تنشط التكهنات في الآونة الأخيرة حول مستقبل المحكمة الدولية وتمويلها في عهد حكم "الأكثرية الجديدة"، وتكثر تمنيات البعض بأن تسقط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تحت وطأة استمرار رفض معظم الأفرقاء الأساسيين في هذه الحكومة لمبدأ تمويل المحكمة أو مجرد التعاطي معها، لا سيما بعد أن أثبتت التجربة بأنها محكمة مسيسة وهدفها الرئيسي إلغاء "حزب الله" كفريق سياسي وكمقاومة مشروعة وتجريده من سلاحه ومن محيطه، ويذهب بعض الأفرقاء بعيداً في الرهان على إمكانية أن يؤسس التباين داخل الحكومة الميقاتية حول موضوع التمويل إلى تفجيرها وتطيير رئيسها وإخلاء الساحة السياسية أمام تدخلات خارجية في الشأن الداخلي، وفي هذا المعنى تحديداً لا تتردد جهات أمنية لبنانية رفيعة المستوى في إعلان تخوفها من التعبئة المذهبية والطائفية التي بدأت تغذيها جهات خارجية وداخلية في محاولة منها لنقل ما يسمى بـ"الربيع العربي" إلى الشوارع الداخلية وإلى المؤسسات الأمنية.
ووسط هذه "الجلبة الأمنية" إذا صح التعبير والتي يتم التعاطي معها من قبل الأكثرية برويّة وحكمة للمحافظة على التعايش اللبناني- اللبناني لاسيما بين السنة والشيعة، فإن هذه الأكثرية وحسب مصدر مسؤول لن تسمح بأن يشكّل عهدها جسر عبور لأي خلافات مذهبية أو خروقات دولية مهما كانت خلفية مواقف أفرقائها من المواضيع الخلافية وعلى رأسها ملف تمويل "المحكمة الدولية"، وعليه فإنها ترى أن إعلان كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي في مجلس الأمن عدم تنصل لبنان من الإلتزامات الدولية هو موقف واضح وصريح يعبر عن رأي مطلقيه ولا يفرض التزامات على أحد، نظراً الى أن كل طرف أكثري أعطى رأيه في هذا الملف وعندما يحين الوقت المناسب سوف تتم معالجة موضوع "المحكمة" وفق آلية قانونية ومخرج يتفق عليه الجميع.
وأكد المصدر المسؤول بأن المعالجة لا يمكن ان تتم إلا وفق ثابتتين: واحدة "دستورية" تتعلق بإعادة النظر في موضوع شرعية المحكمة وأخرى "قانونية" تتعلق بإعادة فتح ملف شهود الزور بكافة متفرعاته، وبناء عليه تجري المشاورات لإيجاد اقتراحات وصيغ قانونية ملائمة "لإقرار تمويل المحكمة"، غير انه حتى اللحظة وعلى الرغم من كل ما تم تداوله لم يتم التوصل إلى صيغة نهائية حول الآلية التي سوف تتبع، والأمور ستبقى متروكة إلى حين يأتي الوقت المناسب، مضيفاً بأنه من المرجح ان يتم تأجيل البت في هذا الموضوع الى آذار المقبل لحسمه نهائياً.
وبحسب المصدر المعني ولزيادة التأكيد فإن الصورة النهائية حول المحكمة وما يتعلق بتمويلها وشرعيتها سوف تحسم وفق ايجاد "تخريجة" معينة تناسب اللبنانيين وتوصل الأمور الى الخواتيم المناسبة دون أن يتم احراج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أو أي من الأفرقاء المعنيين، مع الأخذ في الإعتبار أن "حزب الله" لا يمكن أن يتخلى عن مواقفه في هذا الخصوص وهي الرفض المطلق لهذه المحكمة وكل ما يتعلق بها "جملة وتفصيلا".
وختم المصدر قائلاً بأن الحكومة الميقاتية باقية...ولن تتأثر "بالمحكمة الدولية" أو بأي ملف خلافي آخر، وعلى من يراهن بأن الوضع في سوريا سوف يؤثر على الحكومة فإننا نطمئنهم بأن سوريا تجاوزت محنتها ونحن كأكثرية متفقين على أن تنجح هذه الحكومة في قلب "الصفحة الماضية" وتحقيق انجازات على كافة المستويات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك