عقد المطارنة الموارنة، اجتماعهم الشهري في بكركي، برئاسة البطريرك بشاره بطرس الراعي ، وبمشاركة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير والرؤساء العامين بدعوة خاصة وتدارسوا شؤونا كنسية ووطنية.
نص النداء
وفي ختام الاجتماع اصدروا نداء، جريا على عادتهم في كل سنة، تلاه مدير الدائرة الاعلامية في البطريركية المارونية المحامي وليد غياض، نص على الآتي:
"لقد اختار غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يوم انتخابه، شعار "شركة ومحبة" اليوم به مع مجلس البطاركة وهو يعمل منذ ذلك اليوم بالتشاور معهم على ترجمته عمليا على كل الصعد، وبكل الوسائل المتاحة فتحقق ما يلي:
اولا: على الصعيد الكنسي:
1- بعد تثبيت الشركة الكنسية مع قداسة البابا بندكتوس السادس عشر وترسيخ العلاقات مع مختلف دوائر الكرسي الرسولي تعززت الشركة مع الكنائس، في كاثوليكية وغير كاثوليكية عملا بتوصيات جمعية سينودس الاساقفة الخاصة بالشرق الاوسط، وبرسائل بطاركة الشرق الكاثوليك المتتالية خدمة للحضور المسيحي في هذا الشرق وعيشه والشهادة التي يجب ان يؤديها كل المعمدين في هذه المنطقة، من خلال تحقيقهم الوحدة التي صلى لاجلها السيد المسيح ليلة وداعه لتلاميذه: "ايها الاب القدوس، احفظهم باسمك الذي اعطيتني، حتى يكونوا واحدا فينا، مثلما انت في وانا فيك، فيؤمن العالم انك أرسلتني".
2- وترسخت هذه الشركة ضمن الكنيسة المارونية من خلال شد اواصر المحبة مع الاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين المنتشرين في كل العالم، وتم العمل على تقوية التواصل المستمر في ما بينهم بفضل تنظيم الهيكليات في الادارية في البطريركية واستعمال الوسائل العلمية والتقنية العصرية.
3- ودعا غبطته في زياراته الراعوية ابناءه، في القرى والبلديات والمدن، الى التعمق بشركتهم العمودية مع الثالوث الاقدس بانعاش ايمانهم بالاب الخالق الذي خلق الوجود بفعل محبة ازلي، وبترسيخ انتمائهم الى الابن واندماجهم في جسده السري، هو الذي رفع على الصليب بفعل محبة لا حدود لها كي "يرفع اليه كل احد"، وبفتح قلوبهم واذهانهم لانوار الروح القدس "روح الحق الذي يرشد الى الحق كله". كما يدعوهم غبطته الى توسيع شركتهم افقيا كي تشمل كل الناس بتلك المحبة التي تصفح عن كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء.
4- ولقيت الزيارات ترحيبا وطنيا عارما، وهي ستتواصل في لبنان وخارجه على النمط نفسه ان شاء الله بدءا من زيارة الابرشيتين المارونيتين في الولايات المتحدة الاميركية.
- ثانيا: على صعيد الحوار الاسلامي - المسيحي:
ان الوجود المسيحي في هذه المنطقة من العالم، لا يمكنه ان يستثمر ويحمل شهادته الا من خلال انفتاح الاديان على بعضها البعض على مستوى الحوار الروحي والحضاري معه، والعمل معا على خدمة الانسان ورفع شأنه والحفاظ على حقوقه، والسعي معا الى بناء مجتمعاتنا على القيم الروحية والانسانية المشتركة لادياننا ولا سيما قيم الحرية والعدالة والمساواة، والحياة البشرية وكرامة الانسان المخلوق على صورة الله ومثاله.
لذلك كانت الانطلاقة منذ البدء في الانفتاح على كل السلطات الدينية والتواصل الدائم معها. وعقدت حتى الان قمتان روحيتان، الاولى في الصرح البطريركي والثانية في دار الافتاء، وهناك سعي لعقد قمة روحية على صعيد منطقة الشرق الاوسط. عسى ان تفلح كل هذه المسائل في ارساء قواعد ثابتة للعمل المشترك، ووضع اسس راسخة للحوار الدائم الذي يجب ان يحكم علاقات اللبنانيين وكل ابناء المنطقة ببعضهم البعض.
- ثالثا: على الصعيد الوطني:
منذ نشأة المارونية، كان للبطاركة دور كبير في الحفاظ على الشعب وقيادته وتنظيم حياته الروحية والاجتماعية والوطنية. وقد اصبحت البطريركية شريكا اساسيا في تكوين الوطن اللبناني، أقله منذ امارة فخر الدين الثاني حتى انشاء لبنان الكبير، فالاستقلال، وحتى يومنا هذا. وما انفكت البطريركية تعمل على ترسيخ هذا الدور التاريخي وتسعى الى تفعيله أمينة لتاريخها، حاملة هم الوطن وجميع ابنائه، بل هم المنطقة المشرقية التي يرتبط مصير لبنان بمصيرها. ويؤلمها ما آلت اليه اوضاع الشعب اللبناني، ولا سيما المسيحيين من بينهم بسبب الحروب والتقاتل والاصطفافات السياسية مع المحاور الاقليمية والدولية، ولان غبطته مؤمن بان في الاتحاد القوة، فقد آل على نفسه منذ اليوم الاول لانتخابه، وانطلاقا من الثوابت الكنسية والوطنية، ان يدعو الجميع الى الحوار والتفاهم ورص الصفوف والخروج من منطق الحرب الى منطق السلم، والى تغليب روح الشركة والمحبة في علاقاتهم ومسؤولياتهم، فكان لقاء القادة الموارنة، ثم توسع هذا اللقاء ليشمل كل النواب الموارنة، كي يبحثوا معا في امور جوهرية تتعلق بمصيرهم ومصير الوطن حتى اذا توصلوا الى تكوين قناعات مشتركة، يطرحونها على شركائهم في الدولة والوطن.
ومن هذا المنطلق يبني غبطته تواصله الدائم مع المسؤولين الكبار في الدولة، من فخامة رئيس الجمهورية الى دولة رئيس مجلس النواب ودولة رئيس مجلس الوزراء ورؤساء الطوائف اللبنانية والاحزاب والتكتلات ومن ثم مع المرجعيات الدولية وزياراته الى الدول التي تربطها بلبنان علاقات تاريخية ولها اهتمامات بالاوضاع فيه وفي سائر بلدان المنطقة.
وقد كانت زيارته الاولى الى فرنسا تلبية لدعوة من رئيسها، احياء لتقليد عريق في العلاقات بين هذه الدولة الكبرى والبطريركية المارونية، مناسبة كي يتبادل الاراء مع المسؤولين الكبار فيها، وكي يشهد للحقيقة بجرأة وشجاعة، ويطالب الاسرة الدولية ان تتحمل مسؤوليتها في نشر العدالة والمساواة، ورفع الظلم عن الشعوب من خلال السهر على تطبيق قرارات مجلس الامن تطبيقا عادلا، والعمل على وقف الحروب واحلال السلام في المنطقة.
واننا لنأمل في هذه المرحلة من تاريخنا وتاريخ المنطقة ان تتحقق لجميع المواطنين الحرية والمساواة في الحقوق بالتعاون وبعيدا عن العنف، فيعيش المواطنون معا بالاعتدال وقبول الاخر كما تجمع عليه اديانهم".
خاتمة
وختم النداء: "ان الكنيسة المارونية تحمل منذ نشأتها مشعل الحرية والدفاع عن كرامة الانسان وحقوقه، وقد ضحى الموارنة عبر تاريخهم بالكثير الكثير كي يحافظوا على الوديعة الاثمن لديهم: الايمان والحرية. وكانوا دائما يستمدون القوة على الصمود من وحدة كلمتهم، والتفافهم حول بطريركهم والثقة بقيادته وحكمته. ونحن اليوم بأمس الحاجة للعودة الى هذا السلوك التاريخي، في هذه الظروف الصعبة التي تهدد وجودنا ودورنا ورسالتنا، كلبنانيين عامة ومسيحيين خاصة. فلنعد جميعا الى اصالتنا نحن اللبنانيين ولنشبك الايدي ولنجلس الى طاولة حوار اخوي صادق شفاف، نلقي فوقها هواجسنا وشكوكنا. ونجدد الثقة بعضنا ببعض فنقوى جميعا ويقوى بنا لبنان".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك