رفض الوزير السابق محمد شطح اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" حول قانون الإنتخابات بأن تنتخب كل طائفة نوابها. وقارب أو يكاد في رؤيته للاسباب الموجبة الظروف والمعطيات التي يقدمها الارثوذكس لجهة حماية التعددية والتنوع واحترام خصائص الطوائف اللبنانية وحقها في الحصول على ضمانات، لكنه خلص الى الدعوة الى تطبيق المادة 22 من الدستور، او استحداث مجلس الشيوخ الذي طال انتظاره لكي يقدم الى المجتمعات اللبنانية "الضمانات" التي تبحث عنها.
وأعرب الوزير الشطح عن إعتقاده في حديث الى صحيفة "النهار" أن "المقاربات الاخيرة لملف قانون الانتخاب "تشيب شعر الرأس"، وخصوصاً مشروع "اللقاء الارثوذكسي" الذي اضطر البعض من القيادات الى مسايرته ولا يمكن صرفه". لكن رغم ذلك رأى أنه "لا بد من مناقشة الاسباب والمنطق والعوامل التي دفعت اصحاب المشروع الى طرحه، موضحا أنه "نوافق جميعاً على اننا متساوون في الحقوق والواجبات، لكن ثمة واقعاً لا يمكن تجاهله، وهو ان ثمة عقدا اجتماعيا بين الطوائف والمذاهب التي تشكل لبنان وقد اتفقنا على المناصفة في مجلسي الوزراء والنواب، لكن ذلك لا يلغي حقيقة اجتماعية قائمة بضرورة طمأنة الهواجس الطائفية في بلادنا، ومن المهم جداً عدم القفز فوق هذا الواقع وتجاهله لأن الرضوخ لرأي الاغلبية قد يعرض أموراً اساسية لدى بعض الطوائف الى خطر كبير مثل التعليم وقانون الاحوال الشخصية وغيرها. ما يؤدي الى ما لا تحمد عقباه".
وإنطلاقاً من تفهم الهواجس إعتبر أن "معنى الشراكة بين المجموعات اللبنانية يتحقق من خلال المناصفة والمساواة بينها وتأمين الحق لكل مجموعة أو "حق الفيتو" لمكونات التنوع اللبناني بالتصدي لأي غالبية تريد فرض رأيها على الاخرين ووقف ما تراه مجموعة لبنانية تهديداً لمصالحها ووجودها الثقافي والاجتماعي". ومضى في مقاربته ليصل الى "اقتراح انشاء مجلس الشيوخ على اساس طائفي ومذهبي، تماماً كما يدعو اليه الارثوذكس في موازاة العمل على انتخاب مجلس نواب على اساس لا طائفي، استناداً الى المادة 22 من الدستور، والتي تنص على "انتخاب اول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية".
وأوضح أن "مجلس الشيوخ الذي يدعو الى تشكيله وانتخابه، هو المدخل الطبيعي لتحرير مجلس النواب من التركيبة المذهبية التي تقيده وتدفع الناخبين في اتجاه خيارات عملانية وطنية لا طائفية عند صندوق الاقتراع، وهذا ما يحقق المساواة الكاملة بين اللبنانيين من خلال القضاء على المحاصصة السياسية، وتالياً الدفع في اتجاه دولة المواطنة. اما المكان الصحيح للطائفية السياسية، في رأيه، فهو مجلس الشيوخ الذي يتيح للطوائف والمذاهب القدرة على تثبيت الضمانات والاطمئنان الى ان وجه لبنان لن يتغير، من خلال اعطاء هذا المجلس صلاحية البحث والمناقشة واقرار الامور والقضايا المصيرية المطروحة على مستوى لبنان. وفي هذا المعنى فأن مجلس الشيوخ هو طائفي ومذهبي بأمتياز حيث تنتخب كل طائفة ممثليها او شيوخها الى مقاعده لكي يتولوا النقاش عنها وبأسمها في القضايا المهمة والمصيرية بما ينسجم مع تنوع المجتمع اللبناني وتعدديته".
وحول من يحدد لائحة الامور المهمة التي يتناولها مجلس الشيوخ، أجاب شطح معرفا: "إنها المعاهدات ومسائل الحرب والسلم والقوانين والمواضيع والقضايا التي تلامس الخطوط الطائفية بين اللبنانيين". وأوضح "يجب الكلام بصراحة من دون ضبابية في المواقف، لدينا تاريخ من الاشكالات والنقاشات في مسائل مختلفة ولا بد مما اسميه الوضوح التعاقدي في التعددية اللبنانية لتجنب المشكلات ويمكن القول ان مجلس الشيوخ يوفر للطوائف الحق في حماية الاساسيات الوطنية لديها".
ولا يتردد شطح في وصف مجلس الشيوخ بـ"فديرالية طوائف وهذا هو المنطق وهذا النظام الفديرالي على مستوى القرار الاعلى معتمد في دول كثيرة ويمكن ان يعالج الكثير من مشكلاتنا، ولقد ناقشته مع الكثيرين من القيادات والباحثين ولم اسمع اعتراضات جدية وعميقة. وبهذه الطريقة يمكن طمأنة اللبنانيين الى ان لا غلبة لفريق على آخر وان اي اكثرية لن تستطيع اخذ البلاد الى ما يخالف مبادئ العيش المشترك والمساواة والمواطنية الكاملة". وإستطرد مكرراً: "يجب تحرير مجلس النواب من تعقيدات المسألة الطائفية لكي ينصرف الى العمل المنتج بعيداً من الحساسيات الطائفية والمناكفات. وما ادعو اليه يمثل قمة التعبير اننا في بلد ديمقراطي حيث ننتخب نوابا لتمثيلنا كمواطنين افراد، ويمكننا ان ننتخب شيوخا (سيناتور) لتمثيلنا كجماعات طائفية ومذهبية، وهذا ما يؤمن حماية المواطن والطائفة والمذهب في آن معاً". ورأى أن "رئاسة مجلس الشيوخ يجب ان تكون لرئيس الجمهورية لا لهذه الطائفة او تلك، لانه الساهر على وحدة اللبنانيين والوطن وراعي المؤسسات، وتالياً فإن الشخص الافضل لترؤس هذا المجلس الفيديرالي الذي يملك حق النقض في مختلف القرارات التي تخل بالعيش المشترك والوحدة الوطنية والتوازن بين مكونات المجتمع اللبناني(...).
عملياً، وفي مقاربة الامور انه وبعد الاتفاق على انشاء مجلس الشيوخ واطلاق آلية انتخابه وعمله، يجب العمل وفي مرحلة لاحقة على الغاء الطائفية السياسية من مجلس النواب. عندها أعرب عن إعتقاده أنه "يمكن الدخول في موضوع النسبية على مستوى لبنان بعيداً من المحاصصة الطائفية. ويمكن حينها البحث في موضوع التقسيم الاداري للدوائر الانتخابية بعد طمأنة الطوائف الى حاضرها ومستقبلها ومعالجة هواجسها من خلال مجلس الشيوخ". ورأى أن "إنتخاب كل طائفة نوابها لن يؤدي الا الى عرقلة التطور المنشود نحو الاحزاب العلمانية"، لافتا الى انه "نحن نريد للمسيحيين ان يكون لهم رأي في النواب المسيحيين وفي غيرهم وانا مع صيغة تؤمن تمثيل اللبنانيين على مستوى الافراد والجماعات فما الضير من ذلك ونظام مجلس النواب والشيوخ يمكن ان يشكل حلاً لمشكلاتنا وطمأنة للطوائف".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك