «في آب كان السعر 100 ألف ليرة، وكذلك في أيلول. ومن الممكن أن نخفض السعر الشهر المقبل». قبل سؤاله عن سعره الغريب في منطقة شعبية سكانها بمعظمهم فقراء، يبادر بالقول: «نحنا أرخص شي، صاحب المحل المجاور يتقاضى 140 ألف ليرة، وأحياناً يصل السعر إلى 100 دولار، رغم أن ساعات التقنين هي نفسها: 16 ساعة».
إلى سد البوشرية در. يقول موزع الكهرباء هناك إن سعر الاشتراك «فصول»؛ فهو يرتفع في الصيف والشتاء، وينخفض في الربيع والخريف. ففي شهر آب سعر الاشتراك 100 دولار، كان في تموز 75 دولاراً، السبب بحسبه، ارتفاع ساعات التقنين ساعتين يومياً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك